جنوب إفريقيا تحت وطأة أزمة مياه متفاقمة

ابو محمد
تواجه جنوب إفريقيا أزمة مياه حادة تطال جزءًا كبيرًا من أراضيها، إلا أن إلقاء اللوم على الجفاف والتغيرات المناخية وحده لا يكفي. فإلى جانب هذه العوامل الطبيعية، تبرز قضايا جوهرية أخرى، على رأسها سوء التدبير المزمن والبنيات التحتية المتهالكة التي تزيد من حدة الأزمة وتؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.
في مدينة جوهانسبرغ، القلب النابض لاقتصاد البلاد، كما هو الحال في العديد من المدن الأخرى، أصبح الانقطاع اليومي للمياه واقعًا مريرًا يقبله الكثيرون كجزء لا يتجزأ من حياتهم. وتتجلى الأزمة في صور مؤلمة لسكان يضطرون للتنقل حاملين القوارير بحثًا عن قطرة ماء من الصهاريج والآبار.
تعاني العديد من أحياء جوهانسبرغ من انقطاعات واسعة النطاق في المياه وتقلص حاد في ضغطها، مما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا ودعوات متزايدة لاتخاذ إجراءات عاجلة. كما أن خزانات المياه المتهالكة تسببت في حرمان ملايين الأشخاص من حقهم الدستوري في الحصول على المياه النظيفة.
وتتفاقم المشكلة بشكل ملحوظ بسبب تقادم مرافق معالجة المياه المستعملة وسوء إدارة البنيات التحتية القائمة. كما أدت سلسلة انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة إلى زيادة الضغط على شبكة المياه التي تعاني أصلًا من تهالك بنيتها التحتية وتسرباتها المستمرة.
إحباط متصاعد وغياب للحلول الفعالة:
بلغ الإحباط أوجه لدى سكان الأحياء الأكثر تضررًا، الذين خرجوا في مناسبات عديدة للاحتجاج على هذا الوضع الذي طال أمده. وتشمل هذه الأحياء مناطق مثل سويتو وأليكس وكليبتاون وكورونيشنفيل. وقد عبر السكان عن سأمهم من الاضطرار للاستيقاظ في منتصف الليل بحثًا عن الماء.
وقد دفع هذا الوضع المتردي بعض النواب البرلمانيين في المدينة إلى تقديم شكوى للجنة جنوب إفريقيا لحقوق الإنسان بشأن نقص المياه المزمن. ولم تسلم حتى المؤسسات العمومية والمستشفيات من تداعيات هذه الأزمة.
وفي ظل تفاقم الأزمة، تتردد حكومة جنوب إفريقيا في السماح للقطاع الخاص بالانخراط في إدارة قطاع المياه. وقد أدت المخاوف السياسية وبطء الإجراءات الإدارية والمصالح الخاصة إلى تهميش الحلول الفعالة المقترحة.
ويرى فريال آدم، المدير التنفيذي لمنظمة WaterCAN، أن الوضع يسير نحو الأسوأ بسبب غياب القيادة الفعالة من جانب مسؤولي المدينة. وشدد على أن “المشكلة الحقيقية تكمن في البنيات التحتية المتهالكة التي يجب إصلاحها واستبدالها بشكل عاجل”.
وتشير أرقام صادرة عن شركة جوهانسبرغ للمياه إلى أن 26.5% من مياه الشرب المعالجة تُفقد يوميًا بسبب التسربات وانفجار الأنابيب، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى تقادم البنية التحتية. وهذا يعني هدر 463 مليون لتر من مياه الشرب يوميًا لأسباب مادية بحتة.