حميد شباط السياسي المثير للجدل.. هل يعود لتسخين المشهد السياسي في المغرب؟
هل يعود السياسي المخضرم والنقابي البارز حميد شباط إلى واجهة الحدث السياسي المغربي الذي يعيش فترة رتابة وركود ممل، أحال العمل السياسي على غرفة الإنعاش؟.
ومعروف عن حميد شباط، أنه يتميز بأسلوب هجومي وتواصلي فعال ومؤثر، يعتمد على توجيه خطاب سياسي موجه للشرائح الاجتماعية المستهدفة، مع تنويع أساليبه في التواصل وفقًا للظروف السياسية المتغيرة، ووفق نوع وأهمية الأحداث الساخنة.
تازة أنجبت سياسيا عصاميا مثيرا
ولد هذا السياسي المخضرم والمثير للجدل في قبيلة البرانص بإقليم تازة، بتاريخ 17 غشت 1953. هو شخصية سياسية ونقابية مغربية عصامية بارزة. بدأ مسيرته المهنية في مؤسسات صناعية في فاس، قبل أن ينخرط في العمل النقابي في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، التابع لحزب الاستقلال، الذي يعد أقدم حزب سياسي مغربي، حيث أصبح عضوا في المكتب الإقليمي للنقابة في الثمانينات.
في 14 دجنبر 1990 سيبرز اسم حميد شباط بسبب إضراب عام، كان الأعنف من نوعه في تسعينيات القرن الماضي. وكان شباط أحد أبرز مهندسيه، مما أدى إلى متابعته قضائيًا قبل أن يحصل على عفو ملكي.
في السياسة المحلية، بدأ شباط مساره في تدبير الشأن الجماعي عام 1992، بجماعة زواغة مولاي يعقوب بفاس، وتدرج بعد ذلك، حتى تم انتخابه عمدة لمدينة فاس في 2003، وهو المنصب الذي شغله حتى 2015. كما تم انتخابه نائبًا برلمانيًا عن دائرة فاس في عدة مناسبات (1997، 2002، 2007، 2011).
في المجال النقابي، كان له دور في إزاحة عبد الرزاق أفيلال من منصب الكتابة العامة لنقابة الاتحاد العام للشغالين، قبل أن يُنتخب هو في نفس المنصب عام 2009. وفي 2012، انتُخب أمينًا عامًا لحزب الاستقلال بعد منافسة شديدة مع عبد الواحد الفاسي. نجل زعيم علال الفاسي مؤسس حزب الاستقلال في فترة الحماية الفرنسية.
شباط يعتبره أنصاره سياسيًا عصاميًا قويا، بينما يراه خصومه سياسيًا شعبويًا وصداميا، متهمين إياه بالتحولات المفاجئة في مواقفه، وارتبط اسمه بشكل وثيق بمدينة فاس، حيث شغل منصب عمدة المدينة لعدة سنوات. عُرف شباط بمواقفه وتصريحاته المثيرة للجدل والتي صنعت له حضوراً لافتاً في الساحة السياسي .
دخول شباط إلى الحياة السياسية
بدأ حميد شباط مسيرته السياسية ضمن صفوف حزب الاستقلال، أحد أقدم الأحزاب المغربية وأكثرها تأثيراً. وبفضل شعبيته في مدينة فاس، استطاع أن يترقى بسرعة داخل الحزب، حتى أصبح من أبرز قياداته.
كان شباط يعتمد على قاعدة شعبية من العمال والفئات الشعبية في فاس، وهذا ما مكّنه من تحقيق صعود سريع في الحزب، حيث تمكّن من الفوز بمقاعد انتخابية في البرلمان والمجالس المحلية، مما ساعده على تعزيز حضوره السياسي.
شباط عمدة لمدينة فاس
في عام 2003، تم انتخاب حميد شباط عمدة لمدينة فاس، وهو المنصب الذي شغله لعدة سنوات. خلال فترة ولايته، عمل شباط على إطلاق العديد من المشاريع التنموية ورفع مستوى الخدمات العامة، مثل تحسين البنية التحتية وفتح أوراش اقتصادية مدرة للدخل بالنسبة للمقولات الكبرى كما المقاولات الصغرى والمتوسطة. ومع ذلك، رافقت فترة ولايته انتقادات عدة، إذ أثار خصومه السياسيين اتهامات، نفاها شباط بشدة، معتبراً أنها تهدف إلى تشويه سمعته والنيل من نجاحاته.
