
منذ أن بدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ حملته ضد الفساد، تمكن من إحكام سيطرته على الجيش الأكبر في العالم، بإقصاء جنرالات نافذين من الفصائل المنافسة واستبدالهم بحلفاء ومقربين يثق بولائهم له. إلا أن هذه الحملة لم تتوقف عند حدود خصومه، إذ يبدو أن الرئيس الصيني بدأ بملاحقة بعض من أقرب رجاله.
في الشهر الماضي، تعرض الأدميرال مياو هوا، أحد أبرز حلفاء شي والمكلف بتعزيز الولاء السياسي داخل الجيش، للإيقاف والتحقيق بتهم “انتهاكات خطيرة للانضباط”، وهي عبارة تُستخدم غالباً للإشارة إلى الفساد أو عدم الولاء.
يعد مياو أحد الشخصيات البارزة داخل لجنة القيادة المركزية العسكرية، وهي أعلى هيئة عسكرية في الصين يرأسها شي. يأتي سقوط مياو بعد سلسلة من الإقالات التي شملت وزراء دفاع سابقين وكبار القادة، مما يثير تساؤلات حول مدى ثقة شي بجنرالاته، الذين يُعول عليهم في قيادة الجيش خلال أي نزاع محتمل، مثل النزاع مع تايوان.
كان مياو مسؤولاً عن التعيينات والترقيات في الجيش، وهو دور يوفر فرصة واسعة للتربح غير المشروع. ومع ذلك، تشير بعض التحليلات إلى أن السبب قد لا يكون مجرد قضايا فساد، بل ربما خوف شي من أن يصبح مياو شخصية مؤثرة وقادرة على تشكيل فصيل داخلي.
في السنوات الأخيرة، صعد مياو إلى المناصب العليا بسرعة كبيرة، حيث كان يُعتبر من أكثر الأشخاص ولاءً لشي، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي تواجه القيادة الصينية، إذ يبدو أن الفساد متجذر حتى بين أكثر المقربين للرئيس.
مع استمرار الإقالات والتحقيقات، يتزايد القلق بشأن مدى استعداد الجيش الصيني للتعامل مع التحديات الجيوسياسية المتصاعدة. التحولات الداخلية تعكس حالة من عدم الاستقرار والشك المتزايد في صفوف القيادة، وهو ما قد يشكل خطراً على الطموحات العسكرية للصين.
ويرى المحللون في هذه الأحداث تكراراً لنمط شائع في الأنظمة الاستبدادية، حيث يبدأ القادة بملاحقة أقرب المقربين إليهم بعد القضاء على المنافسين التقليديين. هذا السيناريو يعيد إلى الأذهان تصرفات قادة مثل ماو تسي تونغ، الذي انقلب في أواخر حياته على حلفائه، خوفاً من أن يتحولوا إلى تهديد لسلطته المطلقة.
شي، الذي يسعى لتعزيز ولاء الجيش لحزبه، يجد نفسه في معركة مفتوحة ضد الفساد والولاءات المتباينة داخل الجيش. ومع تصاعد هذه الأزمة، يبدو أن الرئيس الصيني مستعد لمواصلة الحملة حتى يضمن أن القوات المسلحة “تبقى مطيعة تماماً وموثوقة تماماً”، كما صرح في أحد الاجتماعات الأخيرة.
هذه الأحداث تكشف عن تحديات متزايدة يواجهها شي جين بينغ، ليس فقط على الجبهة الخارجية، بل أيضاً داخل دائرته المقربة، مما يضيف أبعاداً جديدة لحكمه في مرحلة حرجة من تاريخ الصين.