يا سلام؛ كم أنت لذيذ وطري أيها الخروف، كثر الله أمثال من أنفق وجاد علينا بدبيحة سمينة في هذا البرد القارس وبطوننا تتلوى من الجوع، وقد عرف عنا البخل، وإذا ما وُجِدنا بمأدبة مدفوع حسابها مسبقا أكلنا ما على المائدة، من فوقها ومن تحتها، فلا نترك المشوي إلا هيكلا عظميا، لا فتات متناثرا، حتى لا يجد خاوي البطن ما يقتاته من ورائنا.
لقد أتخمنا معاليه؛ ورفعنا أكف الضارعة للسماء، بأن تحفظه من الزلل وأن تحميه من عثرات اللسان وأن تكون له السند في محنته وأن تكثر ماله.
ضحك معاليه وقال، لكم علي عند كل مساءلة قطيعا من الشواء، وما لذ وطاب تأكلون منه وتذخرون .
صفق أحدهم وتبعه الأكلة وخطب فيهم: إن معاليه صاحب فضائل على الجميع، سعى إلى الإصلاح، وضرب على خد كل متطاول، وأباح لكم كل ما هو حميمي من غير متابعة، وجعل شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل، والخلوة بالفنادق وفي المسابح لا رقيب عليها، وأدخل الفرحة على قلوب أبنائكم وجعلهم من أصحاب البدلة السوداء
وكسر أقلام الصحفيين وكمم أفواههم، وسن قانون المساءلة للمدونين و اللي دوا يرعف
وقال آخر عز علينا أن نرى الدمعة في عين معاليه، فمنذ المباراة المشؤومة نقص وزنه وامتقع لون وجهه ولم يعد ذلك الفنان صاحب المواهب، ولاكت سيرته الألسن، حتى أضحى حديث الساعة؛ ولم تعد له هيبة ولا وقارا، وهو من كان يرعد ويزبد مدافعا عن المستضعفين والغلابة، يوم كان جائعا ولاحول ولا قوة له، فكان يعارض مشاريع القوانين ومشروع الميزانية لكل سنة ويظهر نقائصها وعيوبها، ويقف في وجه المستبدين وينعثهم بأبشع النعوث وطالب من مسؤول بإرجاع 17 المليار المنهوبة، كان ثوريا حتى اعتبره الكثير من الناس، رجل القرن
كم طاولة كسرها حتى أن صراخه يكاد يهز القبة من فوقه ولما نبت ريشه وتقوت شوكته لم يتبع السرب بل حلق بعيدا وبمفدره يبني اوكارا هناك بدول ماراء البحر وخاصة بكندا وأخرى هنا..
فكلو من طيبات مارزقكم به معاليه، ولا تسألوا عن سكان الأطلس والغلابة ومن يبتون في العراء ومن غير طعام ممن يتضورون من شدة القر والجوع، وهنيئا لكم بوليمة وهيبكم والله يهب العقل والقناعة لمن يشاء. وتقبلوا جماعة البهاليل اعتذاري، وكان الله في عون الخروف.
…..