أخبارالرئيسيةفي الصميم

رؤية شاملة لإصلاح وتطوير الرياضة المغربية: تشخيص التحديات وآليات العمل المستقبلية

بقلم/ مولاي ادريس مدغري علوي

تعاني الرياضة المغربية من تحديات كبيرة تعيق تطورها وتقدمها، حيث تتداخل عدة عوامل أبرزها تفشي الفساد، ضعف الحكامة، وتردي مستوى الشفافية في تدبير الموارد المالية. هذه العوامل، إلى جانب غياب الرقابة الفعالة، أدت إلى تراجع مستوى الرياضات الوطنية، خاصة الأولمبية منها، وزيادة الهوة بين الإمكانات المتاحة والنتائج المحققة.

تشخيص الوضع الرياضي الراهن:

الواقع الرياضي الحالي يظهر تفشي ممارسات غير قانونية في إدارة الجامعات الرياضية والعصب الجهوية والأندية. يتمثل ذلك في سوء توزيع المنح والدعم، وتوجيه الأموال إلى مصالح شخصية بدلًا من تحقيق الأهداف الرياضية الوطنية. هذا الوضع يكرس علاقة مشبوهة بين الجهات المانحة والجامعات الرياضية، حيث يتم استغلال هذه العلاقة لتعزيز مصالح محدودة على حساب الصالح العام.
إحدى الإشكاليات الكبرى تتمثل في تعامل بعض رؤساء الجامعات الرياضية بانتقائية وتعسف مع الأندية، عبر رفض ملفات انخراطها السنوية أو وضع شروط تعجيزية، بهدف إقصاء الأصوات المعارضة لسياساتهم. هذا السلوك لا يعكس فقط ضعف الحكامة، بل يساهم أيضًا في تكريس التهميش والإقصاء داخل المنظومة الرياضية.
إلى جانب ذلك، تواجه الأندية والعصب الجهوية صعوبات مالية وإدارية، حيث تتصرف الجامعات في المنح المخصصة للعصب بشكل مباشر، مما يعيق قدرتها على تنفيذ برامجها الرياضية. كما أن رواتب أعضاء المكاتب المديرة للجامعات والعصب تُصرف من الحسابات الشخصية بطريقة تتعارض مع مقتضيات القانون 30-09.
من جانب آخر، يعاني الرياضيون والمدربون والمياومون من غياب حماية قانونية واضحة، رغم أن القانون 30-09 يُلزم بتوقيع عقود تضمن حقوقهم. في الواقع، يواجه هؤلاء تحديات في الحصول على مستحقاتهم، مما يعكس ضعف الالتزام بالقوانين وتطبيقها.

آليات الإصلاح والتطوير:

للخروج من هذا الوضع، هناك حاجة إلى استراتيجية شاملة ترتكز على إصلاحات جوهرية في التشريعات وآليات الرقابة، مع تعزيز الشفافية والمساءلة.
1. تعزيز آليات الرقابة
• استخدام تكنولوجيا حديثة لمراقبة الأموال الموجهة للرياضة ورصد التجاوزات.
• إنشاء لجان رقابية مستقلة تضم ممثلين عن الهيئة والمؤسسات العمومية ومنظمات المجتمع المدني، لضمان حيادية التقييم والرقابة.
2. إصلاح العلاقة بين الشركاء الرياضيين
• تفكيك الصورة النمطية للعلاقة بين الجهات المانحة والجامعات الرياضية، وضمان توزيع عادل وشفاف للموارد.
• تعزيز دور العصب الجهوية ومنحها استقلالية مالية وإدارية لتتمكن من تنفيذ برامجها بشكل فعّال.
3. تفعيل التوصيات الملكية
• تطبيق مضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى المناظرة الوطنية للرياضة سنة 2008، خاصة ما يتعلق بالحكامة الجيدة وتعزيز البنية التحتية الرياضية.
4. حماية الأندية من التعسف
• وضع آليات قانونية لحماية الأندية من الإقصاء وضمان حقها في الانخراط والمشاركة في القرارات الرياضية.
• توفير الدعم المالي والإداري للأندية لتأسيس شركات رياضية، تماشيًا مع مقتضيات القانون 30-09.
5. تعزيز حقوق الرياضيين والعاملين في القطاع
• إلزام الجامعات والعصب بتطبيق العقود التعاقدية وضمان صرف مستحقات الرياضيين والمدربين في الوقت المناسب.
• تقديم برامج تأمين اجتماعي وصحي للرياضيين والعاملين في المجال الرياضي.
6. التوعية والإعلام الرياضي
• إنشاء قناة إعلامية متخصصة تبرز دور الهيئة الرقابي وتسوق مفهوم الشفافية والنزاهة في المجال الرياضي.
• تنظيم لقاءات توعوية لتحفيز الأندية والعصب على تطبيق القوانين والممارسات السليمة.
7. إصلاح البنية الإدارية والتنظيمية
• توحيد المكاتب المديرية للأندية متعددة الأنشطة لتجنب تشتت الجهود وتحقيق تكامل بين الفروع الرياضية.
• تعزيز التنسيق بين العصب الجهوية والجامعات الرياضية لضمان انسجام البرامج والخطط الوطنية.
8. محاسبة المدارس الرياضية
• فرض رقابة على الأنشطة المالية للمدارس الرياضية التابعة للأندية، خاصة تلك التي تحقق أرباحًا دون محاسبة.
• تفعيل دور الهيئة في مراقبة العقود والاتفاقيات بين المدارس الرياضية والأطراف الأخرى.

إن إصلاح المنظومة الرياضية المغربية يتطلب إرادة حقيقية وجهودًا متضافرة بين جميع الأطراف الفاعلة. الهيئة الوطنية مطالبة بقيادة هذا التغيير من خلال تعزيز الرقابة، تطوير التشريعات، وتفعيل آليات المساءلة. هذا النهج سيضع الرياضة المغربية على مسار صحيح يمكنها من تحقيق إنجازات تعكس طموحات الشعب المغربي وترفع راية الوطن في المحافل الدولية. الإصلاح ليس خيارًا بل ضرورة ملحة لإعادة بناء منظومة رياضية وطنية تقوم على الشفافية، العدالة، والكفاءة

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button