الصحافة الأمريكية والقضاء الفلسطيني يتهمان اسرائيل بقتل الصحفية شيرين
قام النائب العام الفلسطيني المستشار أكرم الخطيب، الخميس 26 ماي الجاري، بتسليم الرئيس الفلسطيني محمود عباس التقرير الصادر عن النيابة العامة الفلسطينية، الخاص بالتحقيق في مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة التي قضت برصاصة في الرأس خلال عملية للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين للاجئين شمالي الضفة الغربية المحتلة قبل نحو أسبوعين.
وعقد النائب العام، مؤتمراً صحفيا في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، للحديث عن تفاصيل ملف التحقيق بمقتل أبو عاقلة، وذلك بحضور ممثلي وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية.
الجيش الإسرائيلي أطلق النار بشكل “متعمد” في تحقيق لشبكة أميركية
وكانت تقدمت شبكة “سي.إن.إن” الأمريكية، الثلاثاء الماضي، بتحقيق حصري عن دلائل جديدة تشير إلى مقتل الصحفية الفلسطينية-الأمريكية، شيرين أبو عاقلة، في هجوم متعمد من القوات الإسرائيلية.
واحتوى التحقيق خرائط توضيحية لمكان الحادثة وتصريحات ثمانية شهود عيان، من بينهم الصحفية شذى حنايشة زميلة أبو عاقلة التي كانت بجوارها يوم مقتلها، الأربعاء 11 ماي، في مدينة جنين بالضفة الغربية، والتي صرحت “أعتقد أنهم أرادوا قتلنا، لهذا السبب يطلقون النار، هم يعلمون أننا صحفيون”، مشيرة إلى أن إطلاق النار كان مستمرا حتى عندما كانت تحاول لمس جسدها “كانوا يطلقون النار علي أو حولي”.
الرصاص.. دليل حاسم
وجاء في تحقيق شبكة “سي إن إن” تحليل آثار الرصاص في الشجرة حيث اغتيلت أبو عاقلة، والتي اعتبرتها “دليلا حاسما” لأنها تثبت أن الضربات لم تكن عشوائية، وفق المحلل العسكري كريس كوب سميث الذي أوضح، أن إطلاق النار العشوائي لم يكن سيؤدي إلى إطلاق 3 أو 4 رصاصات في منطقة ضيقة ومن مسافة 200 متر.
وذكر محلل الطب الشرعي، روب ماير، أن صوت الرصاص هو دليل آخر في مسرح الجريمة يكشف عن المسافة التي أطلق منها المسلحون النار، وتقدر هذه المسافة ما بين 177 و197 متراً.
الجناة المحتملين في المنطقة
بيّنت اللقطات المصورة التي عرضتها “سي إن أن” عن مشهد ما قبل إطلاق النار من زوايا مختلفة في ضواحي مخيم جنين للاجئين بالقرب من دوار العودة الرئيسي، حيث تمركزت دوريات الجيش الإسرائيلي على الأرض قبالة موقع الصحفيين الذين كانوا يرتدون سترات زرقاء واقية كُتب عليها “صحافة”.
وأكدت لقطات كاميرات بزات الجنود الإسرائيليين ـ التي تم مشاركتها من العملية صباح ذلك اليوم ـ والخرائط التوضيحية وقوف نفس المركبات العسكرية في الشارع المواجه للأسفل باتجاه أبو عاقلة وزملائها،.
وتفند نفس اللقطات الرواية الإسرائيلية حول إطلاق مسلحين فلسطينيين النار على الصحفية أبو عاقلة لأنه لم تحدث أي مواجهات مسلحة بالقرب منها في اللحظات التي سبقت قتلها، وهو ما أكده شهود عيان.
وأظهرت مقاطع فيديو، تم تحميلها على تطبيق “تلغرام”، وجود جنود مسلحين في المنطقة المحيطة حيث قال أحد شهود العيان إن قناصاً أطلق النار عليهم من نافذة شاحنة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي.
وخلص تحقيق “سي إن إن” استنادا على ما سبق، إلى أن مركبات الجيش الإسرائيلي كانت تقع في المصدر والمكان الأقرب لإطلاق النار.
ويعتبر تحقيق شبكة “سي.إن.إن” هو ثاني تحقيق تقوم به منصة إعلامية إذ سبق أن نشرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية تحقيقا أثبتت من خلاله أن الرصاصة التي أودت بحياة الصحفية شيرين أبو عاقلة كان مصدرها بندقية جندي إسرائيلي. وهو ما يدعم تأكيدات السلطة الفلسطينية وزملاء الصحفية في قناة الجزيرة.
تحقيقات النيابة العامة الفلسطينية في ندوة صحفية
أبرز النائب العام الفلسطينيّ، المستشار أكرم الخطيب خلال مؤتمر صحافيّ عُقد في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، مساء الخميس المنصرم، أن التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة تثبت أن الصحفية شيرين أبو عاقلة قُتلت بشكل “مباشر ومتعمَّد من قبل الاحتلال”، وقال إن “خصائص الرصاصة تبين أنها من سلاح قناص إسرائيلي من مكان تمركز قوات الاحتلال”.
