أخبارالعالم

عندما تباشر أمريكا فتح أزمة ما كالحرب الروسية في أوكرانيا تتحول إلى ندوب مفتوحة

بقلم: الدكتور عبدالحفيط محبوب

صحيح أن روسيا استراتيجيا لا يمكن مقارنتها بأوكرانيا، لكن أيضا أوكرانيا يدعمها دول الناتو وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، وإن كانت الولايات المتحدة هي من تدير الأزمة من أجل أن تبقى ندوبا مفتوحة كبقية الأزمات الموجودة في الشرق الأوسط، رغم أنها ترسل مندوبيها لإدارة تلك الأزمات، يمكن تكون الأزمة الوحيدة التي أرسلت لها أسلحة دون أن ترسل أي مندوب، وإن كانت سبق أن كانت ترسل أسلحة للمعارضة السورية في سوريا، لكن في بقية الأزمات نجد أن أمريكا لا تحسم أي أزمة، بل تجعلها ندوبا مفتوحةتنزف.

وهو ما جعل السعودية تدرك أن الولايات المتحدة لن تنهي أزمة اليمن، ما جعلها تتجه نحو خيارات أخرى أزعجت الولايات المتحدة، وجعلها تدخل في أزمة علاقات مع السعودية، عندما رفضت السعودية ضخ مزيد من النفط لخفض الأسعار للتأثير على مداخيل روسيا من أجل إضعاف قدراتها في أوكرانيا، بسبب أن أمريكا تركت الأزمة اليمنية ندبا ينزف دون أي حسم، بل رفضت السعودية الاستجابة للولايات المتحدة الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران بعد زيارته لإسرائيل ثم للسعودية عندما طالب بتشكيل ناتو عربي إسرائيلي لضرب إيران.

لم تصب الأزمة في أوكرانيا سوى في مصلحة أمريكا، وتحولت السعودية التي تقود أوبك بلس وتقيم علاقات تحالف وثيقة اليوم مع قطر التي تمتلك ثالث احتياطيات من الغاز في العالم، وجعل قطر توقع عقدا مع الصين لتوريد 5 ملاين طن من الغاز لمدة 27 عاما وهو الغاز الذي كان يراهن عليه الغرب أن يصل إليه.

البعض كان يراهن كثيرا على تحقيق روسيا تقدما سريعا في أوكرانيا، ويصبح الأمر واقعا كما في احتلال روسيا شبه جزيرة القرم في 2014 وأيضا روسيا، لكن اليوم نجد أن الرئيس الأوكراني زيلنسكي لا يستطيع التصرف بمفرده دون الولايات المتحدة وينفذ مطالبها لاستنزاف الدب الروسي في الأراضي الأوكرانية، بل كان البعض يراهن كثيرا على الشتاء دون النظر في موازين القوى وفي استراتيجية الولايات المتحدة في التعامل مع الأزمات التي تفجرها، فالحرب في شهرها العاشر وإمدادات السلاح تسابق دعوات التهدئة، والناتو يزود أوكرانيا بأجهزة تشويش ضد المسيرات.

 فهناك تصريح لديمتري ييسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية الكرملين في 25/11/2022 إن الرئيس الأوكراني زيلينسكي ليس مهتما بالتوصل إلى حل سلمي للصراع بشأن شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إليها من أوكرانيا في 2014، وأنه يسعى إلى استعادة القرم بالقوة العسكرية، بعد تصرح أدلى به الرئيس زليسكس لصحيفة فايناشيال تايمز البريطانية أن أوكرانيا تعتزم استعادة شبه جزيرة القرم بالقوة العسكرية إن لزم الأمر، ردا على تأكيد بوتين في 25/11/2022 خلال لقائه أمهات جنود ومجندين روس نقله التلفزيون الرسمي أن روسيا ستحقق أهدافها في أوكرانيا، واعتبر الحرب لحظة فاصلة وقفت فيها روسيا أخيرا في وجه الهيمنة الغربية المتعجرفة بعد عقود من الامتهان في الأعوام التي تلت سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991.

وأوضح ديمتري ييسكوف بقوله هو ما يرقى إلى نزع ملكية أرض روسية مؤكدا أن هذا لن يحدث تحت أي ظرف، ما يعني أن الأزمة تحولت إلى جرح مفتوح كبقية الأزمات التي تختلقها الولايات المتحدة، أو حدثت نتيجة الصراعات الإقليمية لكن تولتها الولايات المتحدة وتتركها ندوبا نازفة غير محسومة، رغم أنها تتدخل من أجل الحل، لكنه تدخل لا يهدف لحسم الأزمات.

 رغم أن روسيا تقوم بقصف البنية التحتية للطاقة والمياه في كييف العاصمة، وأصبح نصف سكان العاصمة محرومين من التيار الكهربائي في وقت أصبحت درجات الحرارة صفر مئوية مع تساقط أمطار، رغم أن الطاقة في أوكرانيا مرتبطة بنظام الطاقة في الاتحاد الأوروبي، وعدها الاتحاد الأوروبي جرائم حرب لكنهم لا يقوون على مواجهة روسيا بمفردهم دون الولايات المتحدة التي ترفض رفع سقف المواجهة مع روسيا لتظل الأزمة تراوح مكانها، ولم تتوقف روسيا على ضرباتها في كييف بل ركزت في ضرباتها على ضواحي زابوريجيا مجددا بضربات صاروخية التي تضم أكبر محطة للطاقة النووية التي يمكن أن تهدد بكارثة نووية كالتي حدثت في انفجار مفاعل تشيرنوبل في 1986 من أجل الضغط على أوكرانيا من عدم استعادتها.

وهذا الضغط الروسي أتى ردت فعل على قرار البرلمان الأوروبي الذي يصنف روسيا دولة راعية للإرهاب وهو لا يمت بصلة في مكافحة الإرهاب كما تدعي، واعتبرت روسيا القرار خطوة غير ودية، والضربات أيضا ردة فعل على مناورات الناتو في شمال بولندا في 25/11/2022 باعتبارها الجناح الشرقي لحلف الناتو، خصوصا وأن منطقة سوفاوكي جاب ذات كثافة سكانية عالية وهي أراضي بولندية تقع بين روسيا البيضاء وجيب كالينينجراد الروسي، ولهذه المنطقة أهمية استراتيجية لأن استيلاء روسيا عليها سيعزل دول البلطيق عن بقية دول الحلف.

       

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button