حرائق إسرائيل وانقطاعات الكهرباء في أوروبا.. رسائل سياسية مشفّرة في زمن التغيّرات الجيوسياسية

بقلم: مصطفى بوريابة
في الوقت الذي يشتعل فيه المشهد الدولي بتصريحات نارية ومواقف غير مسبوقة تجاه القضية الفلسطينية، جاءت سلسلة من الأحداث الغامضة، لتثير تساؤلات عميقة حول ما إذا كنا نشهد مرحلة جديدة من الحروب الصامتة والرسائل السياسية المشفّرة.
قبل أيام قليلة، شهدت دول مثل فرنسا وإسبانيا والبرتغال انقطاعات كهربائية مفاجئة أربكت سكانها وأثارت تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراءها. وبينما كانت الحكومات تتحدث عن “أعطال تقنية”، ربط محللون هذه الأحداث بموقف فرنسا الأخير من القضية الفلسطينية، خصوصًا بعد إعلانها نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال القمة المصرية-الفرنسية في القاهرة.
وفي الوقت الذي لم تهدأ فيه تداعيات هذا الإعلان، اندلعت حرائق ضخمة في غابات إسرائيل، الأمر الذي دفع السلطات الإسرائيلية إلى التصريح بأن هذه الحرائق قد تكون “بفعل فاعل”. التصريح في حد ذاته يعكس حالة القلق من تطورات ميدانية غير مفهومة، ويعكس حجم التوتر غير المعلن في خلفية المشهد السياسي العالمي.
المفارقة أن هذه الرسائل المتبادلة لم تكن هذه المرة موجهة للعرب أو الشرق، بل جاءت من داخل البيت الأوروبي نفسه. إسرائيل التي طالما تمتعت بصورة “الضحية” في عيون المجتمعات الغربية، بدأت تواجه موجة من الانتقادات، بل وانكشفت أمام الشعوب الأوروبية التي بدأت تفيق من الرواية الواحدة. السبب؟ ببساطة، حجم الجرائم التي ارتكبتها في حق المدنيين الفلسطينيين، وبدء عدد من الدول العربية في ممارسة ضغوط دبلوماسية لفضح الوجه الحقيقي للاحتلال.
ولأول مرة، تجد إسرائيل نفسها في موقع الدفاع أمام الرأي العام الأوروبي، بعد أن كانت لعقود تتصدر المشهد كطرف ضعيف بحاجة للدعم. الصورة التي تشققت بدأت تثير ذعرًا داخل الأوساط الإسرائيلية، ما دفعها للتصرف بطريقة توصف بـ”الارتباك السياسي”، محذرة كل من يقف ضدها من تبعات هذا الموقف.
وفي خضم هذه التحولات، يتأكد من جديد أن الصراع لم يعد مقتصرًا على محور عربي-إسرائيلي فقط، بل أصبح معركة أوسع بين قوى دولية، كل منها يسعى لإعادة تشكيل موازين النفوذ في المنطقة. وهي معركة تلعب فيها الصورة، والمواقف، والرأي العام، أدوارًا أكثر تأثيرًا من الرصاص.