أخبارالرئيسيةتقارير وملفات

المغاربة يحتفلون بالمسيرة الخضراء..ملحمة تاريخية في مسار الكفاح الوطني

يحتفل المغاربة غدًا، الأربعاء 6 نونبر 2024، بالذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، تلك الملحمة التاريخية التي تجسد أروع صور التلاحم بين العرش والشعب في مسيرة تحقيق الوحدة الترابية للمملكة. إن هذه المناسبة الوطنية تمثل لحظة فارقة في مسار الكفاح الوطني ضد الاستعمار، كما تبرز العزيمة الراسخة للشعب المغربي وقيادته الحكيمة في استعادة الأراضي المغتصبة ورفع علم المملكة فوق جميع ربوعها.
● المسيرة الخضراء.. بداية الملحمة.

في مثل هذا اليوم من عام 1975، أطلق المغفور له الملك الحسن الثاني نداءً إلى كافة أبناء الوطن من مختلف الأعمار والفئات للمشاركة في مسيرة سلمية غير مسبوقة، هدفها استرجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة من قبضة الاستعمار الإسباني.
كان هذا التحرك الوطني بمثابة تتويج لمشروع طويل الأمد استهدف استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية التي كانت لازالت مهددة بعد سنوات من الاستعمار الأجنبي.

وانطلقت قوافل المتطوعين من جميع أنحاء المملكة، حاملين المصحف الشريف والأعلام الوطنية، متوجهين نحو الصحراء المغربية التي كانت آنذاك تحت الاحتلال الإسباني.
كانت المسيرة عملية سلمية بامتياز، حيث لم تستخدم القوات المغربية الأسلحة، بل اعتمدت على الإيمان القوي والروح الوطنية التي تميز الشعب المغربي.
ومن خلال هذه التجربة، أظهر المغاربة القدرة على خوض نضالهم بشكل حضاري وسلمي، ليصبح هذا الحدث نموذجًا عالميًا في كيفية التعامل مع قضايا الاستعمار والمقاومة.

● الملحمة السلمية.. عزم وتلاحم الشعب والعرش

لقد كان للمسيرة الخضراء دور كبير في تعزيز الوحدة بين الشعب المغربي وملكه، حيث أظهرت هذه الملحمة الصمود والتلاحم بين العرش العلوي والشعب في مواجهة التحديات.
كان المغاربة، تحت قيادة الملك الحسن الثاني، مصممين على استرجاع أراضيهم التي كانت محتلة. وقد عكست هذه اللحظة التاريخية الرغبة العميقة في استكمال الوحدة الترابية للمملكة، بل شكلت نقطة تحول مفصلية في تأكيد الحقوق الوطنية في مواجهة القوى الاستعمارية.

بفضل هذا التضامن الفريد، اضطرت السلطات الإسبانية إلى الرضوخ للإرادة الشعبية المغربية، مما أدى إلى إنهاء الاحتلال الإسباني للأقاليم الجنوبية، ليبدأ بعدها المغرب في استعادة سيادته على الصحراء المغربية.
وفي 28 فبراير 1976، رفع المغاربة العلم الوطني في سماء مدينة العيون، معلنين نهاية مرحلة الاحتلال الإسباني، ومؤكدين عزمهم على الحفاظ على وحدة وطنهم.

● مواصلة النضال.. تثبيت الوحدة الترابية

المسيرة الخضراء لم تكن مجرد حدث تاريخي عابر، بل كانت بداية لمرحلة جديدة من النضال الوطني من أجل الدفاع عن مغربية الصحراء في مواجهة كل المناورات السياسية.
اليوم، وبعد مرور 49 عامًا على هذه الملحمة، يواصل المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس الدفاع عن حقوقه المشروعة في الأقاليم الجنوبية، ويثابر في تحقيق الأمن والاستقرار في هذه المناطق، ويعزز مكانتها داخل المغرب الكبير.

وتظل القضية الوطنية، وعلى رأسها مغربية الصحراء، تحظى بإجماع وطني شامل، حيث يقف الشعب المغربي وقيادته وراء مبادرات الملك محمد السادس الرامية إلى إيجاد حل سلمي وشامل للنزاع المفتعل حول الصحراء.
كما أن المغرب نجح في كسب الدعم الدولي المتزايد لقضيته العادلة، لاسيما في ظل تقدم المفاوضات حول المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تعد بمثابة حل واقعي ودائم لهذا النزاع.

● الإنجازات التنموية.. نمو اقتصادي واجتماعي في الأقاليم الجنوبية

تعد الأقاليم الجنوبية اليوم، بعد 49 عامًا من المسيرة الخضراء، نموذجًا للتنمية المستدامة التي يشهدها المغرب في هذه المنطقة.
فقد شهدت هذه الأقاليم تطورًا كبيرًا في مختلف المجالات، بما في ذلك البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والإسكان، ما جعلها تحقق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة.
علاوة على ذلك، استطاعت هذه الأقاليم أن تشهد تحسنًا ملحوظًا في جودة الحياة للمواطنين، مع انخفاض معدلات الفقر وتحقيق تقدم كبير في معالجة الفوارق الاجتماعية.

المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقها المغرب في الصحراء، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة، والتنمية الصناعية، وتحسين الخدمات الاجتماعية، قد أسهمت في تحول هذه المناطق إلى قطب اقتصادي حيوي.
كما أن الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية وتطوير قطاع الصيد البحري والسياحة جعلت هذه الأقاليم تشهد تطورًا اقتصاديًا غير مسبوق.

● الجهوية المتقدمة.. نموذج الديمقراطية المحلية

ومع استمرار عجلة التنمية في الأقاليم الجنوبية، فإن مشروع الجهوية المتقدمة، الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس، يعد بمثابة نقلة نوعية في تدبير شؤون هذه المناطق.
و يسعى هذا المشروع إلى تعزيز الديمقراطية المحلية، وتمكين هذه الأقاليم من إدارة شؤونها بشكل مستقل وفعّال، مع الحفاظ على التنسيق الكامل مع الدولة المغربية.
هذا التوجه يساهم في جعل الأقاليم الجنوبية نموذجًا في الحكامة المحلية والجهوية المتقدمة في العالم العربي.

تعتبر الأقاليم الجنوبية أيضًا بوابة هامة للتعاون الاقتصادي مع القارة الإفريقية، حيث تمتاز بربطها الجغرافي الاستراتيجي مع العديد من البلدان الإفريقية، ما يعزز دورها كحلقة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي.
هذا الدور سيسهم في جعل هذه الأقاليم مركزًا للتبادل التجاري والثقافي، ويساهم في تعزيز مكانة المغرب كقطب اقتصادي في المنطقة.

المسيرة الخضراء ليست مجرد ذكرى في التاريخ، بل هي ملحمة مستمرة في الوعي الوطني للمغاربة. فهي تجسد إرادة الشعب المغربي في الدفاع عن وحدته الترابية وحقه في استرجاع أراضيه.
واليوم، وبعد 49 عامًا على هذا الحدث التاريخي، يظل المغرب ثابتًا في مواقفه، موحدًا في دفاعه عن حقوقه المشروعة، ومتطلعًا إلى مزيد من التقدم والازدهار في الأقاليم الجنوبية

.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button