أخبارالناس و الحياة

سوداني قبطي يتذكر..يوم صاح أطفال الحارة في رمضان ..فاطر..فاطر

من خواطر سوداني قبطي يعيش حالياً في تورنتو كندا. يقول .. في أحد أيام رمضان في الخرطوم كان يأتينا الطعام من كل بيت ( مسلم ) ، فذاك يعطينا العصيدة ،،، وآخر يعطينا القراصة وثالث يعطينا الخضار والفواكه والرابع يعطينا شوربة أو بليلة ،،،
كان بيتنا مزاراً لأطفال وبنات ونساء جيراننا ( المسلمين ) القادمين لنا بأصناف الطعام …

كانت امي تجعلنا نصوم مع ( المسلمين ) بالرغم من أننا لسنا صائمين …!!!
كانت ترفض طبخ الغداء في بيتنا حتى لايشم رائحة الطبخ جيراننا ( المسلمين الصائمين …!!!!)
كانت أمي تنتظر حتى يبدأ ( المسلمون ) في طبخ فطورهم فتطبخ لنا معهم …!!!!!
كانت تحذرني بعدم الأكل في الشارع أمام الصائمين ،،،!!!
كنت أخرج في عصر رمضان أتمشى في السوق العربي و أشاهد الزحام على بائعي الخضار والفواكه .. كان ( المسلمون ) يشترون ويعطوني ،،، وإن رفضت يجبروني على أخذها ،،،!!!
كنت أحس بالسعادة ،،، وكنت أشعر أني ( مسلم …!!!) نسيت ديانتي معهم ،،،!!!
وكنت أذهب إلى سوق الزنك حيث بيع اللحوم ،،، ومحلات الدجاج …

وفي يوم أعطاني ( مسلمٌ ) 3 حبات سمبوسة ،،، لم أقاوم رائحتها ،،، ولم أنتظر حتى أعود للبيت وآكلها ،،، بل أكلتها في الشارع ،،، فصاح من حولي أطفال الحارة :*
( فاطر ،،، فاطر …!!!)
ذهبوا إلى أمي وأخبروها أني فاطر ،،، فأخذت الشبشب وضربتني أمامهم ،،،!!!
وأدخلتني إلى البيت ووبختني ومنعتني من الخروج لمدة أسبوع لأنني لم أحترم مشاعر وشعائر المسلمين …!!!)
وعندما سمحت لي بالخروج بعدها كانت تفتشني خشية أن أكون قد اخذت معي كسرة خبز أو ماء …!!!!

《 لقد عشنا في احترام متبادل ، لاتفرقه دينية ولا خلاف …》
[ لم أجد اليوم ذلك الحب والاحترام الذي وجدناه من جيراننا ( المسلمين ) ،،، ورغم أنهم لم يكونوا أثرياء بل بسطاء إلا انهم سعداء ومرتاحون وراضون بما معهم ،،،《 كانوا أغنياء بأخلاقهم وبأنفسهم العزيزة وبتعاملهم الراقي والإنساني معنا …
اليوم أنا في المهجر في بلاد غير بلادي …!!!؟؟؟
أجد نفسي اليوم غريباً بين قوم هم أصلاً ديانتهم نفس ديانتي ،،، لكن معاملتهم وأخلاقهم غير تلك التي عرفتها بين أهلي ووطني الحقيقي ،،، ارض الطيبين والمتسامحين …!!!
( نحن هنا غرباء كلاجئين في أرض ليست لنا ،،، وأظن أني وأسرتي أخطأنا الطريق عندما تخلينا عن عروبتنا وأصولنا السودانية العريقة ،،، وانتمينا إلى شعوب من غير جلدتنا …)
وكما يقول المثل السوداني الأصيل
( من خرج من داره قل مقداره )…
ها نحن ندفع الثمن لاجئين بين اجواء ثلجية باردة ،،، بينما كنا في أهلنا ووسط بلادنا نسرح ونمرح في أرجاء دفء الخرطوم دون خوف أو حتى غربة ،،، ولا فرق بين ( مسلم ) أو قبطي…

لاتستغربوا عندما أقول لكم أنني ذات يوم دخلت المسجد العتيق في الخرطوم ،،، وصليت جوار أصحابي الصغار ولم أشعر أنني غير مسلم إلا بعدما خرجت من المسجد …
( حقيقة مرة …!!!)

كلما تذكرت ذلك أيقنت أنني فارقت أرض الطيبين وأرض الصالحين ،،، أنا وأسرتي ،،، وارتضيت بالغربة المؤبدة في بلاد ظننت أنها تخصني أو أنا أنتمي إليها ،،،!!!

فسلام الله عليكم وعلى كل سوداني فوق وجه هذه الأرض ..

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button