أخبارإفريقيا

أطباء بلاحدود تدين تعذيب السلطات الجزائرية للمهاجرين غير النظاميين

يفكر المهاجرون العابرون للصحراء الكبرى ألف مرة قبل المغامرة بحياتهم في البحر المتوسط انطلاقا من دول شمال إفريقيا، أملا في عبور الصحراء الواقعة على الحدود بين الجزائر وليبيا والنيجر، حيث يتعرضون لانتهاكات جسيمة على أيدي تجار البشر والسلطات الإقليمية.

وكانت أدانت منظمة “أطباء بلا حدود” المعاملة “اللا إنسانية” للمهاجرين وتقدر طرد حوالي ألفي مهاجر شهريا من الجزائر وليبيا، بينهم أشخاص لديهم إصابات خطيرة ونساء تعرضن للاغتصاب.
ويعتبر المثلث الحدودي بين ليبيا والجزائر والنيجر من أخطر مناطق العبور في القارة الإفريقية، حيث يتعرض المهاجرون هناك إلى الاستغلال والعنف ويقعون ضحايا شبكات اتجار البشر، إضافة إلى تعامل سلطات تلك الدول معهم بطريقة تنتهك حقوقهم.
ونشرت منظمة “أطباء بلا حدود” تقريرا يوثق إبعاد السلطات الجزائرية والليبية المهاجرين إلى الصحراء، وتركهم في مناطق حدودية نائية أحيانا دون ماء أو طعام.

وأحصت المنظمة طرد حوالي ألفي مهاجر شهريا من الجزائر وليبيا “بينهم أشخاص أصيبوا بجروح خطيرة ونساء تعرضن للاغتصاب وأفراد يعانون من صدمات تركوا وسط الصحراء على الحدود الجزائرية-النيجيرية”.
وتعرض البلدان إلى انتقادات دولية حقوقية بسبب سوء معاملة المهاجرين واعتقالهم في المدن الكبرى قبل طردهم إلى مناطق حدودية. وذكرت المنظمة أن حوالي 70% من المهاجرين الذين وصلوا إلى شمال النيجر أكدوا تعرضهم “للعنف ولكل أنواع الأعمال المهينة من قبل الحرس الجزائريين والليبيين”.
طردت الجزائر أكثر من 14 ألف مهاجر إلى الصحراء،خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام. وأحصت المنظمة طرد 27 ألفاً و208 مهاجرين في عام 2021، و23 ألفا و171 مهاجرا في عام 2020.
وتعمل فرق “أطباء بلا حدود” بانتظام كبعثات لإنقاذ المهاجرين الذين فقدوا أو تُركوا في الصحراء، من خلال مراكز صحية وعيادات متنقلة في أغادير. وأوضحت أنها خلال العام الماضي، أجرت أكثر من 47 ألف استشارة طبية ونفسية، وعثرت على 38 جثة مهاجرين عامي 2020 و2021.
وصرح جمال مروش، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في النيجر، أن “الحالة الصحية الجسدية والعقلية” للمهاجرين لدى “وصولهم إلى مؤسساتنا الصحية تثبت أن هؤلاء الأشخاص عاشوا في جحيم لدى طردهم من الأراضي الجزائرية والليبية”، متحدثا عن “مأساة إنسانية”.
ونشرت منصة “هاتف الإنذار” التي تتلقى نداءات الاستغاثة على طرق الهجرة، صورا عدة لمهاجرين قالت إن الجزائر رحّلتهم إلى النيجر.
وذكرت المنصة أن الجزائر رحلت في 26 ماي المنصرم، و 781 شخصا إلى النيجر، بينهم 71 امرأة و258 من القصر والأطفال، يتحدرون بشكل رئيسي من السودان والسنغال وغينيا ودول أفريقية أخرى.
وتمكنت المنظمة الدولية للهجرة في الخامس من مارس المنصرم عن إنقاذ 25 مهاجرا في صحراء النيجر “بقوا ثلاثة أيام بدون طعام وماء” قبل العثور عليهم.

وأتى في تقرير نشره المجلس الوطني لحقوق الإنسان في النيجر العام الماضي، أن عمليات الإبعاد تقع بشكل عام حوالي الساعة الثانية أو الثالثة صباحا “عند النقطة صفر”، على بعد 15 كيلومترا من قرية أساماكا وسط الصحراء. وتوصل الناشطون بشكاوى حول وقوع “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد المهاجرين، وأبرزها تتعلق بأعمال التعذيب التي ارتكبت في منطقة أغاديز”.
قالت الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين لدى “هيومن رايتس ووتش” لورين سايبرت، أنه “يحق للجزائر حماية حدودها، لكن لا يجوز لها احتجاز المهاجرين، بمن فيهم الأطفال وطالبي اللجوء، تعسفا، وطردهم جماعيا من دون أي أثر لإجراءات قانونية واجبة. قبل التحرك لترحيل أي شخص، ينبغي أن تتحقق السلطات من وضع الهجرة أو اللجوء الخاص بهم بشكل فردي وتؤمن مراجعات من المحاكم لكل فرد”. وتنفي الجزائر بانتظام هذه الاتهامات وتصفها بأنها “حملة خبيثة”.
وصوتت نيامي في 2015 على قانون يجعل تهريب المهاجرين جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة يمكن أن تصل إلى 30 عاما. لكن رغم هذا الإجراء، يسلك المهاجرون “طرقًا جديدة أكثر خطورة” لدخول ليبيا، وفقًا لمصدر أمني نيجيري.
ودعت منظمة أطباء بلا حدود “السلطات الإقليمية” و”شركاءها إلى إيجاد حلول إنسانية وعاجلة وملائمة ودائمة لمعاناة المهاجرين” المبعدين من هذين البلدين.
وأرجعت المنظمة الاتحاد الأوروبي مسؤولية تدهور الأوضاع في هذه المنطقة. واحتوى تقريرها على أن “المبادرات التي يروج لها الاتحاد الأوروبي لوقف ظاهرة الهجرة، تجبر المهاجرين والمهربين على السير في ممرات شديدة الخطورة في الصحراء لتجنب الضوابط، مما يؤدي إلى زيادة استغلال المهاجرين من قبل تجار البشر”، ويجعل “طرق الهجرة أكثر فتكا”.
وتابع مروش “من واجبنا أيضا أن نناشد السلطات المعنية والاتحاد الأوروبي والشركاء الإنسانيين لاتخاذ تدابير فورية لاحترام كرامة الإنسان في مراقبة الحدود. لم يعد بإمكاننا الاستمرار في تجاهل هذا الموقف ببساطة معتقدين أن المشكلة ستحل نفسها”.

وغالبا ما يتحدَّث المتضرِّرون إلى وسائل الإعلام الدولية أو منظمات الإغاثة وحقوق الإنسان العاملة في النيجر حول احتجازهم أحيانًا لعدة أسابيع قبل ترحيلهم، وكذلك حول تعرُّضهم للضرب وأشكال أخرى من استخدام العنف على أيدي أفراد قوَّات الأمن الجزائرية.
ويُجرِّد الجيشُ الجزائري المهاجرين بعد هذه الاعتقالات، من جميع مقتنياتهم الثمينة مثل النقود والهواتف، ويأخذون منهم أحيانًا حتى أحذيتهم.
وقال مهاجرون مُرَحَّلون مؤخرًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنَّ الدرك وأفراد الأمن الجزائري يأخذون من المهاجرين أوراقًا رسمية مثل تصاريح العمل وجوازات السفر ويتلفونها بشكل تعسُّفي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button