
في خطوة أثارت جدلا واسعا ، أشّرت الأمانة العامة للحكومة على المرسوم الخاص بدعم المقاولات الصحافية، الذي نشر في الجريدة الرسمية (العدد 7353 بتاريخ 18 نوفمبر 2024).هذا المرسوم يضع شروطا صارمة أثارت انتقادات واسعة من قبل المهنيين والمتابعين،حيث اعتبرت مخالفة للدستور والقوانين العامة.
أبرز هذه الشروط يتمثل في إلزام المقاولات الصحافية،سواء الورقية أو الإلكترونية،بتحقيق رقم معاملات سنوي لا يقل عن 200 مليون سنتيم. هذا الشرط يعتمد على معيار الربحية، في حين أن المقاولات الصحافية تصنف قانونيا كمقاولات غير ربحية، وفق ما ينص عليه دستور المملكة المغربية في الباب الثاني الخاص بالحريات والحقوق الأساسية.
كما يفرض المرسوم شرطا آخر يتمثل في ضرورة بلوغ كتلة الأجور 90 مليون سنتيم كحد أدنى، بالنسبة للمقاولات الصغرى، وهو ما يعيد طرح التساؤلات حول ملاءمة هذه الشروط مع النصوص الدستورية والقانونية التي تؤطر الصحافة بوصفها خدمة عمومية وليست نشاطا تجاريا. فمنح تراخيص الصحف الإلكترونية والورقية يتم من خلال وصولات التصريح التي يصدرها وكلاء الملك،وهو إجراء يعكس الطبيعة غير الربحية لهذه المقاولات.
ويرى مهنيون أن تأشير الأمانة العامة للحكومة على هذا المرسوم يمثل ارتباكا قانونيا جديدا ،خاصة وأنها سبق أن أشرت العام الماضي على مرسوم دعم آخر تضمن خروقات قانونية،منها تصنيف المقاولات الصحافية إلى “كبرى” و”صغرى”،رغم أن هذا التصنيف لا وجود له في مدونة الصحافة والنشر.
المثير للجدل أيضا أن أغلب المقاولات الصحافية تعتمد في تمويلها بشكل كبير على الدعم العمومي،ما يعني أن رقم معاملاتها السنوي يتأتى أساسا من هذا الدعم وليس من أنشطة تجارية.وهذا التناقض يثير تساؤلات حول كيفية وضع هذه الشروط واعتمادها، خاصة أن المقاولات الصحافية الصغيرة والمتوسطة قد تجد نفسها محرومة من الاستفادة من الدعم بسبب هذه المعايير غير الواقعية.
ويطالب المهنيون والفاعلون في القطاع بإعادة النظر في هذا المرسوم وتصحيح الاختلالات القانونية التي يحتويها،لضمان توافقه مع مبادئ الدستور واحترام الطابع غير الربحي للمقاولات الصحافية.