
بقلم:زهير أصدور××
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستمر في تبني نهج تصعيدي يليه تراجع تكتيكي كوسيلة للضغط السياسي وتحقيق مكاسب تفاوضية. ففي خطوة جديدة، أعلن عن وقف فرض تعريفات جمركية جديدة على المكسيك بعد موافقة رئيسة البلاد، كلوديا شينباوم، على نشر 10 آلاف جندي مكسيكي على الحدود مع الولايات المتحدة، بهدف منع تدفق المهاجرين غير الشرعيين والحد من تهريب مخدر الفنتانيل.هذه الاستراتيجية ليست جديدة على ترامب، فقد سبق أن استخدمها في التعامل مع الصين خلال الحرب التجارية، ومع الدول الأوروبية فيما يتعلق بحلف الناتو، ومع المكسيك وكندا بشأن اتفاقية نافتا. يعتمد أسلوبه على التهديد بإجراءات صارمة، مثل فرض الرسوم الجمركية أو اتخاذ قرارات أحادية، ثم استخدام هذه التهديدات كورقة ضغط لدفع الأطراف الأخرى إلى تقديم تنازلات.إعلانه عن تعليق فرض الرسوم لمدة شهر واحد فقط يعكس نهجًا مدروسًا، حيث يبدأ بالتصعيد ثم يترك المجال للتفاوض، ليقرر في النهاية ما إذا كان سيواصل الإجراءات أم يتراجع بناءً على مستوى استجابة الطرف الآخر. هذا الأسلوب يمنحه مرونة في تعديل موقفه دون أن يظهر وكأنه تراجع بشكل مباشر.أنصاره قد يرون في هذا النهج نجاحًا دبلوماسيًا، حيث استطاع فرض إرادته دون الدخول في صراع اقتصادي طويل قد يضر بالشركات والمستهلكين الأمريكيين. لكن في المقابل، قد يرى المنتقدون أن هذه السياسة المتكررة تضر بمصداقية الإدارة الأمريكية، وتجعل من الصعب على الشركاء الدوليين توقع توجهاتها، مما قد يضعف موقف الولايات المتحدة التفاوضي على المدى البعيد.قرار ترامب الأخير يبدو أيضًا مرتبطًا بحسابات انتخابية، حيث يظل ملف الهجرة غير الشرعية وتهريب الفنتانيل من القضايا التي يستخدمها لحشد دعم قاعدته الشعبية. تقديمه كقائد قوي قادر على فرض شروطه على المكسيك يعزز صورته لدى الناخبين المحافظين الذين يرون في مواقفه حماية للأمن القومي الأمريكي.من جانبها، تبدو المكسيك حريصة على تجنب مواجهة اقتصادية مع شريكها التجاري الأكبر، لذا فإن موافقتها على نشر الجنود تعكس نهجًا براغماتيًا يهدف إلى حماية مصالحها الاقتصادية. ومع ذلك، قد يثير هذا القرار جدلًا داخليًا، حيث قد يُنظر إلى إرسال قوات لمنع تدفق المهاجرين على أنه خضوع للضغوط الأمريكية.مرة أخرى، يظهر ترامب تمسكه بتكتيك التصعيد المتبوع بتراجع مشروط، وهو أسلوب يمنحه هامش مناورة واسعًا في إدارة الأزمات. غير أن تكرار هذه السياسة قد يضعف ثقة الدول الأخرى في التزامات الولايات المتحدة. وإذا كان هذا النهج قد نجح اليوم مع المكسيك، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كان سيظل فعالًا مع قضايا أكثر تعقيدًا في المستقبل.
××محام بهيئة اارباط