بين التفاؤل والترقب: هل تكفي الوعود لإنقاذ مهنة المحاماة بالمغرب؟
بقلم/ذ.زهير أصدور(محام بهيئة الرباط)
في خطوة جديدة لاحتواء الأزمة التي تعيشها مهنة المحاماة في المغرب، أصدر مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب بلاغاً عقب لقائه بوزير العدل أمس السبت 9نونبر 2024، بحضور رئيسي لجنتي العدل والتشريع بغرفتي البرلمان.
جاء هذا اللقاء استجابة لدعوة للوساطة البرلمانية في ظل تصاعد الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات جذرية تحصن مهنة المحاماة من التدخلات والضغوط وتضمن استقلاليتها.
و أشار بلاغ الجمعية إلى الترحيب بمبادرة وزير العدل لفتح “حوار مؤسسي جاد ومسؤول وموثق”، مؤكداً على أن الجلسة الأولى من الحوار تميزت بـ“نقاش جدي ومسؤول” يؤسس لحوار حقيقي.
و في نفس السياق، أكد البلاغ على أن “بلاغ طنجة” المتعلق بالتوقف عن العمل لا يزال ساري المفعول، داعياً عموم المحامين إلى الالتفاف حول مؤسساتهم المهنية لتدبير هذه المرحلة الحرجة.
لكن الأجواء في صفوف المحامين على مستوى القواعد أقل تفاؤلاً؛ إذ أن العديد من ردود الفعل التي أعقبت الاجتماع تعكس عدم ثقة في جدية التزامات الوزارة، حيث يرى عدد كبير من المحامين أن الوعود وحدها لن تكون كافية لضمان حقوقهم واستقلالية مهنتهم، خصوصاً بعد تجارب سابقة لم تثمر عن حلول ملموسة، مما يعمق فجوة الثقة بين الوزارة والمحامين.
تحديات الجلسة الأولى: بين الثقة والحذر.
تفاؤل مكتب الجمعية بإعلان نية الوزير لفتح حوار جدي لا يلقى نفس الصدى لدى القواعد المهنية التي ترى أن انعقاد الجلسة الأولى هو خطوة أولية غير كافية ويحتاج إلى تثبيت عبر نتائج واضحة، وهو ما لم يتحقق بعد وفقاً للبيان الصادر.
الكثير من المحامين يرون أن استمرار التوقف عن العمل هو وسيلة ضاغطة لا ينبغي التخفيف منها إلا بتحقيق تقدم فعلي يعكس المطالب، وليس فقط “إشارات” الحوار التي لا تُلزم الوزارة باتخاذ خطوات ملموسة.
مطالب جوهرية أم اتفاق شكلي؟
و أبرز بلاغ الجمعية اتفاق الطرفين على تشكيل لجنة للحوار ستباشر اجتماعاتها ابتداءً من 11 نونبر، إلا أن تفاصيل هذا الحوار وطبيعة الاتفاقات المتوقعة ما زالت غامضة بالنسبة للمحامين. فالقواعد التي أيدت التوقف الشامل عن العمل كانت تتوقع قرارات جذرية وتنازلات واضحة، وليس فقط الدعوة إلى “أهمية الحوار” التي كثيراً ما استُعملت كذريعة لكسب الوقت دون حلول.
نظرة متشائمة في القواعد المهنية: بين الصبر والتحرك
ردود الفعل من المحامين عقب صدور البلاغ تحمل الكثير من الحذر، إذ يعتبر البعض أن الحكومة قد تستغل هذا الحوار لكسب الوقت وتأجيل معالجة قضايا أساسية مثل استقلالية المهنة.
علاوة على ذلك، يُخشى أن تساهم اللجان الموضوعاتية في إطالة أمد النقاش دون حلول عملية إذا لم تُحدد بجدول زمني صارم يعكس المطالب الواقعية للمحامين.
أحد المحامين قال: “نحن نعلم أن جميع الوعود ليست سوى محاولات لتأجيل المطالب”استمرار التوقف الشامل هو ورقة الضغط الوحيدة القادرة على تحقيق ما نتطلع إليه.”
رسائل للجمعية: موقف حاسم وشفافية مع القواعد.
المحامون اليوم يطالبون جمعية هيئات المحامين بموقف صريح يتماشى مع التضحيات التي قدموها خلال إيقاف العمل. ويرى الكثيرون أن الجمعية، إذا لم تتخذ موقفاً حازماً، قد تواجه تراجع ثقة المحامين في قدرتها على إدارة الأزمة بحكمة وشفافية، مما قد يهدد وحدتهم.
يقول أحد النقباء السابقين: “نحن في مرحلة حساسة تتطلب من الجمعية اتخاذ قرارات قوية. لا يمكن التنازل عن المطالب دون أن تكون هناك ضمانات حقيقية، فالمطلوب الآن ليس استجابة مؤقتة بل إصلاح حقيقي يعيد للمهنة كرامتها واستقلاليتها.”
انتظار طويل أم انتصار حقيقي؟
يبقى السؤال الأهم، هل ستثمر هذه الوساطة البرلمانية ووعود الوزارة في تحقيق إصلاحات جذرية تليق بمهنة المحاماة؟ أم أن المحامين سيضطرون لاستمرار التوقف ورفع سقف المطالب لتحقيق تغييرات ملموسة؟ في ظل هذا الوضع المتقلب، تبدو قدرة الجمعية على التمسك بمطالب القواعد هي العامل الأساسي لتحقيق إنجاز تاريخي يعيد للمحاماة مكانتها.