الحصون المغربية-البرتغالية صلة وصل وتلاقح حضاري
دشن مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي-البرتغالي احتفاليته المعتادة بافتتاح معرض تفسيري للحصون المغربية-البرتغالية بالمغرب، الثلاثاء 26 أبريل 2022 بالمركب الثقافي عبد الحق القادري لمؤسسة عبد الواحد القادري. وتأتي هذه الاحتفالية في إطار فعاليات شهر التــراث الذي يحتفي به قطاع الثقافة بوزارة الشباب والثقافة والتواصل من 18 أبريل إلى 18 ماي من كل سنة،ويقام المعرض بتعاون مع المؤسسة المذكورة من 26 أبريل إلى 11 ماي 2022.
وسينتقل المعرض، المكون من لوحات تفسيرية وصور فتوغرافية، إلى مدينة أزمور وبعض المؤسسات التعليمية بإقليم الجديدة.
وأمام حضور تشكل من أساتذة وفاعلين جمعويين وطلبة، قدم مدير المركز أبوالقاسم الشـــبري (Aboulkacem CHEBRI) شروحات ضافية عن الوجود البرتغالي بالمغرب وحيثياته ومساراته عبر شواطئ المغرب المتوسطية والأطلسية، من سبتة إلى بوجدور، من احتلال سبتة في غشت 1415 إلى تحرير مازغان عام 1769.
وقد ركز على مخلفات هذا الوجود من خلال المآثر العمرانية بمختلف المدن المحتلة، موضحا أن البرتغاليين دخلوا مدنا مغربية قديمة، فعملوا فقط على إضافة بعض المعالم إليها أو تغيير بعض آخر، مشيرا إلى أن القلعة البرتغالية بالجديدة وقصر البحر بأسفي وقصبة سانتا كروز بأكادير هي المعالم المتفردة التي تشكل بناءا برتغاليا محضا، عكس باقي المدن الأخرى المحتلة.
ولم يفت الباحث أن يذكر بالوجود المغربي، المغاربي بالبرتغال زمن الخلافة الإسلامية بالأندلس، حيث كان للإمبراطورية المغاربية، المرابطية والموحدية بالخصوص، حضور ميداني قوي بأجزاء واسعة من الأندلس، بالبرتغال كما بإسبانيا. وهذا ما تشهد عليه المآثر العمرانية التي تعتبر جزءا من الخريطة التراثية للبلدين الإبيريين، وكذا ما يسمى “الحي المغربي” بكثير من مدن البرتغال اليوم.
وهذا الوجود المغربي بالأندلس والاحتلال البرتغالي لشواطئ المغرب، يضيف السيد الشــبري، هو ما خلف لنا أيضا تراثا لا ماديا غنيا يتمظهر من خلال أسماء الأعلام الجغرافية والبشرية، وفي اللغة وبعض العادات والممارسات والفنون والتقنيات وأدوات الإنتاج، سواء في الطبخ أو النسيج أو في الأشغال الفلاحية والصيد البحري. وفي هذا إلإطار، ذكر الباحث بما يسمى ظاهرة “البرتقيز” في المغرب وظاهرة “الموروش” في البرتغال، حيث كل طرف ينسب إلى الآخر كل بناء عظيم أو مجهول المنشئ في بلده، دون أن يكون بالضرورة مغربيا في البرتغال أو برتغاليا في المغرب. والظاهرتين معا تشكلان جزءا من الذاكرة الجماعية للشعبين بفعل تلاقح حضارتين قويتين، تصادمتا عسكريا، لكنهما تلاقحتا أيضا في تأثير وتأثر مثمرَين ساهما، بين القرن الثامن والقرن الثامن عشر، في بناء صرح حضارة البحر المتوسط. وإلى هذه المؤثرات والتأثيرات الثقافية، الإثنولوجية، المتبادلة، شدد الباحث الشــبري على اختلاط دماء المغاربة والبرتغاليين على مدى هذه القرون الطويلة، إما بفعل الزواج أو بسبب الأسر والترحيل المتبادل بين البلدين.
يذكر أن برنامج مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي-البرتغالي للاحتفاء بشهر التــراث 2022 يتضمن، إضافة إلى المعرض المتنقل، قافلة تعريفية وتوثيقية عن مآثر دكالة مع صحفيين وكتاب وفنانين، وزيارات ميدانية مؤطرة إلى المعالم التاريخية بالجديدة وأزمور وتيط/مولاي عبد الله وقصبة بولعوان لفائدة تلاميذ وجمعيات مدنية، مثلما يعرف تنظيم ندوتين، إحداهما في موضوع القلع المغربية-البرتغالية وآفاق تأهيلها وتثمينها، والأخرى عن مازغان والتراث العالمي، بين الإيجابيات والالتزامات، بتنسيق مع جمعيات ومؤسسات جامعية. كما يتخلل شهر التراث محاضرات ببعض المؤسسات التعليمية بإقليم الجديدة، خاصة بالعالم القروي.
ومركز دراسات وأبحاث التراث المغربي-البرتغالي هو واحد من شبكة مراكز التراث المتخصصة التابعة لوزارة الثقافة والموجودة كلها خارج الرباط. وهو مركز وطني يعنى بكل التراث البرتغالي-المغربي، المادي وغير المادي، على امتداد التراب الوطني، مثلما يشتغل على التراث المغربي-الإسلامي بالبرتغال. وقد تم تدشينه صيف 1994 بمناسبة احتفالات عيد الشباب وزيارة الراحل الحسن الثاني إلى الجديدة حيث يوجد مقره المركزي بفعل وفرة معالم التراث المغربي-البرتغالي بربوع دكالة وعبدة.