الإنجازات والتحديات في فاس
ركز حميد شباط عمدة فاس على تنفيذ مشاريع حسنت من جودة البنية التحتية للمدينة، كإنشاء الطرق وتحسين شبكة المياه والكهرباء، وتطوير النقل العام. كما أطلق مبادرات لتنشيط السياحة، محاولاً الاستفادة من تراث فاس الثقافي لجذب المزيد من الزوار. ومع ذلك، واجه شباط تحديات كبيرة، من بينها مشاكل السكن العشوائي وارتفاع البطالة، إلى جانب النزاعات السياسية داخل المجلس البلدي، ما أثر على أدائه في تدبير الشأن العام للعاصمة العلمية.
رئاسة حزب الاستقلال والخلافات الداخلية
في عام 2012، وصل حميد شباط إلى قمة السلطة داخل حزب الاستقلال، حيث انتُخب أميناً عاماً للحزب بعد معركة انتخابية داخلية حامية الوطيس. ومع توليه القيادة، حاول إدخال تغييرات داخل الحزب وجذب أجيال جديدة من الشباب، لكن أسلوبه الصدامي جلب له انتقادات من داخل الحزب وخارجه.
كما شهدت فترة رئاسته خلافات حادة مع الحكومة المغربية التي كان يقودها حزب العدالة والتنمية آنذاك، حيث عُرف بمواقفه المعارضة لتوجهاتها، ما أدى إلى انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة في عام 2013.
تراجع شباط وخروجه المؤقت من الساحة السياسية
بعد فترة من الانتقادات الداخلية والخلافات، تراجع نفوذ شباط داخل حزب الاستقلال. وفي عام 2017، فقد منصب الأمانة العامة لصالح نزار بركة، ما مثّل ضربة كبيرة لطموحاته السياسية. غاب شباط عن الساحة السياسية لبعض الوقت وانتقل للعيش خارج المغرب لفترة، حيث حاول إعادة تقييم مواقفه وبحث عن سبل للعودة إلى عالم السياسة.
عودة شباط إلى المشهد السياسي
عاد شباط مجدداً إلى الساحة السياسية بعد غياب دام عدة سنوات، حيث أعلن في عدة مناسبات عن رغبته في مواصلة مسيرته السياسية، مما أثار تساؤلات حول مستقبله ومواقفه في المشهد السياسي المغربي.
بدأ شباط يطرح نفسه كمستقل عن حزب الاستقلال، مع تركيزه على خدمة المجتمع والتواصل مع الشباب في فاس، ما يشير إلى تحول محتمل في أسلوبه وأهدافه، مما جعله ينضم لحزب جبهة القوى الديمقراطية.
انتقاله إلى حزب جبهة القوى الديمقراطية
بعد صراعات داخلية وخسارته لمنصب الأمين العام في حزب الاستقلال لصالح نزار بركة، وجد شباط نفسه أمام تحديات جديدة. ليقرر بعد ذلك الانضمام إلى حزب جبهة القوى الديمقراطية (المعروف بحزب الزيتونة)، في خطوة اعتبرها البعض محاولة لإعادة بناء مسيرته السياسية. ومع دخوله، جلب شباط معه زخمًا إعلاميًا للحزب، ووسع من قاعدة الحزب النضالية، واستطاع أن يحصل على مقعدين في البرلمان في فاس، وعلى عدد مهم من المقاعد في جماعات فاس التي ظل يحتفظ فيها بشعبيته بالرغم من تحالف خصومه السياسيين الذين انتزعوا منه عمودية فاس، وهو الذي كان أقرب إلى الفوز بها.
خروج شباط من حزب الزيتون وتداعياته
بسبب تعمق الخلافات والصراعات، قرر حميد شباط في النهاية مغادرة حزب الزيتون. جاء هذا القرار بعد إدراكه أن الحزب لا يتماشى مع طموحاته، وأنه لن يستطيع تحقيق النفوذ الذي كان يطمح إليه. وبخروجه، فقد الحزب الزخم الذي كان قد اكتسبه بفضل وجوده، بينما اعتبر شباط هذه الخطوة مرحلة جديدة للبحث عن فرص أخرى بعيدًا عن الأحزاب التقليدية.
تأسيس “التكتل من أجل الديمقراطية “
في يونيو 2022، أعلن حميد شباط عن تأسيس إطار مدني جديد تحت اسم “التكتل من أجل الديمقراطية” بعد انسحابه من حزب جبهة القوى الديمقراطية. يأتي هذا القرار بعد خلافات حادة مع الأمين العام لحزب الزيتونة، حيث انتقد شباط أسلوب إدارته للحزب.
يظل حميد شباط شخصية سياسية مثيرة للجدل في المغرب، حيث ترك بصمة واضحة في مدينة فاس وفي المشهد السياسي العام. على الرغم من الانتقادات التي وُجهت له، إلا أن مسيرته تعكس جوانب من الكفاح السياسي والنقابي المتميز الذي شهده المغرب.