بشير الراشدي.. تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع المدني

الرباط- سامية بوسمير(متدربة)
قال محمد بشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، “إن الهيئة تعتبر أن مساهمتها في الرقي بهذا البعد، لتطوير الشروط ولتعبئة مختلف الأطراف المعنية والتنسيق فيما بينها، جزءا أساسيا من سعيها للنهوض بالمهام المخولة لها بمقتضى القانون 46.19، خاصة منها المهام المتعلقة ببلورة وتقديم اقتراح التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، ومواكبتها بالآليات والتدابير الكفيلة بتنفيذها، وكذلك بالسهر على إعداد استراتيجية وطنية متكاملة للتنشئة التربوية والاجتماعية على قيم النزاهة، وكذا بوضع برامج للتواصل والتوعية والتحسيس من أجل نشر قيم النزاهة، والسهر على تنفيذها في إطار ترسيخ قيم المواطنة وثقافة الصالح العام.”
وأضاف الراشيدي، في ندوة نظمت بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي صباح اليوم الأربعاء بالرباط”أن استراتيجية التنشئة التربوية وبرامج التوعية تتوخى بناء مجتمع متماسك، واع ومُعَبإٍ، يستفيد من كل إمكانياته وطاقاته من أجل تحقيق التنمية المستدامة والدامجة، وهو ما لن يتأتَّى دون تفعيل المبدأ الدستوري القاضي بضرورة الانخراط الفعال للمواطنين في الأوراش المجتمعية والسياسات العمومية إعداداً وصياغةً وتقييما”.
و أكد رئيس الهيئة بضرورة الالتزام المواطن للفرد بالمشاركةَ في الحياة العامة والحياة السياسية والاستعداد الدائم وغير المشروط لخدمة الصالح العام بما يلزم من التجرد والحس الجماعي، فإن ترسيخه كممارسة فعلية يقتضي خلق بيئة ملائمة قوامها الثقة في المؤسسات وفي السياسات العمومية وعلى الخصوص فيما يتعلق بنزاهة وشفافية التدبير العمومي والحوكمة القائمة على مبدأ المسؤولية والمحاسبة.
وفي هذا السياق، أبرز الراشيدي “أن العديد من المؤشرات الوطنية والجهوية والدولية التي تُعْنَى بقياس الثقة في المؤسسات تؤكد أن هناك، ليس فقط، عجزا فيما يتعلق بمعدل هذه الثقة، بل هناك تراجع مستمر في مستواه، ويخص ذلك مختلف المؤسسات، عمومية وغير عمومية”.
ووعيا منها بأهمية عامل الثقة في إنجاح كل مشروع مجتمعي، أطلقت الهيئة دراسة باروميتر الثقة، سيتم إنجاز ونشر أول نسخة منه في نهاية النصف الأول من هذه السنة، على أن يتم تحيينه بكيفية دورية كل سنتين. يضيف رئيس الهيئة.
وأوضح أن الشباب هم الفئة الأقل ثقة في المؤسسات على اختلافها، والأكثر انتقادا للسياسات العمومية التي تعتبرها هذه الفئة غير جادة في مكافحة الفساد. كما أنه بالرغم من اهتزاز الثقة، فإن ما يناهز نصف المغاربة يعتقدون في قدرة المواطنين العاديين على التأثير على مكافحة الفساد، أي أنهم مستعدون للانخراط في هذه العملية للمشاركة أو لحمل السلطات على بذل جُهد أكبر. وهو ما يفرض علينا جميعا العمل على استعادة ثقة المواطنين في مؤسساتهم، مما سيساهم في تفعيل دورهم وقدرتهم على إنجاح الأوراش المجتمعية المتنوعة والتي يمثل فيها ورش مكافحة الفساد ورشا مركزيا ومهيكلا.
ومن هذه المنطلقات، تعتبر الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن البيئة الملائمة لتعزيز الالتزام، بما هو ممارسة واعية للمواطنين تستحضر في الوقت نفسه الحقوق التي يكفلها الدستور والقوانين المتفرعة عنها، وواجباتهم تجاه المجتمع ومؤسساته، تقتضي وجود عنصرين أساسيين متكاملين، وقادرين على خلق وإسناد المحفزات التي تعزز المشاركة الفعالة للمواطنين بمشهد سياسي قائم على التنافس النزيه يُفْضي إلى إفراز مؤسسات تمثيلية قوية تعمل على تفعيل البرامج التنموية التي تعهدت بها أمام المواطنين والتي من شأنها أن تغطية حاجياتهم وانتظاراتهم المشروعة لضمان الازدهار والعيش الكريم للجميع.
وإن مشهدا سياسيا بهذه المواصفات لن يتحقق دون تخليق الممارسة السياسة في مختلف جوانبها ومراحلها حتى تكون محكومة فقط بالسعي لخدمة المصلحة العامة.
وهو الامر الذي دفع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، منذ تقييمها الأول للاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد في 2019، إلى المطالبة بأن تتدارك هذه الأخيرة النقص المثير في هذا الجانب من خلال وضع وتنفيذ برامج وإجراءات لمكافحة الفساد السياسي والانتخابي.
أيضا، يشير الراشدي إلى تحسيس المواطنين بدورهم في بناء مجتمع المستقبل، وما يستوجب ذلك من مسؤولية وتعبئة للتصدي للمخاطر التي تعيق هذا البناء، وعلى رأسها التصدي لمخاطر الفساد والحد من تأثيره السلبي على بناء مجتمع متماسك ومستقر.
وقال، الراشدي، “إن كلا من الهيئة والمجلس مؤسستان منخرطتان بحكم المهام المنوطة بهما في خلق دينامية مجتمعية لتعبئة الطاقات التي تزخر بها بلادنا للمساهمة في تحقيق التنمية. وفي هذا السياق ما فتئت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تؤكد على أهمية العمل مع هيئات المجتمع المدني في المبادرات التي تتقاطع مع مهامها ومنهجية اشتغالها، كما تعمل على وضع اللمسات الأخيرة لإطلاق استراتيجيتها في التواصل والتوعية والتعبئة من أجل التفاعل مع المواطنين وكذا مختلف مكونات المجتمع. “
وأفاد رئيس الهيئة، أن المجلس جعل من “إعطاء الكلمة والانصات للمواطنات والمواطنين، وتمكينهم من التفاعل والمشاركة في النقاش وتقديم آرائهم واقتراحاتهم في مجالات تعد في صلب اهتماماتهم والتي يخصص المجلس للمواضيع المرتبطة بها دراسات ونقاشات موسعة، في إطار مهامه واختصاصه ومقاربته المبنية على تعبئة الذكاء الجماعي، وذلك من أجل تنوير السياسات العمومية والمساهمة في الإعمال الفعلي للديمقراطية التشاركية”.
وبهذا فإن المؤسستين تَحْذُوهما الرغبة نفسها في النهوض بدور المواطنين، أفرادا أو جماعات في هيئات المجتمع المدني، في بلورة القرارات العمومية وفي تجويد السياسات العمومية، وتوجيهها لتحقيق التنمية على أُسسِ ومبادئِ النزاهة والشفافية والمسؤولية.