أخبارإفريقياتقارير وملفات

تداعيات الحرب في أوكرانيا..البنك الإفريقي وخطة السيادة الغذائية لافريقيا

مع تصاعد الأزمة الناجمة عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، تشهد السوق الدولية ارتفاعا مضطردا في أسعار المواد الغذائية عبر العالم، ويتوقع الخبراء حدوث أزمة دولية خانقة في الإمدادات الغذائية في حال لم تتوقف المعارك بشكل فوري، فيما حذرت الأمم المتحدة من أن البلدان الأفريقية ستكون من بين أكثر البلدان تضرراً. 

ففي غضون الأسبوع الثاني من شهر  مارس الحالي، ارتفعت أسعار القمح بأكثر من 40٪ ، وأسعار الذرة بنحو 30٪، وأسعار فول الصويا بأكثر من 25٪، خاصة بعد القرار الذي اتخذته الحكومة الأوكرانية في 9 مارس بحظر تصدير القمح والشوفان والمحاصيل الأساسية الأخرى من أجل حماية السوق الوطنية، بينما أدى تصعيد العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الدول الغربية إلى تخويف العديد من مشتري المنتجات الروسية، حيث تحجم البنوك عن تمويل التجارة في المواد المستوردة من روسيا.

وينتج البلدان معًا أكثر من ربع صادرات القمح العالمية، وحذرت الأمم المتحدة من أن تكلفة الغذاء المرتفعة بالفعل قد ترتفع من جديد بنسبة 22٪ أخرى، إذا أدت الحرب إلى شل التجارة وخفض مستوى الإنتاج في الشهور المقبلة.

نيران الحرب في أوكرانيا تشعل أسعار الخبز في أفريقيا

في السنغال، البلد الذي يستورد نصف احتياجاته من القمح من روسيا، لا صوت يعلو فوق انشغال المستهلكين بارتفاع سعر الخبز، إذ على الرغم من سعي الحكومة إلى تحديد سعر الرغيف الفرنسي منذ سنوات ليبلغ سعر 175 فرنك أفريقي (0.27 يورو) ، إلا أن رئيس اتحاد أرباب المخابز في السنغال، أمادو غاي، توقع وصول سعره إلى 500 فرنك أفريقي (0.76 يورو) إذا استمرت الحرب في أوكرانيا.

 يحدث هذا في الوقت الذي شهدت أسعار الخبز في الكاميرون ارتفاعا واضحا، ففي غضون أيام قليلة سجل سعر 200 جرام من الرغيف الفرنسي – الأكثر استهلاكًا –  ارتفاعا واضحا من 125 إلى 150 فرنك أفريقي (حوالي 0.23 يورو)، وارتفع سعر كيس الدقيق من سعة 50 كجم في السوق المحلية بمقدار 5000 فرنك أفريقي (حوالي 7.62 يورو)، علما أن الكاميرون الواقعة في وسط إفريقيا تستورد 35٪ من قمحها من روسيا.

وتواجه إفريقيا بشكل خاص مستقبلا غذائيا صعبا في حال لم تتوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فالقارة السمراء استوردت وحدها 6.9 مليار دولار من المنتجات الزراعية من البلدين في عام 2020، بينما كان حوالي 283 مليون شخص يعانون بالفعل من الجوع قبل بدء الحرب بحسب تصريح نقلته مجلة لوبوان الفرنسية عن رئيس بنك التنمية الأفريقي أكينوومي أديسينا.

هل تحقق إفريقيا اكتفاءها الذاتي من القمح ؟

بالنسبة لبنك التنمية الإفريقي، الذي عقد منذ أيام قليلة منتداه الاستثماري الأكبر في القارة، فإن خلاص أفريقيا لن يتأتى إلا عن طريق اكتسابها القدرة على ضمان سيادتها الغذائية، ولذلك فقد أعلنت إدارة البنك عن وضع خطة سريعة بقيمة مليار دولار لتعزيز إنتاج القمح في أفريقيا للحد من نقص الغذاء، وهو الإجراء الذي يأتي في أعقاب عامين من التعبئة المتواصلة لمواجهة آثار جائحة كوفيد-19.

