يُعتبر إضراب المحامين في المغرب خطوة نضالية تهدف إلى تحسين ظروف عملهم والدفاع عن مهنة تعدّ دعامة أساسية للعدالة وسيادة القانون. في هذا السياق، يبرز دور القضاة في إظهار التزامهم بالمبادئ الحقوقية من خلال تأجيل النظر في الملفات، وهو موقف يُعدّ ضرورة حقوقية تسهم في تكريس دولة الحق والقانون، ويعبر عن احترامهم للحق في الدفاع.
لقد أظهرت تجربة تأسيس “نادي قضاة المغرب” أن القضاة قادرون على التضامن مع المواقف الحقوقية العادلة، فقد خاضوا بدورهم تجربة تأسيسية محفوفة بالتحديات، إذ واجهوا رفضًا لتأسيس ناديهم بأحد المعاهد العليا بحي أكدال، واضطروا لتأسيسه أمام باب المعهد، حيث جرت أول انتخابات، وشهدت حضورًا لافتًا لعدد من المحامين الذين قدموا لهم الدعم. وقد شكلت هذه اللحظة نقطة تحول أظهرت تضامنًا بين القضاة والمحامين، اللذين تجمعهما نفس الأهداف في الدفاع عن سيادة القانون والعدالة.
اليوم، ومع الإضراب المستمر للمحامين، يقع على عاتق القضاة، خصوصًا المنخرطين في “نادي قضاة المغرب”، أن يظهروا دعمهم لحقوق الدفاع. فالنادي ليس مجرد جمعية مهنية، بل يعتبر بمثابة هيئة حقوقية، تهدف إلى صون استقلالية القضاء وحماية المبادئ الدستورية، وممارسة دور إيجابي في تحسين منظومة العدالة.
من المهم إدراك أن تأجيل النظر في الملفات، خاصة في فترة غياب المحامين، لا يُعتبر تعطيلاً لسير العدالة بقدر ما هو إقرار بأهمية الحق في الدفاع واحترام حق المتقاضين في التمثيل القانوني. فإتمام المحاكمة دون حضور المحامين قد يعرّض حقوق الأطراف للخطر، وهو ما يتعارض مع مبادئ المحاكمة العادلة. كما أن احترام دور المحامين لا يقتصر على مهامهم التمثيلية، بل يمتد إلى تأكيد احترام الدستور والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب، والتي تؤكد الحق في الدفاع.
يُعد “نادي قضاة المغرب” مدعوًا اليوم لتأكيد مكانته كهيئة حقوقية متضامنة مع القضايا العادلة للمحامين، والعمل على حثّ القضاة على تأجيل النظر في القضايا المتأثرة بغياب الدفاع. فدولة الحق والقانون تتجلى في تعزيز التعاون بين مختلف الفاعلين في منظومة العدالة، بمن فيهم القضاة والمحامون، وضمان احترام حقوق الأطراف أمام القضاء.
إن موقف القضاة بتأجيل الملفات، بالتزامن مع إضراب المحامين، هو خطوة نحو تأكيد الحقوق الدستورية، والالتزام بمواثيق حقوق الإنسان، وضمان حق الدفاع كمبدأ لا يقبل التنازل.