الجزائريون يرفضون العودة إلى بلدهم ويختارون المغرب وجهة للهروب.. هل هي رسالة للنظام؟

في حادثة غريبة ومثيرة للدهشة، اختار مهاجر سري جزائري، مقيم بطريقة غير شرعية في ألمانيا، أن يتقمص هوية مواطن مغربي للهروب من الترحيل إلى وطنه الأم. يبدو أن هذا التصرف يحمل في طياته أكثر من مجرد محاولة للتهرب من الإجراءات القانونية؛ بل يمكن أن يُعتبر بمثابة رسالة مشفرة عن واقع معقد في دولة الجزائر، تدفع مواطنيها للبحث عن أي مخرج، حتى لو كان ذلك عن طريق التلاعب بالهويات.
المهاجر الجزائري، الذي تم توقيفه من قبل السلطات الألمانية، اختار أن يدعي كذباً أنه مواطن مغربي ليتمكن من تجنب الترحيل إلى الجزائر، وهو الأمر الذي دفع السلطات الألمانية إلى ترحيله نحو مطار مراكش. لكن المفاجأة الكبرى كانت في المطار، حيث اكتشفت السلطات المغربية بعد إجراءات التحقق أن هذا الشخص ليس مغربياً، بل جزائري، مما يكشف عن تفاصيل غير مألوفة وراء هذه المحاولة.
إذن، ما الذي دفع هذا الشخص للاختيار المغرب كوجهة للهروب؟ وهل هناك دلالات أعمق لهذا التصرف الذي قد يُعتبر رفضاً للعودة إلى الجزائر؟ قد تكون هذه الحكاية مجرد حادثة فردية، لكنها تفتح الباب للتساؤلات عن الظروف الاجتماعية والسياسية التي يعيشها المواطن الجزائري اليوم.
● الجزائر.. واقع مرير يعزز الهروب إلى الخارج
من المعروف أن الجزائر تشهد أزمة اقتصادية خانقة، مع ارتفاع نسبة البطالة وتدهور الأوضاع الاجتماعية. قد لا يكون هذا المهاجر السري هو الوحيد الذي يشعر بخيبة الأمل من وضعه في وطنه. لا شك أن أعداداً متزايدة من الجزائريين يبحثون عن فرص جديدة بعيداً عن بلادهم، ويختارون أوروبا أو دولاً أخرى لتأمين مستقبل أفضل. إلا أن اللجوء إلى التلاعب بالهوية، وتفضيل الهروب إلى بلد جار، ليس إلا تعبيراً عن أزمة أعمق تتعلق بفقدان الثقة في النظام الحاكم.
● رسالة موجهة للنظام الجزائري؟
قد تكون هذه الحكاية بمثابة رد ضمني على الوضع الراهن في الجزائر. إذ يختار المواطن الهروب إلى بلد آخر ليس فقط لتجنب العودة إلى وطنه، بل لأنه يرى أن مستقبله في هذا البلد قد أصبح مسدوداً. والأغرب من ذلك، أن هذا المهاجر اختار أن يطلق هذه الرسالة بطريقة غير مباشرة، عبر تبني هوية مواطن مغربي، ما قد يراه البعض تجسيداً لرفض النظام الجزائري في المقام الأول.
● المغرب: ملاذ أم وجهة مرحلية؟
من جهة أخرى، قد لا يكون هذا الاختيار دلالة على حب مغربي أو رغبة في الاستقرار في المغرب. بل قد يكون مجرد ملاذ مرحلي، لأن المهاجرين الذين يختارون المغرب كوجهة غالباً ما يفكرون في الانتقال إلى أوروبا أو دول أخرى. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل تحولت الحدود السياسية بين الجزائر والمغرب إلى نوع من “الملاذ” بالنسبة لأولئك الذين يشعرون بأنهم بلا وطن حقيقي؟
● هل ستكون هذه الحادثة بداية لموجة أكبر؟
هذه الحكاية ليست مجرد حادثة أمنية أو قضائية، بل تحمل رسالة غامضة تنبئ بحجم الاستياء والقلق الذي يعصف ببعض الجزائريين اليوم. قد تكون هذه الحكاية بمثابة نقطة تحول صغيرة في السلوك الجماعي لمواطنين يرفضون العودة إلى وضعهم في وطنهم، في وقت تكافح فيه الجزائر لتجاوز الأزمات الاقتصادية والسياسية. ولعل هذا التصرف يشير إلى أن الواقع الجزائري أصبح أشبه بحقل ألغام يصعب على الكثيرين تخطيه، فيختار البعض الهروب إلى أي مكان، حتى لو كان عبر اختراق الحدود والتلاعب بالهوية.