بقلم :عبدالله العبادي
من مشيئة الصدف هده السنة، أن يصادف عيد الفطر مع عيد العمال، وكلا العيدين لهما طقوسهما الخاصة، الأول يأتي بعد شهر الصيام وتحتفل به الأمة الإسلامية، والثاني إرث نضالي للطبقة العمالية، والتي تحتفل به منذ عقود بشعارات كبيرة ونتائج ضعيفة مقارنة بالزحف الرأسمالي المتوحش، والذي أضر كثيرا بالطبقات الهشة والمهمشة، هذه الأخيرة التي تنتظر زكاة الفطر لتصارع الغلاء الفاحش للمواد الاستهلاكية.
كيف نجرأ على تسميته بعيد، وأي عيد وهي مناسبة من أتعس وأصعب الأيام عند الفقراء والمحتاجين والنازحين والمهجرين وعائلات تحت رحمة المدافع والحروب، أي عيد نتبجح به ونحن نعلم أن أيامنا أسود بكثير من أن تكون أو تنعم بفرحة العيد
أي دين ندين به وأي إنسانية نتحلى بها وأي مبادئ نؤمن بها ونحن نعلم أن الكثير من أهالينا لا يستطيعون الحصول على الأكل والملبس والمبيت، وأن العديد من أطفالنا لا يلتحقون بمدارسهم قبل الحديث عن هداياهم. أنحتفل بالعيد ونصف أراضينا العربية خراب ودمار ونصف سكانها هجروها، والعديد منهم في محطات القطارات وغابات الشمال بحثا عن مكان آمن.
كيف هو العيد ونحن نتقاتل من أجل أسماء ورموز ومسميات، نسينا أن الوطن جغرافيا وليس دين أو مذهب، فالدين لله والوطن للجميع. أي عيد وسياسيونا باعوا البلاد والعباد وقد مات فينا الإنسان وذهبت الكرامة وعزة النفس. أصبحنا مجرد أشخاص فارغين من كل شيء إلا الهتاف لأفراد نعلم جيدا فسادهم ولكننا معهم فقط لأننا ضد الآخرين: رجال مع من غلب.
أصبح إعلامنا دمى وكراكيز لأنظمة فاسدة، والسلطة هدف أسمى لجماعات وأفراد، للحصول على غنيمة ما تبقى من الوطن، وللفقراء الصبر وانتظار الغد المنشود والتضحية من أجل النهوض بالاقتصاد، وبذريعة أمنكم قبل بطونكم. أنظمة تنفق على التسلح أكثر من التعليم ونسوا أن الإتحاد السوفياتي سقط وتفكك رغم ترسانته العسكرية والحربية.
أنعم الله علينا بثروات طبيعية لا تعد ولا تحصى لكنها تنفق عبثا وبدون هدف، وأطفالا يموتون جوعا كل يوم من أبناء جلدتنا. تصرف أموال طائلة لبناء جبال ثلج في الصحراء وعائلات لا تجد ماءا للشرب، كيف نحتفل إذن، أننافق أنفسنا أم ننافق الغير أم أصبحنا مهزلة التاريخ والإنسانية.
ونفتي في الإنسانية ونعطي دروسا للآخرين في الدين وتعاليم الإسلام، أليس حريا أن تتجلى قيم الإسلام في سلوكنا وتعاملنا قبل كل شيء. نكذب على أنفسنا بغد أفضل ولا مؤشر على ذلك. ندعو للمصالحة والوحدة ونتآمر على بعضنا البعض، والبعض يضرب الجيران في الظهر.
كيف نجرأ على تسمية العيد بالفرحة ونحن لم نرفع رأسنا يوما ، هزائم تلو أخرى ونكبات، حتى صارت القضايا الرئيسية ثانوية والثانوية رئيسية، في زمن مقلوب وتافه، زمن المؤثرين وثقافة شبكات التواصل الاجتماعي. قامت فوضى عارمة، سماها البعض بالربيع العربي، وهي في الحقيقة خراب عربي، أدخلت المجتمعات العربية في حيرة من أمرها وشك رهيب وشتت بقاع عديدة منها. فانقض على السلطة خونة وعملاء وانتهازيون ومستبدون، لا هم لهم سوى الفساد والعبث فيما تبقى من الوطن العربي الكبير.
إنه العيد إذن، أوطان خربت وأخرى في الطريق، بلدان تجزأت وأخرى تنتظرونحن نهتف بالعيد. وكل عيد وأنتم ….
لا خير في أمة مات كبرياؤها !