أخبارفي الصميم

الملك محمد السادس..مسيرة ربع قرن توجت بنهضة تنموية صاعدة

الحدث الافريقي- مصطفى بوريابة
منذ أن اعتلى الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية في 30 يوليوز 1999، خاضت البلاد مسيرة ملؤها التحديات والتحولات. على مدى ربع قرن من حكمه، شهدت المملكة تغييرات جذرية في شتى المجالات، من الإصلاحات السياسية والإدارية إلى الإنجازات التنموية والإصلاحات الدينية والقضائية، ناهيك عن الجهود الدبلوماسية التي أثرت بوضوح في مكانة المغرب الإقليمية والدولية.

في أول خطاب له بمناسبة عيد العرش، رسم الملك محمد السادس معالم سياسته الداخلية واستراتيجيته الخارجية، مؤكدًا عزمه على متابعة النهج الذي سار عليه والده، طيب الله ثراه، في مسار الإقلاع الشامل للبلاد. وفعلاً، كانت فترة حكمه مليئة بالإصلاحات الهامة التي تمثلت أبرزها في تعديل الدستور المغربي عام 2011، استجابة لمطالب الشعب.
هذه التعديلات منحت البرلمان والحكومة صلاحيات أوسع، وقلصت من بعض الصلاحيات التنفيذية للملك، مما ساهم في تعزيز النظام البرلماني وحقوق الإنسان والحريات الفردية، مع إدخال آليات جديدة للشفافية والمساءلة.

في مجال الإدارة العامة، شهدت المملكة إصلاحات واسعة لتحسين فعالية وكفاءة الأجهزة الحكومية. شملت هذه الإصلاحات تحديث نظم المعلومات والاتصالات، مما ساعد في تبسيط الإجراءات وتسهيل الخدمات الإدارية. وتم تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد بإنشاء هيئات مستقلة لمراقبة الإدارة العامة وتحسين آليات الإبلاغ عن الفساد، كما تم تحديث نظام التوظيف في القطاع العام وتعزيز كفاءة الموظفين من خلال برامج تدريبية متقدمة.

في القوانين الاجتماعية، فقد جاءت مدونة الأسرة الجديدة في عام 2004 بتغييرات هامة تعزز حقوق المرأة والأطفال، بما في ذلك تحسين قوانين الطلاق والحضانة، مما ساهم في تحسين وضع الأسرة في المجتمع المغربي.

إلى جانب ذلك، أطلق الملك محمد السادس مشاريع تنموية كبرى تعزز البنية التحتية وتحفز النمو الاقتصادي. من بين هذه المشاريع، يبرز مشروع ميناء طنجة المتوسطي، الذي يعد من أكبر الموانئ في البحر الأبيض المتوسط، ومشروع محطة نور للطاقة الشمسية في ورزازات، التي تعتبر من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم.
كما شهدت المملكة بناء عدد كبير من السدود المائية لتعزيز الأمن المائي وتوفير المياه اللازمة للزراعة والاستخدامات الأخرى، مما ساهم في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية.

وعلى المستوى الرياضي، أولى الملك اهتمامًا خاصًا بتطوير الرياضة والبنية التحتية الرياضية، من خلال دعم وتطوير المنشآت الرياضية واستضافة الفعاليات الدولية. ساهمت هذه الجهود في تعزيز مكانة المغرب كوجهة رياضية دولية مكنته من استضافة بطولة كاس العالم للاندية وهو مقبل على تنظيم كاس امم افريقيا2025 وكاس العالم 2030 وكذلك بطولات اخرى في رياضات متنوعة.

وبالنسبة لقطاع التعليم، تم تنفيذ إصلاحات كبيرة لتحسين جودة التعليم وتوسيع نطاقه، من خلال بناء مدارس جديدة، تحسين المناهج الدراسية، وتطوير برامج التدريب للمعلمين. كما تم إطلاق برامج لتعزيز التعليم الفني والمهني، مما ساهم في تأهيل الشباب لسوق العمل وتعزيز مهاراتهم.

أما في مجال الصحة، فقد شهدت المملكة تحسينات ملحوظة في النظام الصحي، شملت بناء مستشفيات جديدة، تحديث المرافق الصحية، وتعزيز الرعاية الصحية الأولية. تم التركيز على تحسين جودة الخدمات الصحية وتوفير الرعاية الصحية الأساسية لجميع المواطنين، بما في ذلك برامج للوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة العامة.

