أخبارإفريقياالعالمقصص و شخصياتقضاء وقانون

عائلة الرئيس بوضياف تشكك في “الرواية الرسمية” لاغتياله

ابنه ذكر أن الرواية الرسمية للحادثة “منافية للحقيقة”

يتمسك إلى يومنا هذا أبناء الرئيس الجزائري الراحل، محمد بوضياف، بمتابعة مسؤولين نافذين بتهمة “تصفيته جسدياً”، رغم مرور 30 عاما كاملة على اغتياله (29 يونيو 1992)، بينما كانت كاميرات التلفزيون العمومي تنقل على المباشر خطاباً له في مدينة عنابة.

وراسل نجله الأكبر ناصر بوضياف أعلى سلطات البلاد، بمناسبة ذكرى اغتياله، وطالب بـ”الكشف عن الحقيقة كاملة”، مؤكداً أن “الرواية الرسمية لحادثة الاغتيال ليست هي الحقيقة”، في إشارة إلى التشكيك في اتهام الملازم لمبارك بومعرافي بقتل بوضياف الذي كان يومها ضمن الحرس الخاص الذي سهر على تأمين تنقله إلى عنابة، والذي أدانته محكمة الجنايات عام 1994 بالإعدام؛ لكن العقوبة لم تنفذ، وتحولت آلياً إلى السجن مدى الحياة.
وذكر مصدر قريب من عائلة الراحل، أن رحيل بوضياف “يظل جريمة من دون عقاب”، وأكد أن أبناءه وزوجته “لن يسكتوا عنها مهما طال الوقت”.
واتهم ناصر الجنرال محمد مدين المشهور بـ”توفيق”، رئيس الاستخبارات العسكرية في تسعينات القرن الماضي، واللواء خالد نزار الذي كان وزيراً للدفاع، وعضواً بـ”المجلس الأعلى للدولة”، برئاسة محمد بوضياف، بـ”تلقي تعليمات من الرئيس الفرنسي (السابق) فرنسوا ميتران لتصفية والدنا؛ لأنه كان يشكل تهديداً لمصالح فرنسا في الجزائر؛ ونزار ومدين كانا مكلفين بحماية هذه المصالح”، علماً بأن هذين الأخيرين أحيلا على التقاعد منذ أعوام طويلة، وقد طلب ناصر بوضياف العام الماضي من وزير العدل استجوابهما حول القضية، غير أن السلطات لم تأخذ اتهاماته على محمل الجد، على أساس أنه لم يقدم دليلاً واحداً على ضلوع أحدهما أو كليهما في الجريمة التي وقعت بينما كان الإسلاميون على وشك الوصول إلى السلطة. ويبقى نزار شخصاً نافذاً في البلاد، رغم ابتعاده عن شؤون الحكم. وقد أطلق رئيس أركان الجيش الراحل الفريق قايد صالح، قبل عامين ونصف مذكرة اعتقال دولية ضده، بينما كان مقيماً مع ابنه لطفي في إسبانيا. وسمحت له قيادة الجيش الجديدة بالعودة، بعد وفاة صالح نهاية 2019، وتم محو كل التهم التي صدرت ضده. كما سجن صالح محمد مدين في الفترة نفسها بتهمة “التآمر على الجيش”، خلال مظاهرات الحراك الشعبي، وأدانه القضاء العسكري بالسجن 20 عاما. وبعد وفاته تمت تبرئته بعد إعادة محاكمته.
وكانت قيادة الجيش قد استنجدت ببوضياف لتسلم الحكم مطلع 1992، وكان وقتها يعيش في المغرب الذي لجأ إليه بعد خلاف حاد مع رفاقه السابقين في ثورة التحرير عام 1964. وطلبت منه القيادة العسكرية رئاسة “المجلس الأعلى للدولة”، وهو هيكل حكم جماعي استخلف رئيس الجمهورية الشاذلي بن جديد، كمرحلة انتقالية تسمح بترتيب بيت النظام الذي تعرض لـ”زلزال إسلامي” في تلك الفترة. وقد دفع بن جديد إلى الاستقالة، بعد أن حصدت “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” نتائج الجولة الأولى من انتخابات البرلمان، في دجنبر 1991. وبينما كانت تتجه للحصول على أغلبية ساحقة في الدور الثاني، تدخل قادة الجيش لإلغاء النتائج، وأوقفوا المسار الإنتخابي، فرد الإسلاميون بحمل السلاح، ودخلت البلاد في فترة اقتتال داخلي دام أكثر من عشرة أعوام، ما زالت تعيش تداعياته إلى اليوم.
والغريب أن الملازم بومعرافي لم ينطق بكلمة واحدة خلال المحاكمة التي ترقبها الجزائريون ليعرفوا “من دفعه لإطلاق الرصاص عليه”، و”من دبر الجريمة”. وقد نجا من حادثة تمرد مساجين بالعاصمة وقعت في 1995، وقتل فيها 90 سجيناً، أغلبهم إسلاميون مدانون بتهمة الإرهاب. والرواية الرسمية لاغتيال بوضياف لا يصدقها عامة الناس، ولا الأوساط السياسية والإعلامية في البلاد، وما هو شائع أن مسؤولين بارزين قتلوه، بحجة أنه أبدى عزماً على محاسبتهم لضلوعهم في فضائح فساد.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button