أخبارالناس و الحياةقضاء وقانون

حقوق الإنسان الأممي يدين “البوليساريو” ويحمل الجزائر المسؤولية  

  • محمد سالم عبدالفتاح

أصدر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان الذي يعد الهيئة الأممية المرجعية في مجال حقوق الإنسان، رأيا لصالح المشتكي، بسبب “الاختطاف والاحتجاز التعسفي والتعذيب والمعاملة المهينة واللاإنسانية”، امربيه أحمد محمود، انتقاما لمشاركته في مظاهرات ضد قيادة “البوليساريو”، حيث حمل كامل المسؤولية للجزائر باعتبار المسؤوليات القانونية الملقاة على عاتقها إزاء حماية اللاجئين المتواجدين داخل ترابها الإقليمي.

فقد أكد قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تنصل الجزائر من الإلتزامات المترتبة عن توقيعها على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، حيث تبنى خلال دورته الـ134، رأيا ضد الجزائر في إطار شكوى مقدمة باسم عنصر سابق في “البوليساريو”، هو الناشط امربيه أحمد محمود، الذي تمكن من الفرار من قبضة جلاديه ليستقر به المقام في موريتانيا.

وأوضح المجلس تورط الجزائر في الانتهاكات المرتكبة على نطاق واسع من طرف مليشيات “البوليساريو” المسلحة، التي فوضت لها تدبير مخيمات تيندوف، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، مشيرا على وجه الخصوص الى مشاركة عناصر أمنية جزائرية في اعتقال وتعذيب الناشط امربيه احمد محمود بمدينة تيندوف، قبل تسليمه لعناصر البوليساريو.

وأشار المجلس الى التزامات الجزائر بصفتها دولة موقعة على الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تتعهد، بموجب المادة 2 منه، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين على أراضيها والخاضعين لسلطتها، الحقوق المعترف بها في هذا الميثاق، وتأمين إمكانية الطعن القابل للتنفيذ في حال ثبوت الانتهاك.

وتطرق المجلس أيضا لتعرض الناشط أحمد محمود للتجنيد الاجباري في البوليساريو إبان طفولته، حيث تم تأطيره في صفوف مليشيا البوليساريو وهو في سن 15 عاما. ما يثير ممارسة تجنيد الأطفال من قبل البوليساريو في ظل إفلات تام من العقاب فوق الأراضي الجزائرية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

وكانت اللجنة المعنية بحقوق الانسان قد رفعت تقريرا مفصلا الى المجلس بخصوص حالة امربيه أحمد محمود في شهر أبريل الماضي، حيث أكدت على طبيعة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي تعرض لها الناشط امربيه بسبب انخراطه في نشاطات سياسية و تبنيه لمواقف معارضة لقيادة البوليساريو.

وفندت اللجنة كافة المبررات التي ساقتها الجزائر في ردودها على استفسارات اللجنة، مبينة الانتهاكات وضروب المعاملة القاسية التي تعرض لها في سجون البوليساريو، من اختطاف واخفاء قسري، وتعذيب وإكراه، ومفندة التفويض غير القانوني الذي تذرعت به الجزائر والمتعلق بتدبير البوليساريو لمخيمات تيندووف.

وفيما أقرت الجزائر بتورط أمنها في اعتقال الناشط امربيه أحمد محمود، بحسب تقرير للجنة المقدم للمجلس، فإنها فضلت أن تتهرب من الرد على عديد الانشغالات التي عبرت عنها اللجنة المعنية بحقوق الانسان، خاصة تلك المتعلقة بغياب الضمانات الكفيلة بالتقاضي والانتصاف لدى قاطني مخيمات تيندوف، وبالتالي تكريس إفلات الجلادين من المحاسبة والعقاب.

ويصب هذا الرأي الصادر عن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في كون الجزائر طرفا معنيا بنزاع الصحراء، حيث يهمل أي تركيز على دور للبوليساريو، محملا كامل المسؤلية

للدولة الجزائرية، باعتبارها الجهة المعترف بها دوليا في ما يتعلق بتدبير مخيمات تيندوف.

وكان الناشط امربيه أحمد محمود قد انخرط في حركة 5 مارس المعارضة للبوليساريو في سنة 2011، قبل أن يتعرض للاختطاف في 26 من مارس من نفس السنة، بسبب تسليمه رسالة للمبعوث الشخصي للأمين العام الأممي كريستوفر روس، الذي كان في زيارة الى تيندوف حينها، حيث تعرض لصنوف من التعذيب، ليعاود الأمن الجزائري اختطافه مرة أخرى بتيندوف في 25 من يوليو 2014، ويتعرض حينها لصنوف بشعة من التعذيب، شملت الحرق والعزل عن العالم الخارجي، إلى جانب التجويع و الحرمان من النوم.

وتأتي إدانة المجلس للجزائر بخصوص تورطها في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة بتيندوف في سياق عديد المواقف المشابهة الصادرة عن مختلف الهيئات الأممية، حيث سبق لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نفسه ان أعرب في ملاحظاته الختامية حول التقرير الدوري الرابع بشأن الجزائر المعتمد في الدورة الثالثة والعشرين بعد المائة سنة 2018، عن “قلقه العميق إزاء تفويض الدولة الجزائرية لسلطاتها بشكل فعلي، ولاسيما السلطات القضائية إلى البوليساريو.

وشدد المجلس في ملاحظاته على ذات التقرير على “أن هذا الوضع يتعارض مع التزامات الدولة الطرف، والتي بموجبها يجب أن تحترم وتضمن الحقوق المعترف بها في الميثاق لفائدة جميع الأفراد الموجودين على أراضيها”.

هذا التفويض الفعلي لصلاحيات الجزائر للبوليساريو، على جزء من أراضيها، أدى إلى خلق فراغ قانوني، مما حرم السكان المحليين من الوصول إلى هيئات الطعن القضائي أو الإنصاف في البلد المضيف، وذلك في انتهاك تام للمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعها النظام الجزائري.

الانشغال ذاته تم التأكيد عليه في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة رقم (S / 2018/889 ، الفقرة 67)، لا سيما في ما يتعلق بعدم تمكن الضحايا في مخيمات تندوف من الطعن أمام محاكم الدولة الطرف. هذا الفراغ القانوني استغله البوليساريو والجيش الجزائري للقيام بقمع ممنهج ضد أي شخص يعبر عن رأي مخالف لقيادة البوليساريو، أو يجرؤ على انتقاد الفساد والمحسوبية المتفشيين في مخيمات تندوف.

وقد وجهت مجموعة العمل المعنية بالاعتقال التعسفي بدورها انتقادات للجزائر في رأيها رقم 7/2020، المعتمد خلال دورتها السابعة والثمانين، عقب اختطاف نشطاء آخرين من طرف البوليساريو في يونيو 2019، حيث أكد على تعرضهم للتعذيب والاحتجاز بشكل غير قانوني لما يقرب من 5 أشهر.

وشددت مجموعة العمل، في هذا السياق، على “مسؤولية الجزائر ما دامت هذه الانتهاكات ترتكب فوق التراب الجزائري، وبالتالي في دائرة النفوذ الترابي الجزائري”.

وبخصوص تورط البوليساريو في تجنيد الأطفال بمخيمات تيندوف، فقد كانت هذه الممارسة اللاإنسانية محل إدانة واسعة وبشكل منتظم أمام الهيئات الأممية المعنية، حيث يتم في استنكار عدم تردد قادة البوليساريو في تجنيد أطفال مراهقين تتراوح أعمارهم بين 12 أو 13 سنة.

 

 

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button