أخبارفي الصميم

رسالة للمثقفين المغاربيين “لنحيي بداخلنا ذاك الضمير الحي”

الكثير مما قيل، وأصحاب العقول الصغيرة، لا يكلفون أنفسهم محاولة قراءة السياق العام الذي جاء فيه الاعتراف الأمريكي الذي زكى الموقف المغربي، وتم طي للأبد ملف عمّر لعقود، بل هناك فقط محاولة تغليب أفكار ومفاهيم معينة حتى ولو كان الهدف فقط المعارضة من أجل المعارضة والتملق لنظام العسكر، من حقك أن ترفض فكرة ما، لكن ليس من حقك عدم احترام آراء من لا يفكرون بنفس طريقتك، أو ينظرون للأشياء من زاوية أخرى. بقليل من التبصر والحكمة كنتم ستصلون إلى أن الواقع أكثر تعقيدا مما تتصورون فقط عليكم النظر بعينين وليس واحدة، وسترون أنها بداية انفراج ومستقبل أخر بالمنطقة.

فمحاولة فهمكم لما يجري وما جرى لعقود بالمنطقة سيجنبكم السقوط في فخ امتلاك الحقيقة المطلقة، الشيء الذي يسمح لكم بفهم الأمور بجدية وعدم الانصياع وراء مبررات واهية وأحكام مسبقة تشوش عليكم الحقيقة وتمنعكم من النضوج الفكري، وتواصلون بتحاليلكم إعادة إنتاج نفس الخرافات التي روجتم لها منذ عقود خلت.

بقلم: عبدالله العبادي

رغم حكم الجغرافيا وروابط الدم والأخوة التي جمعت الجارين الشقيقين تاريخيا، إلا أن هناك  أمور عصية على الفهم والاستيعاب لدى حكام الجزائر، فالمغرب لا يفوت فرصة إلا ويطالب بفتح الحدود وعودة العلاقات وفتح جسور الحوار والنقاش حول النقط العالقة، لطي صفحة الخلاف وفتح آفاق جديدة تسمح بالتفكير المشترك في مستقبل المنطقة المغاربية ومصير شعوبها. إلا أنه في كل مرة تصطدم بحسابات سياسية وتعقيدات الماضي التليد، بعد الحراك الشعبي  وانتخاب رئيس جديد بدأت بوادر انفراج جديد تلوح بالأفق، سريعا ما تلاشت مع مواقف الرئيس الجديد الذي لم يختلف عن سابقيه وتحدث باسم العسكر، وصار التقارب بين البلدين مجرد حلم بعيد التحقيق.

سقط جدار برلين وتوحدت الألمانيتين، خاضت الدول الأوربية حربا ضروسا بينها وفي الأخير كانت الكلمة لتكامل اقتصادي ضخم خدمة لشعوبها، وتوحدت سياسيا واقتصاديا، إذ سيطر منطق المصالح وتبال المنافع التجارية وفتح الأسواق كمحدد أساسي في رسم السياسات. حين تم إنشاء اتحاد المغرب الكبير سنة 1989 بمراكش، كانت الدول الإفريقية غارقة في النزاعات والحروب الأهلية، وبسبب مشكلة الصحراء المغربية وتعنت الجيران، فوت الإتحاد فرصة الإنطلاق والريادة إفريقيا، وضاعت أكثر من ثلاثين سنة لم يحقق الإتحاد أي شيء سوى الحفاظ على الإسم.

الأحداث الأخيرة، كما قلت، أخرجت الكثير من جحورهم، وأنا ادعوهم اليوم للوقوف مع الذات ومراجعة الحسابات وفهم ما يجري بطريقة مهنية بعيدا عن تأثيرات السياسة وسلطة السياسيين، لأنه من المفروض أن يسمعنا السياسي وليس العكس. نحن من نملي ما على السياسي فعله وليس السياسي أو العسكر من يملي على أصحاب الأقلام ما يكتبون وما يروجون له، لا تسمحوا لأقلامكم أن تكون مأجورة، فقول الحقيقة مبدأ والتزام شرف والتاريخ لا يرحم.

لماذا لا نحيي بداخلنا ذلك الضمير الحي، ونفتح حوارا مع كل المثقفين المغاربيين حول واقع ومستقبل المنطقة، ونعلن بصدق وعزيمة وصفاء نية خطوات لبناء عالم مغاربي متعدد الروافد وفك هذا الاحتقان السياسي بين الإخوة الأشقاء وإنهاء هذا الصراع المصطنع والإسراع بإيجاد حل توافقي يخدم مصالح الشعوب ويفتح الحدود وتحكيم العقل والمنطق كخطوة حقيقية لإنهاء الخلاف الزائف.

فالتريث واجب أخلاقيا ومهنيا، والمشاعر الجياشة لا مكان لها حين تتكلم السياسة والمصالح الوطنية، والعجب حين تتحدث بعد الرموز كراشد الغنوشي ويقول أنه صدم باتفاق المغرب وإسرائيل وأن المغرب خرج عن الإجماع العربي بما عبرت عنه المبادرة العربية. شيء مضحك فعلا حين يتكلم هؤلاء عن الإجماع العربي والجامعة العربية، ومؤسف أن نذكرهم ماذا حققت الجامعة والإجماع للشعوب العربية غير الهوان والإذعان، وماذا حقق أولئك المدافعين عن القضايا إلا تحقيق مصالح وثروات والعيش في ظل الأزمة التي تعود عليهم ذهبا.

وختاما أقول لكل المتشدقين بفهم ما يجري، أن لكل بلد واقعه وحقيقته وخصوصيته السياسية -الثقافية والاجتماعية، والمملكة المغربية تاريخيا ومنذ قرون تعايش فيها المسلم والعربي والأمازيغي واليهودي، واعتبروا كلهم مواطنين مغاربة ولم يطرد المغرب يوما أحدا من أبنائه ولم يسقط جنسيته عن أحد.

فالمملكة المغربية حضارة لها تاريخ وجذور إسلامية عربية أمازيغية يهودية وامتداد إفريقي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button