محاولة اغتيال نائب رئيس جنوب أفريقياتعمق صراع السلطة داخل الحزب الحاكم

ألقت محاولة الاغتيال المزعومة التي تعرض لها نائب رئيس جنوب إفريقيا، بول ماشاتيل، بظلالها على المشهد السياسي في البلاد، وعززت المخاوف المتزايدة بشأن صراع محتمل على السلطة داخل صفوف المؤتمر الوطني الإفريقي، الحزب الحاكم منذ عام 1994، وذلك قبل المؤتمر الانتخابي الحاسم للحزب المقرر في عام 2027.
وكان ماشاتيل قد صرح لوسائل الإعلام يوم الأحد الماضي بأنه تعرض لمحاولة اغتيال في وقت سابق، بينما كان عائدًا إلى منزله عقب اجتماع للجنة التنفيذية الوطنية لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي.
وعقب هذا التصريح، رأى العديد من المحللين السياسيين أن هذا الاعتداء المزعوم قد يشير إلى وجود مقاومة داخلية لطموحات نائب الرئيس في الوصول إلى سدة الرئاسة.
ويرى المعلقون السياسيون أنه من الصعب في الوقت الحالي تقييم ملابسات حادث إطلاق النار على موكب ماشاتيل بشكل دقيق، إلا أنهم يتفقون على أن هناك الكثيرين داخل المؤتمر الوطني الإفريقي يفضلون تنحيته عن المشهد السياسي، وذلك لقناعتهم بعدم قدرته على خلافة الرئيس الحالي، سيريل رامافوزا.
وفي ظل احتدام المعركة الخفية لخلافة قيادة المؤتمر الوطني الإفريقي، يعكس هذا الهجوم المزعوم حملة مبكرة للاستحواذ على منصب الرئاسة.
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي المستقل، سانديلي سوانا، أن الهجوم المزعوم أثار قلقًا واسع النطاق في البلاد بشأن “حرب الخلافة” المحتملة بين الأقطاب التاريخية داخل الحزب الحاكم.
ووصف سونا هذه الحادثة بـ “المؤسفة للغاية”، خاصة أنها تأتي بعد وقت قصير من ادعاء الرئيس السابق جاكوب زوما بتلقيه تهديدات على سلامته، مضيفًا أن “الكثيرين لا يريدون أن يخلف ماشاتيل رامافوزا في قيادة البلاد”.
من جهته، تساءل المحلل بولي مواناما عن صمت كل من رئيس الدولة والمؤتمر الوطني الإفريقي بشأن هذه المحاولة الواضحة للاغتيال، الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام.
وردًا على هذه التساؤلات، أكد الأمين العام للمؤتمر الوطني الإفريقي، فيكيلي مابالولا، أن الحزب لم يتم إبلاغه رسميًا بمحاولة الاغتيال المزعومة لنائب الرئيس إلا بعد ظهور القصة في وسائل الإعلام يوم الأحد الماضي.
وصرح نائب الرئيس نفسه، خلال مؤتمر صحفي، بأنه أثناء عودته إلى منزله عقب اجتماع عمل، تعرض موكبه لإطلاق نار في منطقة بوكسبورغ (الواقعة على بعد 65 كيلومترًا من العاصمة بريتوريا).
ومما يثير الاستغراب بشكل خاص أن الحادث وقع قبل عدة أسابيع، ومع ذلك، لم يتم نشر أي معلومات عنه قبل عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما يزيد من صعوبة تصديق أن النظام السياسي المعروف بتسريب الكثير من المعلومات عادةً، قد يتمكن من إبقاء واقعة إطلاق النار على موكب نائب الرئيس طي الكتمان لفترة طويلة.
وبينما يرى بعض المراقبين أن الهدف من هذا الحادث المزعوم هو تخويف ماشاتيل وثنيه عن الترشح للرئاسة في المؤتمر المقبل، لا يستبعد آخرون فكرة وجود مؤامرة محتملة من قبل نائب الرئيس نفسه بهدف الحصول على تعاطف الرأي العام وكسب التأييد مع اقتراب موعد المؤتمر الانتخابي الحاسم.
وقد عبر العديد من المشككين عن تساؤلاتهم حول صحة وقوع الاعتداء بالفعل، وذلك بالنظر إلى الصمت المطبق الذي التزمته الرئاسة حول هذا الموضوع الحساس. وفي سياق متصل، أبدت أمينة مال المؤتمر الوطني الإفريقي، غوين راموكغوبا، شكوكًا علنية حول هذه الادعاءات، ووصفتها بأنها مجرد “أخبار مزيفة”.
وردًا على هذه الشكوك المتزايدة، أكد المتحدث الرسمي باسم نائب الرئيس، كيث كوزا، وقوع الحادث بالفعل، مشيرًا إلى أن القضية لم يتم نشرها في وقت سابق لأن المحققين كانوا لا يزالون يحاولون تحديد نوع السلاح الناري المستخدم في الهجوم.
ورفض كوزا التعليق على أولئك الذين اقترحوا أن الحادث كان مدبرًا ومفتعلًا، قائلاً: “نحن لا نختلق أي شيء (…)، ومن المؤسف أن بعض الناس يقللون من شأن قضية بهذه الخطورة”.
وفي انتظار صدور تقارير الشرطة التي قد تقدم المزيد من التوضيح حول هذه القضية، والتي لا تزال التحقيقات فيها جارية، فإن هذه الواقعة تبرز بلا شك الصراعات الخفية على السلطة داخل المؤتمر الوطني الإفريقي وتظهر أن الطريق إلى قمة الهيكل الإداري في جنوب أفريقيا لا يزال محفوفًا بالعقبات والتحديات.
Canvas