أخبارإفريقيا

حدود المعاناة.. من يمنع فساد الملح!

تعتبر الحدود ظاهرة جغرافية ذات بعد سياسي، ولأنها في غالب الأحيان إرث كولونيالي، فإنها تعتبر دوما مصدر قلق وصراع بين البلدان. ولكونها تتعرض دوما لفعل تغيرات عدة بسبب النزاعات والصراعات، فإن العديد من الدول يسودها التوتر حول عدة مسائل أهمها الحدود.

فبالرغم من الروابط التاريخية التي تجمع البلدين، ومقومات تكاملية كبيرة بينهما، إلا إن الطابع الغالب على العلاقات المغربية الجزائرية هو التوتر والتصعيد منذ الاستقلال، إلا في فترات معينة وقصيرة. الأمر الذي أجل فكرة بناء المغرب الكبير بسبب تعنت جنرالات قصر المرادية، الذين يجدون في قضية الصحراء المغربية متنفسا لتصدير المشاكل الداخلية ولإلهاء الشعب عن مشاكله الاجتماعية المتأزمة، وتبقى قضية الحدود مغلقة من دون سبب ولأجل غير مسمى، رغم دعوات المغرب المتكررة لفتح الحدود.

تعتبر الحدود المغربية الجزائرية من أطول الحدود المغلقة في العالم، حيث تصل إلى حوالي 1600 كيلومتر، وهي مغلقة منذ ما يزيد عن 26 سنة، سببت معاناة إجتماعية كبيرة لعائلات مغربية وجزائرية يجمعهم الدم المشترك وعلاقات الدم والأخوة.

فالشعبين المغربي والجزائري، يعتبران شعب واحد في بلدين، تربطهما أواصر أخوة متينة، مزقتها السياسة، وعنتريات الجنرالات، التي لم تراعي في قراراتها السياسية الضيقة الروابط الإنسانية بين سكان البلدين. ورغم ذلك لم تتلوث العلاقات الإجتماعية بين الشعبين، بفضل الروابط المتينة التي تجمعها عبر التاريخ.

فإغلاق الحدود سبب معاناة الأهالي وأدى إلى قطع أواصر التواصل بين الجانبين، مما يدفع البعض عوض قطع 40 كيلومترا، يلتجئون لقطع مسافة أكثر من 1500 كيلومتر لزيارة أقاربه في الضفة الأخرى عبر الطائرة، مثلا من وجدة إلى الدار البيضاء ثم إلى وهران ثم تلمسان، وهو سفر مكلف من حيث الثمن والوقت أيضا. وأحيانا يلجأ البعض لقطع العشرات من الكيلومترات التي تفصلهم عن عائلاتهم متسللين للحدود برا وهو ما يعد مغامرة محفوفة بالمخاطر، والكثير من الشيوخ والمسنين لا يقدر على فعلها.

وبسبب هذا القرار اللإنساني لغلق الحدود تتجرع العديد من العائلات في البلدين مرارة عدم التواصل وتزداد معاناتها ومأساتها الإنسانية والنفسية والإجتماعية، خصوصا في المناسبات الدينية والأفراح وكذا الجنازات حيث يصعب أو يستحيل أحيانا الحضور، وهو ما يزيد من معاناة الأفراد حيث يكفي أحيانا التواصل شفاهيا عبر الشريط الحدودي حيث تلتقي العائلات على الجانبين لصلة الرحم وتبادل الأخبار العائلية.

كما أن روابط المصاهرة والزواج بين العائلات تجعل من غلق الحدود قطعا للرحم ولصلة التواصل العائلي وتمزيقا للنسيج الإجتماعي وتفريقا لأبناء الأسرة الواحدة، فالقرار السياسي المتخذ كانت له كلفة اجتماعية ونفسية مكلفة، دفع ثمنه عائلات مشتتة على الحدود.

فالسياسة للأسف، والقرارات الجوفاء من كل معنى، لم تأخذ في الحسبان الجانب الإنساني للشعوب والمجتمعات، بل انحصر همها فقط في المصالح الضيقة للنخبة الحاكمة ولم تراعي في قراراتها الأثر السلبي على الحياة الإجتماعية للأفراد.

فكلا الشعبين يعرفان بعمق، مستوى التآخي وصلة القرابة والرحم والدم المشترك بينهما، وكذا المصير المشترك. لكن مأساة الشعوب، غالبا ما تصنعها قرارات سياسية، متهورة وغير حكيمة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button