أخبارالرئيسيةفي الصميم

لماذا هاجم النظام الجزائري دولة الإمارات العربية المتحدة؟

بقلم: عبد الهادي مزراري

شن النظام الجزائري هجوما على دولة الإمارات العربية المتحدة عبر وسائل الإعلام العمومي، في تقرير إخباري بثته القناة الرسمية، باستعمال ألفاظ وعبارات أقل ما يمكن وصفها به ما قاله مالك في الخمر.كتب التقرير من محبرة لا علاقة للسائل الموجود فيها بمداد الصحافة، سب في الأصول وشتم للأعراض، وتقزيم للإنسان الإماراتي واحتقار لحكامه، ووصف البلاد بالدويلة المصطنعة وغير ذلك من العبارات القبيجة التي استعمل نقيضها في وصف الجزائر بالشموخ والعراقة الضاربة في جذور التاريخ.

بينما كانت المذيعة تقرأ التقرير بصوت كالسكين وصوتها مخضب بآهات نفس ساخنة، كانت الصور المرافقة تظهر لقطات مرئية من الإمارات القديمة خيام وإبل وعجاج، وفي الجهة المقابلة تظهر صورا من الجزائر تبدو اجمل وأنظف.

في أولى تعاليق المشاهدين لهذا التقرير عبر صفحات المواقع الاجتماعية التي تناقلته كما تنقل النار الهشيم بسرعة إلى رماد، تساءل البعض مستغربا كيف لم يظهر الإعلام الجزائري صورا من إمارات اليوم مع صور من جزائر اليوم؟كتب آخرون”إن دخل الجزائر من النفط والغاز يفوق دخل الإمارات بعشرات المرات، لماذا الجزائر ليست كالإمارت؟”.

استمعت بدوي لهذا التقرير وشاهدت مضامينه المرئية، لكني لم أفهم سبب هذا التهجم؟ هناك خلافات مدفونة تحت الرمل، لكن ما السبب في هذا الانفجار الإعلامي للنظام الجزائري فجأة ضد الإمارات وحكامها وشعبها؟بحث عن السبب فازداد العجب، مشاركة مؤرخ جزائري في برنامج تلفزيوني لقناة إماراتية، ذكر فيه “أن النزعة القبلية بروح أمازيغية هي من صنيعة الاستعمار الفرنسي الذي كانت له اليد الطولى في البلاد لمدة طويلة جدا”.

سواء تعلق الأمر بهذا التصريح أو بأي حيتيات أخرى يمن أن تستوحى منه، لم يكن من داع لكل هذا الهجوم بهذا الحجم المهول من السب والشتم.بحكم معرفتي المتواضعة بعقلية النظام الجزائري، بسبب المشكل الذي افتعله مع بلادي لأزيد من خمسة عقود وهو يدافع عن “دويلة وهمية مصطنعة”، ضدا في وحدة المغرب واستقراره، تمكنت من معرفة السبب الحقيقي، وهو أن هذا النظام دائما بحاجة إلى أعداء خارجيين يرهب بهم الشعب الجزائري، ويصور نفسه أنه الواحد الأحد القادر على حماية البلاد وصيانة وحدتها الوطنية.

لمن يريد أن يعرف عقلية هذا النظام، فهو لا يعادي المغرب لأن المغرب يعاديه، المغرب لا يعادي أحدا. لكن مشكلة النظام الجزائري الذي لم يتغير منذ النشأة الحديثة للبلاد عام 1963، يحتاج إلى عدو يبرر من خلاله وجوده.يعرف النظام الجزائري أنه خسر معركة الرمال وخسر حرب الصحراء، وهدر في معركة طواحين الهواء، التي خاضها ضد المفرب كل ثروات البلاد.

ماذا سيقول هذا النظام للشعب الجزائري عندما يصل إلى خط المقارنة بين ما عليه الإمارات وبين ما عليه الجزائر؟ للمغرب حكاية مع قصة “المقارنة هاته”.

في عام 1988 فتحت الحدود بين البلدين، وزار جزائريون المغرب الذي صورته دولتهم لهم في شكل بلد فقير منعدم من كل شيء.

وعندما اكتشفوا الحقيقة عادوا وثاروا ضد نظام بلدهم.لكن النظام العسكري الحاكم الفعلي في الجزائر واجههم بثورة دموية مضادة استعمل فيها فزاعة الارهاب وقتل عشرات الآلاف وغيب نحو 500 الف جزائري إبان العشرية السوداء، التي ثبت فيها بالدليل القاطع تورط العسكر.

خلال الأسابيع الماضية بعث النظام الجزائري أحد عملاءه الرائدين في الفضاء الازرق إلى المغرب، التقط صورا بجانب صومعة الكتبية في مراكش، ونطق زعما “أن الجزائر هي من بنت الصومعة”، ونشر خارطة بثرت منها حدود المغرب في صحراءه، وأضاف متهجما “المغرب يحتل الصحراء الغربية”.

من جهتها تعاملت معه السلطات المغربية بما يليق بضيف نذل، دون أن توسخ يدها فيه، وتعتقله كما اعتقل النظام الجزائري كاتبا ومؤرخا جزائريا فرنسيا زار الجزائر عقب تصريحات قال فيها إن اجزاء كبيرة من الغرب في الجزائر هي اراض مغربية اقتطعها الاستعمار الفرنسي من التراب المغربي.

لم يشأ المغرب أن يعتقل عميل النظام الجزائري الذي كان يأمل على الأقل أن يقوم المغرب بفرض تأشيرة لمنع دخول الجزائريين، وهو ما لم تفعله سلطات الرباط.

في عام 2025 يوجد المغرب على منصة التقدم بمسافات كبيرة، مقارنة مع كان عليه في عام 1988، ومجرد مقارنة بسيطة عند أي جزائري بين الانجازات التي حققها المغرب في مجالات البنيات التحتية وتطور المدن وانتشار الصناعات وتنوعها وبلوغ صادراته الزراعية أقاصي العالم، فضلا عن انتصاراته في مجال الرياضة والثقافة والديبلوماسية، كل ذلك يجعل الأمر أكثر تعقيدا أمام حكام الجزائر.

إن المهمة الأساسية للنظام الجزائري اليوم، هو جعل الشعب الجزائري يشعر بأنه محاط بالأعداء من كل جانب، وفي الوقت نفسه منع الشعب من إجراء مقارنة بينه وبين غير من الشعوب الأخرى.لكن الواقع ناطق لا يخرس، ثمة أمور باتت أكثر وضوحا، ولن ينفع النظام الجزائري حالة الطوارئ التي فرضها تحت غطاء إجراءات اليقظة وبدأ من خلالها يقيد أيدي المواطنين.

للأسف يواجه حكام الجزائر هذا الواقع بمزيد من الكراهية والحقد، ويمضون في تضييق الدائرة عليهم بجلب مزيد من العداوات الإقليمية والدولية، في منطقة الساحل جنوبا، ومع إسبانيا وفرنسا شمالا، والآن مع الإمارات العربية المتحدة شرقا. أما غربا فقد حسموا موقفهم بإغلاق الحدود جوا وبرا وبحرا.

إن نتيجة حكم العسكر في ظل عدم وجود مرجعية ضاربة في جذور التاريخ، وفي غياب اي سند شعبي حقيقي، تكون النتيجة كما هي الآن عليه في الجزائر.

الشعب الجزائري من حقه أن يحلم بنظام منفتح على التاريخ والجغرافيا وليس نظاما مغلقا كهذا الذي يحكمه الآن بعبارت نابية وافكار صبيانية وشعارات سادية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button