ليبيا تُفشل مبادرة الجزائر لعزل المغرب.. نكسة دبلوماسية في مغرب عربي منقسم

تواجه المبادرة الجزائرية لعقد قمة ثلاثية مغاربية مصغرة تضم الجزائر وتونس وليبيا، استبعادًا للمغرب وموريتانيا، خطر الفشل التام بسبب رفض متزايد من المؤسسات السياسية الليبية، وعلى رأسها المجلس الأعلى للدولة.
وكشفت مصادر دبلوماسية ليبية أن الجزائر كثفت جهودها خلال الأشهر الأخيرة لعقد هذه القمة في طرابلس، سعيًا لتشكيل تكتل إقليمي جديد يستثني الرباط ونواكشوط. واعتبر مراقبون ليبيون هذه الخطوة محاولة “مكشوفة” لإقصاء المغرب من محيطه الجيوسياسي وإعادة رسم المشهد الإقليمي وفق رؤية جزائرية “أحادية”.
ورغم وصول التحضيرات لمراحل متقدمة، خاصة بعد اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث على هامش القمة العربية الاستثنائية في القاهرة، بدأ الموقف الليبي الرسمي يتخذ منحى مغايرًا. فقد أبدى المجلس الأعلى للدولة رفضه للمبادرة، معتبرًا إياها تحركًا “انفراديًا” لا يعكس الإجماع الوطني الليبي ويتعارض مع خارطة الطريق الأممية لتوحيد المؤسسات وتنظيم انتخابات نزيهة.
ويرى محللون أن هذا الموقف الليبي نابع من حرص طرابلس على الحفاظ على وحدة المغرب العربي كمشروع استراتيجي “شامل” لا يمكن اختزاله في تكتلات “ظرفية” تستثني أطرافًا فاعلة كالمغرب. كما تنظر أوساط ليبية إلى المبادرة الجزائرية كجزء من محاولات متكررة لإعادة صياغة التوازنات الإقليمية، في وقت يلعب فيه المغرب دورًا “محوريًا” في الملف الليبي عبر رعايته لجولات الحوار بين الأطراف المتنازعة في بوزنيقة، والتي حظيت بدعم إقليمي ودولي واسع.
وجدد المجلس الأعلى للدولة تمسكه باتحاد المغرب العربي كإطار مؤسساتي “جامع”، داعيًا إلى إحيائه وتفعيله ليشمل الدول الخمس، كبديل عن المقاربات “الإقصائية” التي تهدد وحدة المنطقة.
في المقابل، أشارت مصادر تونسية إلى استمرار التنسيق بين تونس والجزائر بشأن عقد القمة، إلا أن هذه الجهود تصطدم بموقف ليبي “ثابت ورافض”. وصرح رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، بأن “العقبات الحقيقية لا تكمن في الموقف التونسي أو الجزائري، بل في الانقسام الداخلي الليبي ووجود تيارات ترى في هذه المبادرة تجاوزًا لمسار الانتقال السياسي”.
ويتزامن هذا الإخفاق مع تحديات متصاعدة تواجه الجزائر على صعيد علاقاتها الإقليمية، خاصة في منطقة الساحل، حيث تدهورت علاقاتها مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مما يعمق من “عزلتها” السياسية ويضعف قدرتها على قيادة أي مشروع إقليمي واسع النطاق.
وفي الختام، يبدو أن المبادرة الجزائرية التي تم الترويج لها كخطوة “استراتيجية” لإعادة رسم الخارطة المغاربية، قد تحولت إلى أزمة دبلوماسية جديدة، تبرز محدودية التحركات الجزائرية في مواجهة رؤية مغربية أكثر “واقعية” تقوم على الحوار والانفتاح واحتضان جميع الأطراف الإقليمية.