أخبارالعالم

أسعار النفط تضغط في اتجاه تغيير سياسة الغرب تجاه فنزويلا وايران

ممصطفى بوريابة /

أصبح الغرب بقيادة أمريكا مضطرًا لتعديل الكثير في سياسته الخارجية، وتحديدًا تجاه دول مغضوب عليها مثل “ايران” و فنزويلا، وربما حتى داعمة للإرهاب ومعادية لمصالح الغرب بشكل جذري، نظرًا لكونها دولًا مصدرة للنفط، أو على الأقل تحظى باحتياطيات نفطية كبيرة جدًا. 

 فالعالم على موعد مع انقطاع إمدادات النفط الروسي؛ و ذلك يعني ان تغييرها بإمدادات أخرى، خصوصًا وأن أسعار النفط كانت تشهد حالة ارتفاع قبل الحرب في أوكرانيا، وقبل المخاوف من انقطاع النفط الروسي.

وأبدى الغرب حتى الان استعدادًه لترتيب سياسته مع بلدين حليفين لروسيا، يمكنهما أن يستبدلا ولو جزءًا من الإنتاج الروسي المحتمل فقدانه في سوق النفط العالمية؛ وهما “فنزويلا” و”إيران”. 

تحتوي فنزويلا على ما يقارب الخُمس من مجمل الاحتياطات العالمية، ولو لا العقوبات الغربية على صادرات النفط الفنزويلي التي خفضت انتاجه الى أقل من 15% لكانت فنزويلا من أكبر 10 منتجين للنفط في العالم.

لكن الولايات المتحدة تعلم جيدًا مخاطر تخفيض العرض العالمي من النفط على اقتصاد العالم؛

لذا فقد ترسل أمريكا وفد رسمي رفيع من الولايات المتحدة إلى فنزويلا، هو الأول من نوعه منذ سنوات، بهدف بحث تخفيف العقوبات، مقابل رفع الإنتاج النفطي الفنزويلي، وبالتالي زيادة المعروض من النفط العالمي، لمحاولة تقليل أسعار النفط عالميًّا. 

وتعد فنزويلا خصمًا قديمًا لأمريكا و الغرب ، وحليفًا وثيقًا للروس والصينيين، ما يعني أن مثل هذه التغيرات في السياسة الخارجية الأمريكية قد تلاقي حاجزًا متمثلًا في هذه العلاقات المتينة، وبمعرفة فنزويلا التاريخية بإمكانية التعويل على تحالفها مع روسيا.

في المقابل فإن تخفيف العقوبات يمثل مصلحة كبرى لفنزويلا، والتي ستعني رفع أرباحها من النفط بشكل كبير، لا بسبب ارتفاع الصادرات فقط، بل أيضًا نتيجة للسعر المرتفع عالميًّا للنفط، والذي كان يُتوقع تجاوزه لحاجز 120 دولارًا قبل الهجوم على أوكرانيا حتى. 

وتدين فنزويلا الغرب على التسبب في إشعال الأزمة الأوكرانية؛ كما هو متوقع من أحد أقرب حلفاء موسكو، فلا يتوقع أن يكون لهذه الزيارات رفيعة المستوى أثر كبير في تغير تحالفات “كاراكاس”، ولهذا فإن مثل هذا التغير هو أحد الآثار السلبية الضرورية الناتجة عن موقف الغرب المتشدد عمومًا من روسيا.

ليس “كركاس” وحدها المستفيدة من استمرار الحرب في أوكرانيا، بل الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضا، والتي تفاوض حتى هذه اللحظة لإحياء اتفاق عام 2015 النووي، وتأتي في المرتبة الرابعة لأكبر احتياطي للنفط في العالم، وتصل قدرتها على الإنتاج نحو 4 ملايين برميل يوميًّا، وهو سابع أكبر إنتاج في العالم.

و جرت اتصالات بين إيران والولايات المتحدة بشكل غير مباشر في الشهور الاخيرة ، على أمل إحياء الاتفاق النووي مع إيران الذي جرى التوصل إليه في عهد باراك أوباما الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية في 2015، والذي يمنعها من تطوير أسلحة نووية.

وبعد أن أصبحت المحادثات في أيامها الأخيرة، ومتجهة نحو إعلان اتفاق نووي بين إيران والقوى العظمى، بسبب آمال الغرب بإرجاع تدفق النفط الإيراني في السوق العالمية، والذي سيخفف من حدة انقطاع الإمدادات الروسية، قررت روسيا إلقاء قنبلة دبلوماسية بتصريحات وزير خارجيتها سيرجي لافروف في اللحظات الأخيرة.

حيث طلب “لافروف” الحصول على ضمانة خطية من الولايات المتحدة، تتضمن ألا تمس العقوبات الحالية المفروضة على روسيا بعلاقاتها التجارية والعسكرية مع “إيران”، وهو ما انتقدته الولايات المتحدة بشدة، مؤكدة أن لا علاقة بين العقوبات على روسيا والاتفاق النووي مع إيران.

كما طلبت إيران توضيحات من موسكو على تصريحات وزير خارجيتها، وأكدت أنها ستتخذ قراراتها بناء على مصالح الأمة الإيرانية فقط، علمًا بأن الغرب وعقوباته لن تؤثر في العلاقات التي ترى فيها مصلحة قومية، بما في ذلك علاقتها مع موسكو، والتي تراها إيران حليفًا يُمكن الوثوق بها، على عكس واشنطن التي جربتها سابقًا، عندما أعلنت الخروج من الاتفاق النووي.

واذا حصل تفاهم بين الغرب مع إيران وفنزويلا فقد يوفر البلدان 70% من الإنتاج الروسي للنفط، وبالتالي من المحتمل أن يخفف ذلك من أزمة ارتفاع أسعار النفط العالمية، ولكن الاتفاق لم يتم بعد، وبين تساهل الغرب الحالي بسبب تلهفه لضخ النفط الإيراني، وقدرة روسيا على التأثير في الوصول إلى اتفاق مع طهران، نظرًا لعلاقتها المتينة بإيران، تبقى جميع الاحتمالات قائمة، وينطبق المثل على حالة فنزويلا، لذا فقد يحتاج الغرب أيضًا للتحرك في ملفات متعلقة بدول أخرى، مثل ليبيا التي قد يساهم حل مشكلات تصديرها للنفط في خفض أسعاره في العالم.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button