في المجال الديني، أطلق الملك مبادرات تهدف إلى تعزيز قيم الوسطية والاعتدال، بما في ذلك إنشاء مؤسسة محمد السادس لتعزيز التعليم الديني، وتحديث برامج التعليم الديني لتعزيز قيم الدين الإسلامي المعتدل، مع ترميم المساجد وتعزيز التسامح.

كما أولى الملك محمد السادس اهتمامًا كبيرًا بإصلاح النظام القضائي، حيث شملت الإصلاحات تعزيز استقلالية القضاء وتحسين كفاءة المحاكم، وإدخال تعديلات تشريعية لتحسين نظام المحاكم وتسريع إجراءات التقاضي، مما ساعد في تعزيز ثقة المواطنين في النظام القضائي وضمان تحقيق العدالة.

وعلى الصعيد الخارجي، أعاد الملك محمد السادس تفعيل الدبلوماسية المغربية، محققًا مكاسب هامة منها العودة إلى الاتحاد الأفريقي عام 2017، مما عزز حضور المغرب في القارة الأفريقية. وقد حقق تقدمًا كبيرًا في ملف الصحراء المغربية، بما في ذلك اعتراف العديد من الدول بسيادة المغرب عليها.

تحت قيادة الملك محمد السادس، عزز المغرب من حضوره في القارة الأفريقية من خلال استراتيجيات متعددة تشمل التعاون الاقتصادي والسياسي والديني.
وفي السياسة الدولية، عزيز الملك علاقة المغرب مع القوى الكبرى في العالم واستثمار هذه العلاقات في تحقيق مصالحه الوطنية وتعزيز موقعه الإقليمي والدولي.

و شهدت العلاقات المغربية مع الولايات المتحدة تطورًا ملحوظًا، حيث أبرم البلدان العديد من الاتفاقيات في مجالات الأمن والاقتصاد والتجارة. كان المغرب أول دولة عربية يوقع اتفاقية للتبادل الحر مع الولايات المتحدة عام 2004، مما عزز التجارة بين البلدين وجذب الاستثمارات الأمريكية إلى المغرب. كما تعاون المغرب مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، مما ساعد في تعزيز التعاون الأمني بين البلدين.

و عزز المغرب أيضًا علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، حيث يُعتبر شريكًا رئيسيًا للاتحاد في منطقة البحر الأبيض المتوسط. حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية التي تعزز التجارة والاستثمار، فضلاً عن التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي، مما ساهم في دعم التنمية الاقتصادية والأمن والجهود المتعلقة بالهجرة.

على صعيد التعاون مع الصين، شهدت العلاقات المغربية الصينية نمواً كبيراً، حيث وقع البلدان اتفاقيات تعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا. من بين المشاريع البارزة، تأسيس منطقة للتعاون الاقتصادي بين المغرب والصين، واستثمارات صينية في البنية التحتية مثل السكك الحديدية والموانئ.

كذلك، أبرم المغرب و روسيا اتفاقيات لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والدفاع والتجارة. تضمن التعاون المغربي الروسي استيراد الغاز والنفط، فضلاً عن تعزيز العلاقات العسكرية من خلال شراء المعدات العسكرية وإجراء تدريبات مشتركة.

على مستوى العلاقات مع دول الخليج، نما التعاون بشكل ملحوظ، حيث أقام المغرب شراكات استراتيجية مع دول الخليج العربي، خاصة السعودية والإمارات. شملت هذه الشراكات استثمارات في مشاريع تنموية بالمغرب في مجالات السياحة والبنية التحتية، وقدمت دول الخليج دعمًا ماليًا للمغرب في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وفي السنوات الأخيرة، سعى المغرب إلى تعزيز علاقاته مع الهند وبريطانيا من خلال تعاون مشترك في مجالات التجارة والاستثمار والتعليم. شمل التعاون مع الهند توقيع اتفاقيات في التكنولوجيا والطاقة المتجددة، بينما عملت المغرب وبريطانيا على تعزيز التعاون التجاري والتعليم من خلال برامج تبادل الطلاب والمشاريع الاستثمارية.

تُظهر هذه السياسات الخارجية والتعاون الاستراتيجي التي اتبعها الملك محمد السادس حرص المغرب على تعزيز مكانته كقوة إقليمية ذات تأثير دولي، من خلال توسيع شبكة علاقاته مع القوى الكبرى والدول المؤثرة في العالم.

وتعكس الإنجازات التي تحققت في عهد الملك محمد السادس التزامه العميق بتطوير المملكة وتحقيق التقدم والازدهار لشعبه، حيث يتضح أن ما تم ذكره من أمثلة لا يزال قليلًا بالنظر إلى حجم الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button