سلسلة “شاعر وقصيدة”و الشاعرة سعاد يعقوبي في “أمواج الفقد”
سلسلة: “شاعر وقصيدة” الجزء الثالث
الهدف منها التعريف بشعراء مغاربة، وتسليط الضوء على مسيرتهم الإبداعية، وتقديم نموذج من شعرهم للقارئ.
الحلقة (11) مع الشاعرة: سعاد يعقوبي.
السيرة الذاتية:
سعاد يعكوبي شاعرة مبدعة وُلدت في مدينة جرادة المغربية، وتستقر حاليا في وجدة، المدينة التي احتضنت خطواتها الأولى في عالم الشعر. هناك، تابعت تعليمها في مختلف مراحله، مما ساهم في تشكيل شخصيتها الأدبية والفكرية بعمق.
بدأت موهبتها الشعرية في الظهور منذ سنوات الثانوية، حيث كانت تكتب الخواطر وتستكشف عالم الشعر من خلال محاولاتها المبكرة. على الرغم من تخصصها في اللغة الفرنسية خلال دراستها الجامعية، ظل عشقها لحرف الضاد متوهجًا في داخلها، مما دفعها لمواصلة شغفها بالكتابة. هذا العشق لم يكن له أن ينضب، بل استمر في النمو والازدهار، مما أكسبها مكانة بارزة في عالم الكتابة الشعرية.
لم تقتصر سعاد على التعليم الجامعي فقط، بل وجدت في الشعر وسيلة تعبيرية عميقة لتجسيد عواطفها وتجاربها. كانت تنغمس في كتابة القصص والشعر، مركزة على مواضيع متنوعة مثل الفقد، والشروق، والحب، بالإضافة إلى تناول القضايا الاجتماعية بأسلوب يعكس حسها العميق ووعيها بالواقع المحيط بها.
كان لانضمامها إلى مواقع التواصل الاجتماعي وصفحة الموقع الثقافي لأبركان أثر كبير على تطور مسيرتها الأدبية. من خلال هذه المنصة، تفاعلت سعاد مع المجتمع الأدبي، مما أتاح لها فرصة الاحتكاك بالأدباء والشعراء. هذا اللقاء كان له بالغ الأثر في تحسين أسلوبها الشعري، حيث تلقت إلهامًا وتوجيهًا ساعدها على تطوير تقنياتها الشعرية وتوسيع دائرة إبداعها.
سعاد يعكوبي شاعرة غزيرة الإنتاج، وقد تجلى ذلك في أعمالها المتنوعة التي اتسمت بالعمق والجمالية. تكتب بأسلوب يجمع بين الأصالة والحداثة، حيث تستخدم تقنيات متعددة لتصوير المشاعر والأفكار بطرق مبتكرة.
فضلا عن كونها شاعرة، تعتبر سعاد يعكوبي أيضا شخصية اجتماعية نشطة، تسهم في إثراء المشهد الثقافي من خلال مشاركاتها الفعالة في الأحداث الأدبية والأنشطة الثقافية. تسعى دائمًا لتعزيز الوعي الأدبي والثقافي، مما يجعلها شخصية محورية في الوسط الأدبي الذي تنتمي إليه.
سعاد يعكوبي واحدة من الأصوات الشعرية البارزة التي تسهم بفاعلية في إثراء الأدب المحلي عبر بوابة المنصات الاجتماعية، مكرسة جهودها لتقديم إبداعات أدبية تعكس تفردها وجمالياتها.
القصيدة:
أمواج الفقد
أسلمتُ نفسي لأمواج فقدانك
فغمرني بحرك العميق
كأعماق النسيان،
سقطت في لجّة السكون،
حيث الهاوية تبتلعني
وأشواك الكبرياء
تمزّق أشرعتي.
رحيلك طعن في القلب
كسهام الليل،
وجرح فراقك لم يُدمل،
سنوات من الجفاف
تمدّدت كسراب في صحراء العزلة،
وأزهاري الذابلة،
رثاء لغيابك.
تاهت خطاي على دروب التيه،
بعد ظلال النور،
أرقص فوق ركام أسوار الحب
المحطّمة،
وحبل مشنقتي المعلّق كفجر،
يتردّد مع كلّ صباح،
ينتظر فصل الروح عن جسد النسيان.
أجراس يقظتي دقّت كنبض
الأسى في العدم،
فانتشلتني من حلمٍ
عشته في حضرتك،
فقدانك ألقى بي على ضفاف
الحزن المائج،
أشرب من نهر الألم،
كأنني ضحية الطوفان.
على شاطئ قلبك المتجمّد،
أنتظر إشراقة ظلك
كأمل ضائع بين الشفق والمطر،
كأنك طيفٌ يمرّ بين غيمتين،
أو شمسٌ تشرق من خلف الجبال،
كلّي أمل في معراج حبّك،
يعود مرفرفاً في سماء الحلم،
محمولاً على جناح الريح.
وعندما يغيب الفجر في عينيك،
ويعود الطوفان ليبتلع كل الآمال،
سأظلّ هنا،
كشجرة وحيدة في صحراء الفقد،
أقاوم الرياح وأنتظر مطراً
ينبت في صدري وروداً
لتشهد بأنك مررت يوماً،
وتركت في قلبي بصمة الخلود