
يُعد مستشفى بنصميم واحدًا من أبرز المعالم الصحية التي شهدها المغرب في القرن العشرين، حيث كان يُعتبر من أكبر المستشفيات المتخصصة في علاج الأمراض الصدرية والتنفسية على مستوى القارة الإفريقية. ورغم تاريخه العريق وأهميته الصحية، إلا أنه اليوم يقف شاهدًا على عقودٍ من الإهمال والنسيان بعدما أصبح مجرد بناية مهجورة تتآكلها عوامل الزمن.
● بداية القصة.. أجنبي وجد الشفاء فقرر بناء مستشفى ضخم
تعود قصة مستشفى بنصميم إلى أكثر من 65 عامًا، حين قرر أحد الأجانب الفرنسيين الاستقرار في منطقة بنصميم التابعة لإقليم أزرو، بعدما عانى من مرضٍ صدري استعصى علاجه في بلاده. وبفضل المناخ البارد والهادئ للمنطقة، تمكن من الشفاء ليُقرر بعد ذلك إنشاء هذا المستشفى سنة 1948، ليكون مركزًا لعلاج الأمراض الصدرية والتنفسية.
تميز المستشفى ببناية شاهقة مكونة من سبعة طوابق وبقدرة استيعابية تجاوزت 500 غرفة، كما زُوِّد بأحدث المعدات الطبية في ذلك الوقت، ما جعله وجهة علاجية استقطبت آلاف المرضى من داخل المغرب وخارجه بين عامي 1948 و1973.
● إغلاق غامض ومعلمة طبية طواها النسيان
رغم النجاح الكبير الذي عرفه المستشفى في استقبال المرضى وتقديم العلاجات، إلا أنه أُغلق فجأة سنة 1973 لأسباب لا تزال مجهولة حتى اليوم. ومنذ ذلك الحين، تحول المبنى إلى مجرد أطلال، حيث تعرضت نوافذه للتكسير وأبوابه للتهالك، بينما انتشرت النفايات داخله وتآكلت جدرانه التي أصبحت تحمل كتابات عشوائية من قِبَل قاصرين دخلوا المكان بعد سنواتٍ من إغلاقه.
يُعبر المهدي فخيم، وهو فاعل جمعوي بإقليم إفران، عن أسفه لما آل إليه وضع المستشفى، قائلًا:
“أصبحت هذه البناية التاريخية مجرد مكان لالتقاط الصور التذكارية، في حين أن المنطقة بأمسِّ الحاجة إلى مثل هذا المرفق الصحي.”
● مطالب بإعادة تأهيل المستشفى أو استغلاله في مشاريع تنموية
في ظل النقص الكبير الذي يعانيه إقليم إفران في المستشفيات والمستوصفات، يُطالب العديد من أبناء المنطقة بإعادة ترميم مستشفى بنصميم وإعادة تشغيله لتقديم الخدمات الطبية لساكنة المنطقة، التي تضطر للسفر إلى فاس أو مكناس من أجل تلقي العلاج.
طه رياضي، أحد أبناء المنطقة، يدعو إلى إيجاد حلٍ عاجلٍ لهذه المعلمة المهملة، مشيرًا إلى أنه حتى إن تعذّر استغلالها كمستشفى، فيمكن تحويلها إلى مشروعٍ سياحي أو استثماري يُسهم في تنمية المنطقة، خصوصًا أن المغرب يستعد لاستضافة تظاهرات عالمية خلال السنوات القادمة.
ورغم أن وزير الصحة السابق أكد في مراسلاتٍ رسمية أن المستشفى غير مؤهل لإعادة تقديم الخدمات الطبية، إلا أن تساؤلات كثيرة تظل مطروحة حول سبب الإهمال والتفريط في منشأةٍ بهذا الحجم، في وقتٍ يعاني فيه قطاع الصحة في المغرب من تحدياتٍ كبيرة.
● هل هناك أمل في إحياء المستشفى؟
مع تصاعد مطالب الساكنة والمجتمع المدني، يظل السؤال مطروحًا: هل ستتحرك الجهات المعنية لإنقاذ هذا المستشفى، أم سيظل مجرد ذكرى منسية وسط الإهمال والتهميش؟