هل يعدٌ العدة لإقالتها؟.. أخنوش يطرد بنعلي من ملف الهيدروجين الأخضر بعد فشلها في تنزيل التوجيهات الملكية

في خطوة تعكس عدم رضا رئيس الحكومة عزيز أخنوش عن أداء وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، ترأس أخنوش اجتماع لجنة القيادة المكلفة بمشروع “عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر، دون حضور أو تمثيل للوزيرة، في إشارة واضحة إلى سحب الملف منها. جاء ذلك بعد سلسلة من التصريحات والقرارات التي بدت متناقضة مع التوجيهات الملكية الداعية إلى تسريع وتيرة الاستثمار في الطاقات المتجددة.
– تصريحات مثيرة للجدل وتداعيات خطيرة
أثارت بنعلي جدلًا واسعًا بعد تصريحها خلال لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، حيث أكدت أن الدولة لن تقدم دعمًا ماليًا لمشاريع الطاقات الجديدة، محملة القطاع الخاص وحده مسؤولية تحمل المخاطر المالية والتكنولوجية. هذا الموقف لم يثر استياء الفاعلين في المجال فحسب، بل أدى إلى أزمة داخل الحكومة، بعدما استغلته وسائل إعلام جزائرية وصفحات معادية للمغرب لتقديم صورة سلبية عن الاستراتيجية الطاقية للمملكة.
كما زادت الوزيرة من تعقيد الأمور خلال اجتماع برلماني يوم 22 يناير 2025، حينما صرحت بأن “عرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر قد يتوقف إذا لم يكن تنافسيًا بحلول عام 2030″، وهو ما اعتُبر تعبيرًا عن غياب رؤية استراتيجية واضحة لديها، خاصة أن هذا المشروع يُعد أحد الرهانات الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس في جلسة العمل الملكية بتاريخ 22 نونبر 2022.
– أخنوش يتحرك لحسم الملف
لم يتأخر رئيس الحكومة في اتخاذ خطوات حاسمة، حيث شهد الاجتماع الذي غابت عنه بنعلي انتقاء خمسة مستثمرين وطنيين ودوليين لإنجاز ستة مشاريع كبرى في الجهات الجنوبية الثلاث للمملكة، باستثمارات ضخمة بلغت حوالي 319 مليار درهم. تشمل هذه المشاريع إنتاج الأمونياك الأخضر، الوقود الاصطناعي، والفولاذ الأخضر، بمشاركة تحالفات عالمية من الولايات المتحدة، إسبانيا، ألمانيا، الإمارات، السعودية، والصين، ما يعكس استمرار ثقة المستثمرين في “عرض المغرب” رغم التذبذب السياسي داخل الحكومة.
كما أكد الاجتماع على استمرار مسطرة انتقاء المشاريع وفق “عرض المغرب”، بما يرسخ موقع المملكة كوجهة استثمارية رائدة في الطاقات المتجددة، ضمن رؤية استراتيجية محددة في منشور رئيس الحكومة بتاريخ 11 مارس 2024، والذي شدد على ضرورة تسريع تنفيذ هذه المشاريع بأقصى درجات الفعالية والشفافية.
– إقصاء بنعلي.. نفاد صبر الحكومة
يبدو أن إقصاء بنعلي من اجتماع لجنة القيادة للهيدروجين الأخضر يعكس نفاد صبر أخنوش تجاه أدائها المرتبك، خصوصًا بعد أن شكلت تصريحاتها تهديدًا مباشرًا للرؤية الملكية. فالمغرب، الذي يراهن على الطاقات المتجددة لتعزيز مكانته كقوة إقليمية، لا يمكنه أن يسمح بأن تظل مشاريعه الكبرى رهينة لسياسات غير محسوبة وتردد في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
ومن الواضح أن أخنوش، الذي يدرك أهمية هذا الملف وحساسيته، يعمل اليوم على تصحيح المسار وضمان تنفيذ التوجيهات الملكية بعيدًا عن العراقيل التي وضعتها الوزيرة. ومع دخول مشاريع الهيدروجين الأخضر مرحلة الحسم، يبدو أن الحكومة تتجه إلى قيادة هذا الورش برؤية أكثر صرامة وحزمًا، لضمان مكانة المغرب كأحد أبرز الفاعلين في مجال الطاقات المتجددة عالميًا.