أخبارالرئيسيةالناس و الحياة

الطلاق الصامت..إعدام دون تنفيذ

الطلاق الصامت هو ان يقرر أحد طرفي العلاقة الزوجية الانفصال عن شريكه عاطفيا دون اعلامه بالأمر.  وهو عكس الطلاق العاطفي حيث يقرر الشريكين معا في مؤسسة الزواج الانفصال عاطفيا عن بعضهما البعض؛ مع الاحتفاظ بالعيش تحت سقف واحد تحت مسمى الاحتفاظ على الاسرة واستمرارية الاسرة الى آخره.

 طبعا لهذا الاخير خطورة كبيرة على نفسية الاطفال والشريكين معا. لكن الاخطر من ذلك هو الطلاق الصامت حيث احد الطرفين يختار الصمت ويعيش حياته كما يريد مع من يريد، وقتما يريد، بعيدا عن شريكه في مؤسسة الزواج. ذلك الشريك الذي يتوهم او يظن انه في مؤسسة زواج سليمة ويبذل كل جهده وتضحياته لانقاذها والحفاظ على علاقته بالأخر.

بقلم/ سكينة هايمون

للطلاق الصامت انعكاسات وخيمة على نفسية الزوجين معا وعلى نفسية وتربية الاطفال ايضا وبشكل أضخم وأكبر.

فعلى مستوى الزوجين يلجأ الطرف المتخد لقرار الطلاق الصامت الى العيش في دوامة الكذب المستمر، واختراع الحجج والأعذار التي ستبقيه دائما بعيدا عن شريكه ،ليتمكن من عيش حياته مع الاخرين بالشكل الذي يحب .

وكما هو معروف أن الكذب يجعل صاحبه في خوف مستمر واضطراب نفسي عميق ومؤلم. ناهيك عن جلد الذات ونوبات الالم المصاحبة لتأنيب الضمير لحظات الخلوة بنفسه.

الشخص الذي يختار الطلاق الصامت ذو شخصية ضعيفة، غير قادر على المواجهة والتخلي عن بعض الامور من أجل أريحية نفسه، وغير قادر ايضا على اتخاد القرارات.

غالبية الشخصيات التي تتخد الطلاق الصامت تحكم على نفسها بالاعدام دون تنفيذ. وتعيش في ديمومة الالم تتغذى على الالم، ألمها الشخصي وألم الغير الذي تتسبب فيه بصمتها وهي صفات تميز غالبا الشخصيات النرجسية.

في المقابل يعاني الطرف الاخر الذي هو ضحية للطلاق الصامت من التضحية المستمرة واستنزاف الذات. وهناك بعض الحالات التي فقدت الثقة بنفسها جراء عيشها في الصمت المستمر.

هناك ايضا من تولد لديه جرح الرفض ناهيك عن الصدمات والشعور بالعار وما الى ذلك من العقد والمشاكل النفسية المولدة للسرطانات والامات السوماتيكية.

في القادم من المقالات نتطرق للمشاكل النفسية هذه بشكل أدق وأعمق.

الاسرة هي النموذج الأول والأخير للطفل حيث طوال سنواته الاولى يعمل على استنساخ ما يراه في محيطه ودائرته الاسرية، فيعمل على تجسيدها في واقعه الكبير حينما يندمج هو ايضا ضمن مؤسسة الزواج في حالة لم يتولد لديه فكرة الرفض .

اضافة الى انهم يعانون من التعلق في علاقاتهم المستقبلية ومشاكل نفسية ايضا كجرح الرفض وصدمات النموذج والخوف والنرجسية، وما الى ذلك من مشاكل وعقد تجعل الشخص غير سوي في حياته وعلاقاته الاجتماعية ومنتجا آخر للضحايا.

ان الباحث عن الطلاق الصامت في عمقه لا يبحث عن الانفصال بقدر ما يبحث عن التغير، تغير شيء ما يؤلمه او يرفضه بدواخله ويرفض البوح به لذلك من بين الحلول المنقذة لمؤسسة الزواج التي تعاني من الطلاق الصامت حلين هما.

الحل الأول: الطرف الذي قرر اللجوء للصمت، ملزم بأن يتواصل ويبوح بما يرفضه وبالشيء الذي جرحه او لم يتقبله في تلك العلاقة البوح والوضوح والحوار المجدي هو الحل لتغيير مؤسسة الزواج للأفضل وانجاحها .

الحل الثاني: هو في حالة تواجد عيوب او مشاكل في الطرف الثاني لابد أن يتنازل عنها ويحاول التغيير واصلاح نفسه .ان التضحية من اجل الاسرة والاطفال ليس هو الصمت او الصبر مع شخص صامت وجاهل لوجودك بقدر ما هو الصراحة مع الذات وتغير الذات والاشتغال على تطوير العلاقة واصلاحها بمجهود من كلا الزوجين وبوضوح تام منهما معا.

وفي الاخير اسمحوا لي ان اشير الى قاعدة مهمة بالحياة الزوجية. انها اعمق من ان تكون مجرد مؤسسة وانجاب أطفال. اعمق من جدران وسقف.

 العلاقة الزوجية هي انعكاس بين الطرفين معا. اذا ما تواجد الطلاق الصامت او الخيانة او الطلاق العاطفي او اي مشكل في هذه العلاقة فاعلم ايها الزوج وايتها الزوجة انكما معا مسؤولين على هذا المشكل ويعكس صورتكما انتما الاثنين معا. وليس طرف واحد.

.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button