الرئيسيةفي الصميم

لمَاذا يلعَب الحُكام لعبةَ الجُبناء…؟

بالجزائر،  اعتقل الصحفيي إحسان القاضي منذ شهر دجنبر من السنة الماضية بعد اعتقالات سابقة له، ووُضِع الشمع  على مقره الاذاعي الإعلامي الحر، ومرت اجراءات التحقيق ، والمحاكمة آتِية قريبا  على الابواب وعلى  طبول الغضب والاحتجاج، وليست هاته هي المرة الاولى و لَنْ  تكون الاخيرة التي تعرف فيها حُرية التعبير بالجزائر المِحن و يتعرض فيها الصحفيون لعمليات الاضطهاد والمتابعة والسجن ، فالتقارير  التي تصدر عن هيئات حقوقية وإعلامية دولية تشهد بذلك، ومنها مثلا تقارير منظمة العفو الدولية وهيومن ووتش و  صحفيون بدون حدود وغيرها….

وحال الجزائر مع قضايا الحريات وازدرائها ومع محنة الرابطة الجزائرية لحقوق الانسان وحلها من قبل القضاء الإداري بالعاصمة وغير ذلك،   يشبه حال حرية التعبير  في بلدان العُرْب الموزعة  من الخليج الى المحيط.

وبالطبع، تَحملت المحاميات والمحامون بالجزائر  وهم أهل الدفاع والقانون ، ومعهم عدد من المحامين عبر العالم،  شرفَ الدفاع عن الحرية و عن قواعد المحاكمة العادلة والوقوف بجانب الصحفي المعتقل احسان القاضي،  وهذا بالضبط ما أزعج السلطة الجزائرية و أقلق رئيس الدولة نفسه،  فخرج قبل أيام قليلة  خلال وصلة  صحفية  عقدها ، وحسب محللين صحفيين كُثْر،  وراحَ  يتهم  الصحفي وينعته 

بقلم: النقيب عبدالرحيم الجامعي

” بالمخابري  ” وهو ما يعني ” informateur  المخبر ” ، وهي التهمة السهلة التي تَعَودَ تلفيقها  الحكام  لما تُضايقُهم الفضائحُ وتتبعهم أقلامُ الصحافة الحرة  ويَحتج عليهم الرأيُ العام ، و لما يَقِف أمامهم نساء  و رجال الدفاع ليرافعوا ويعلنوا تُطبخ الملفات  و تُصنع المتابعات وكيف يستعمل التخويف ضد القضاة و المساس باستقلالهم.

ولما  يتصرف رئيس الدولة ويقذف  التهم  لشخص الصحفي احسان ، وهو معتقل لا يقدر على الرد على الرئيس أو الجواب عن كلامه المُحصن المُقدس، و يتصرف وكأنه وكيل للنيابة العامة أو قاضي للتحقيق،  بل يأتهمه تهمة خطير ة ، ومن بدري فربما  قد تلتمس النيابة العامة اضافتها لتنقلب العقوبة للاعدام ، فهنا  تتجلي الغفوة  ويصبح استقلال القضاء المنصوص عليه بالدستور الجزائري لا قيمته له لدى رئيس الدولة،  والضغط على القضاء  أمر لا يزعجه،  وخرق مبدأ التحفظ والحياد مسلمات لديه لا يمتنع معها عن أي شيئ. 

إن الاطاحَة بالعدالة تحتَ اقدام الحُكام، و القَبضُ على اعناق القضاء والقضاة  باياديهم الملطخة بالانتهاكات، هو  الانقلاب  الحقيقي على المشروعية وعلى  القيم الكونية والانسانية التي  تقرر  ان  العدالة ملجئ المظلومين و القضاء يضمن الحريات وحقوق الانسان  والسلطة هي سيادة القانون  الذي لا سلطة فوقه حتى ولو كانت سلطة الرؤساء او ضجيج مدافعهم ورشاشات زبَانيتَهم.

ان تجربة  ”  التهم الرئاسية المقدسة ”  كما  أعلن عنها الرئيس الجزائر ي ضد الصحفي احسان،  تُجسد الاستبداد السياسي والشطط السلطوي،  و تُمثل انتهاك حرية الراي والتعبير، وتُنذِر  بمآل  مخيف وادانة مسبقة للصحفي المعتقل…، إنها تفتح باب المستقبل على كل الاحتمالات… 

انتبهوا  واطلقوا سراح الصحفي احسان، واعيدوا إليه حريته، فانتهاك الحريات ومنها حرية الرأي والتعبير نار تحرق المستبدين، فان أصبح الحكام  لا يهابون  الظلم ، ويستخفون  من انتقامه وويلاته  ، و يُنسَوْن بأن الظلم هو المُهدد لأنظمتهم ، فعليهم أن يقرأوا التاريخ بما فيه القريب منهم،  فسيعرفون  بأن القمع أسقط الانظمة و أحرق القهر  ومصادره. 

وهنا وبالمغرب، لابد من تغيير قواعد اللعبة، و لابد، وبسرعة، من اتخاذ قرار سياسي  بإفراغ السجون من المُعتقلين السياسيين ومن الصحفيين المعتقلين، ووقفِ استعمال الإتهامات العنكبوتية الهشة مثل الإخلال بالنظام العام أو التوصل بأموال  من منظمات أجنبية للإساءة  للمغرب…، فليس في المغرب مُخبرون وليس بالمغرب خَونة  وليس بالمغرب عُملاء ولا أشرارا، وليس بالمغرب سوى مُخيلة البَعض ممن يتلاعب بالقانون وبالحريات فيُسيء للمغرب عن قصد قبل ان يُلفق التهم السياسية لمواطنين غيورين عن الوطن ليُقبِرهُم داخل الزنازن …

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button