وذكر المستشار الخطيب أن قوة من جيش الاحتلال الإسرائيليّ، كانت تحظى برؤية واضحة ومباشرة لموقع وجود الصحفيين في الموقع التي قُتلت فيه شيرين قرب مخيم جنين، وقال: إن “قوات الاحتلال أطلقت النار بشكل مباشر على موقع الصحفيين في جنين بشكل مستمر”. وأضاف قائلاً أن “أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي أطلق الرصاص على شيرين وأصابها في الرأس أثناء محاولتها الهرب”، لافتاً إلى أن القوات الإسرائيلية استمرت بإطلاق النار باتجاه كل من حاول أن يساعد شيرين أبو عاقلة.
أبو عاقلة “كانت هدفا للقتل”
أصيبت الصحفية الفلسطينية أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الاميركية برصاصة قاتلة وهي ترتدي السترة الواقية التي تحمل عبارة “صحافة” إضافة الى الخوذة المخصصة للصحافيين.
وذكر النائب العام الفلسطيني أن “المقذوف الناري المستخدم الذي اصاب شيرين مقدمته جزء حديد ما يعني انه خارق للدروع وتبين انه من عيار 5.56m يحمل علامة وتطابقا مع سلاح قناص نصف آلي من نوع روجرز ام 40″، مضيفاً أن “مصدر إطلاق النار بشكل مباشر كان من تمركز قوى الاحتلال الاسرائيلي من مسافة 170 الى 180 مترا”.
ووعلمت إصابة أخرى مع شيرين أبو عاقلة زميلها في قناة الجزيرة الصحافي علي السمودي بجرح طفيف في الجهة العلوية من الكتف اليسرى، وأكد النائب العام أن الرصاصة التي أصابت شيرين وكذلك السمودي وثلاث رصاصات لا تزال آثارها في جذع شجرة قريبة، أطلقت من السلاح نفسه.
وأشار المستشار الخطيب إلى أن “اثار الرصاصات الثلاث المتواجدة في جذع الشجرة تتركز على ارتفاع 127- 178 سم، ما يدل على ان مطلق النار استهدف اصابة الاجزاء العلوية والقتل”.
وخلص الخطيب إلى أن “نوع المقذوف، السلاح، المسافة، حقيقة عدم وجود عوائق امام الرؤية، وانها كانت ترتدي سترة صحافة، يؤكد لنا انها كانت هدفا للقتل”.
“جريمة حرب”
شدد النائب العام الفلسطيني على أن “الوقائع تظهر توفر أركان جريمة حرب”، وقال أن “التحقيق سيكون حجر الأساس في ملاحقة المجرمين”.
وأشار النائب العام الفلسطيني إلى التحقيق في اغتيال شيرين أبو عاقلة “كان فلسطينياً بامتياز دون أية مشاركة خارجية”، وأضاف قائلاً: إن “الجانب الأمريكي كان يطلع على جانب من تحقيقاتنا ولكن لم يتدخل في إجراءاتنا”.
وبشأن عدم نشر الجانب الفلسطيني أي معلومات عن الرصاصة التي أصابت شيرين وأدت إلى مقتلها: قال النائب العام الفلسطيني: “قررنا ألا نعرض صورة الرصاصة التي قتلت شيرين لحرمان الاحتلال من التلاعب وتغيير روايته”.
” كذبة فاضحة” هو ردّ الإسرائيلي
علم أن أول رد على ما أعلنه النائب العام الفلسطيني، قال وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس ان “أي ادعاء بأن الجيش الإسرائيلي يسيء عمداً للصحافيين هو كذبة فاضحة”. واعتبر ان التحقيق الفلسطيني هو “تحقيق من جانب واحد”.
ونشر غانتس في تغريدة ثانية على “تويتر”: إن التحقيقات الأحادية الجانب ومحاولات توجيه الاتهام إلى جنود جيش الدفاع الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب، مع الترويج لتقديرات كاذبة مثل تلك التي نشرتها سي إن إن، تقوض إمكانية تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وتعزز الإرهاب في نهاية المطاف”.
وأبرز في تغريدة أخرى إلى أن الفلسطينيون رفضوا التعاون مع الإسرائيليين في التحقيقات بشأن مقتل أبو عاقلة، وقال “يرفض الفلسطينيون التعاون. حتى يومنا هذا، ما زلت أدعو السلطة الفلسطينية لتسليم الرصاصة والنتائج”، معرباً عن استعداد بلاده في إجراء تحقيق بالتعاون مع أطراف دولية.
وكان تحقيق إسرائيلي أولي اشار الى أنه من المستحيل ان يتم على الفور تحديد مصدر الرصاصة التي قتلت مراسلة قناة الجزيرة.
ترفض إسرائيل الدعوات لإجراء تحقيق دولي مؤكدة “جدية” الإجراءات القانونية الداخلية في حين ترفض السلطة الفلسطينية التعاون مع التحقيق الإسرائيلي.
ويُذكر أن تحقيق شبكة “سي.إن.إن” هو ثاني تحقيق تقوم به منصة إعلامية إذ سبق أن نشرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية عن تحقيق أثبتت من خلاله أن الرصاصة التي أودت بحياة الصحفية شيرين أبو عاقلة كان مصدرها بندقية جندي إسرائيلي. وهو ما يدعم تأكيدات السلطة الفلسطينية وزملاء الصحفية في قناة الجزيرة.