يأتي خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام البرلمان المغربي بمثابة إنصاف تاريخي وحضاري وسياسي للمغرب كدولة وكشعب، وقد أعاد فيه التأكيد على دعم فرنسا للحل المقترح لقضية الصحراء المغربية، وفقا لمبادرة الحكم الذاتي، معتبرا إياها تحت السيادة المغربية.
هذا التأكيد أمام البرلمان المغربي حمل قيمة خاصة، نظرا لتأثيره في الرأي العام المغربي وتوضيحه لموقف فرنسا الرسمي.
تميز الخطاب بنبرة تواضع افتقرت إليها الخطابات الفرنسية السابقة، وعكس إرادة نحو شراكة متكافئة بين البلدين؛ حيث أشار ماكرون إلى دور المغرب كنافذة على إفريقيا التي تشهد تحديات كبيرة. وقد فهم من ذلك أن فرنسا تعترف بدور المغرب كمحور إقليمي وكموقع استراتيجي يساهم في تحقيق مصالح مشتركة، خاصة في ظل الخسائر التي تواجهها فرنسا في القارة الإفريقية.
من جهة أخرى، تطرق ماكرون إلى القضية الفلسطينية بطرح يتوافق مع إرادة الدولة المغربية وشعبها،مشددا على دعمه لحل الدولتين ووقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية، وهو ما قوبل بتصفيق من الحضور، رغم الانتقادات التي وجهت له من بعض الأطراف. ومن الجدير بالذكر أن الشعب المغربي يرى حق المقاومة ضد الاستعمار أمرا مشروعا ، مستذكرا حقبته النضالية ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني والبرتغالي، ويستحضر تضحيات المقاومين المغاربة الذين باتوا رموزا وطنية.
من بين النقاط البارزة في خطاب ماكرون إشارته إلى اتفاقية لاسيل-سان-كلو الموقعة بين المغرب وفرنسا عام 1956. وقد أعلن ماكرون عن نيته اقتراح إطار جديد للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، في إشارة إلى تطور العلاقات بين فرنسا والمغرب بعد ما يقارب سبعين عاما من هذه الاتفاقية. وتعتبر اتفاقية لاسيل-سان-كلو، التي وقعها الملك محمد الخامس في فرنسا عام 1956، من العلامات الفارقة في تاريخ البلدين حيث منحت المغرب استقلالًا معترفا به،مع الإبقاء على روابط دائمة مع فرنسا، مما شكل آنذاك نوعا من
الارتباط المتبادل الإرادي.
يعد الرجوع لهذا التاريخ بمثابة فرصة لاستحضار حقبة المقاومة المسلحة، فقد شهدت فترة نفي السلطان محمد الخامس تصاعدا في وتيرة الكفاح الوطني،خاصة من خلال عمليات نفذتها قبائل مغربية ضد الاحتلال الفرنسي.