أخبارمجتمع

الكاميرا تأتي أولاً

في زمن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الكاميرا جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية.

لاحظت مؤخرًا ظاهرة غريبة تعكس التغيرات الاجتماعية والثقافية في مجتمعنا: تصوير الطعام قبل تناوله.
هذه الظاهرة ليست مقتصرة على بلد معين؛ بل هي منتشرة في المغرب وفي العديد من الدول حول العالم.

أجد نفسي أحيانًا في موقف غريب عندما أزور مطعمًا أو أتناول وجبة سريعة ؛ حيث يتوقف كل شيء عند اللحظة التي أرى فيها أشخاص يوثقون في كاميراتهم أو عبر الهاتف المحمول وجباتهم وتوزيعها عبر مواقع التواصل قبل تناولها.
وتعتبر هذه العملية كوسيلة لمشاركة لحظاتنا الجميلة خارج البيت او داخله مع الأصدقاء والعائلة، اكن فزمننا هذا تحولت إلى نوع من السباق لتقديم الطعام بشكل جذاب على وسائل التواصل الاجتماعي وأحيانا لتباهي .
من الأطباق التقليدية المغربية مثل الطاجين والكسكس إلى الوجبات العالمية مثل السوشي والبرجر، أصبح كل طبق يُستعرض بصورة دقيقة وجميلة .
في المغرب، حيث نعتز بمأكولاتنا التقليدية، نجد أن العديد من الناس يلتقطون صورًا لأطباقهم قبل تناولها، سواء في المطاعم أو في المنزل. لكن هذه الظاهرة لا تقتصر على المغرب فقط.
في دول مثل الولايات المتحدة، يمكن أن يرى المرء صورًا لأطعمة تبدو وكأنها أعمال فنية. الناس لم يعدوا يكتفون بتصوير أطباقهم، بل يسعون لتصميمها بطريقة جذابة، مما يعكس تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا.

هذا يطرح سؤالًا مهمًا: هل أصبحت لحظات تناول الطعام مجرد فرصة لعرض المحتوى الرقمي؟ هل نحن نستهلك الطعام بأعيننا أكثر مما نستهلكه بأفواهنا؟ أحيانًا، يمكن أن يؤدي التركيز المفرط على تصوير الطعام إلى فقدان التجربة الحسية للطعام نفسه، مما يحرمنا من الاستمتاع الكامل بكل نكهة وملمس.

من جهة أخرى، هناك جوانب إيجابية لهذه الظاهرة. على سبيل المثال، الصور الجميلة للطعام يمكن أن تسهم في اكتشاف مطاعم جديدة وأطباق غير تقليدية، مما يعزز تجربة تناول الطعام.
كما أن هذه الصور قد تساعد في توثيق الذكريات وتجارب السفر، مما يضيف طابعًا شخصيًا واحتفاليًا لتجربة الطعام.

في النهاية، أعتقد أننا بحاجة إلى توازن، فتصوير الطعام يجب أن يكون جزءًا من تجربة تناول الطعام وليس الهدف الوحيد منها.
و علينا أن نحتفظ بجزء من اللحظات الخاصة لأنفسنا، وأن نستمتع بالطعام كما يستحق. ربما في المستقبل سنجد الطريقة المثلى للتوازن بين توثيق تجاربنا ومجرد الاستمتاع بها.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button