وتروم الخطة إلى زيادة إنتاج القمح والأرز وفول الصويا ومحاصيل أخرى لإطعام حوالي 200 مليون أفريقي، وللوصول إلى هذا الهدف يسعى البنك الأفريقي للتنمية إلى جمع الأموال لمساعدة 40 مليون مزارع على استخدام التكنولوجيات القادرة على الصمود أمام تغير المناخ وزيادة إنتاجهم من أصناف القمح المقاومة للحرارة.

ومن المتوقع أن يتم عقد اجتماع لوزراء المالية والزراعة في القارة لمناقشة أفضل السبل لتمويل هذه الخطة، بحسب ما أكده الاقتصادي النيجيري أكينوومي أديسينا الرئيس الحالي للبنك الإفريقي للتنمية: “سنضاعف جهودنا لجمع هذه الأموال” و “إذا كان هناك وقت نحتاج فيه حقًا إلى زيادة إنتاج الغذاء في إفريقيا بشكل كبير ، من أجل الأمن الغذائي وللتخفيف من تأثير أزمة الغذاء الناجمة عن هذه الحرب ، فهو الآن “.

ويراهن البنك الإفريقي للتنمية على خلق تجارب تحاكي النموذج الإثيوبي، حيث مكنت الأساليب الجديدة التي اتبعتها السلطات الفلاحية في إثيوبيا من زيادة إنتاج القمح بكميات وفيرة  تأمل أديس ابابا من خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي من إمدادات الحبوب في غضون ثلاث سنوات وفقًا لرئيس البنك الذي أكد بأن إثيوبيا قد تكون قادرة بعد هذه المدة على تصدير فائض إنتاجها إلى دول مثل مصر ، أكبر مستورد للقمح في العالم.

آليات مبتكرة لتحفيز الاستثمار في المجال الزراعي

تعد الزراعة الدعامة الأساسية لاقتصاد إفريقيا، حيث تساهم بنسبة 23٪ من الناتج المحلي الإجمالي و 49٪ من الوظائف لكن جائحة كوفيد 19 شكلت ضغطا على أنظمة الغذاء الأفريقية والاقتصادات بشكل عام، ويسلط تقرير صادر عن المنظمة غير الحكومية الأمريكية هايفر إنترناشونال، نُشر في غشت 2021 ، الضوء على الحاجة إلى مزيد من الاستثمار لتحفيز الوصول إلى الابتكارات من أجل تشجيع الأفارقة، وخاصة الشباب، على الانخراط في المجهود الزراعي.

و خلص التقرير الاستقصائي الذي أصدرته هايفر أنترناشونال إلى أن العديد من رواد الأعمال يطورون بالفعل أدوات وخدمات مفيدة في مجال التكنولوجيا الزراعية للمزارعين الصغار ومتوسطي الحجم في القارة،  باستخدامهم لتقنيات الذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بعد وبرامج المعلومات الجغرافية والواقع الافتراضي والطائرات بدون طيار وواجهات برمجة التطبيقات وغيرها من التقنيات لتعزيز الإنتاجية والأرباح الزراعية.

وحصلت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية على تمويل بلغ 60 مليون دولار في عام 2020، وهو ما يمثل 8.6٪ من إجمالي التمويل الذي حصلت عليه الشركات التكنولوجية الناشئة في القارة في العام الماضي، وفقًا لموقع ديسرابت أفريكا، وهو موقع إلكتروني يوفر بيانات عن تمويل الشركات الناشئة.

مصادر التقرير الإخباري: لوبوان الفرنسية، لوماتان المغربية، موقع ديسرابت أفريكا، ويكيبيديا.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button