نظمت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، الخميس 26 ماي 2022 مائدة مستديرة حول القانون رقم 21-31 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
وفي كلمة افتتاحية لـ”مصطفى اليرتاوي”، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، أكد هذا الأخير أن اختيار هذا الموضوع يأتي في إطار الانخراط واسع لمختلف دول العالم في البحث عن السبل الكفيلة بكيفية الاستفادة المشروعة من نبتة القنب الهندي، بما ينعكس إيجابا على مردوديتها الاقتصادية، وبما يمكن من تجاوز مجموعة من الآثار السلبية التي تخلفها زراعتها، واستعمالاتها غير المشروعة.
وتقدم اليرتاوي بتوصيات ستساهم في التفعيل الأمثل، والتنزيل السليم للقانون رقم 13.21 في تغيير نظرة خصوم المملكة المغربية الذين كانوا يتخذون من ملف المخدرات قضية أساسية ومحورية في جميع المنابر الإعلامية المأجورة، ويحاولون من خلالها الإساءة لمسار بلدنا بالرغم من جميع الجهود المضنية التي تبدلها السلطات العمومية ومعها الأجهزة الأمنية من أمن وطني ودرك ملكي في التصدي للتهريب الدولي.
وأوضح المتحدث ذاته أن هذا اللقاء يأتي أيضا تنفيذا للالتزامات الواردة في برنامج الجمعية العمومية، بعقد لقاءات علمية وقانونية وانفتاح هذه المؤسسة على مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك، وقال في هذا الصدد:”أعتقد أن دخول قانون رقم13.21المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، واختيار هذه النيابة العامة لهذا الموضوع كمائدة مستديرة للنقاش.
يأتي في ظل سياق متسم بانخراط واسع لمختلف دول العالم في البحث عن السبل الكفيلة بكيفية الاستفادة المشروعة من نبتة القنب الهندي، بما ينعكس إيجابا على مردوديتها الاقتصادية، وبما يمكن من تجاوز مجموعة من الآثار السلبية التي تخلفها زراعتها، واستعمالاتها غير المشروعة، وهذا واضح من خلال التدرج الذي عرفه القانون الدولي من المنع إلى الترخيص باستعمال نبتة القنب الهندي لأغراض طبية، وصناعية في ظل ما جاءت به الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 بصيغتها المعدلة ببرتوكول 1972، بعد مصادقة لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة بتاريخ 03/12/2020 على توصية منظمة الصحة العالمية بشأن إعادة تصنيف هذه النبتة التي أظهرت المستجدات العلمية أنها تتوفر على مزايا طبية، وعلاجية، علاوة على الاستعمالات المختلفة المرتبطة بميادين التجميل والصناعة والفلاحة، وبالتالي فهذا القرار يعد اعترافا رسميا لمنظمة الأمم المتحدة بالفوائد العلاجية لنبتة القنب الهندي، والتي ما فتئت الهيئات العلمية المختصة عبر العالم تؤكدها على مدى 20 سنة الماضية، حيث نجد أن العديد من الدول من أوروبا وأمريكا وإفريقيا وآسيا لجأت إلى تغيير مقاربتها بشأن القنب الهندي، من خلال تبني قوانين تروم تقنين زراعتها وتحويلها وتصنيعها وتوزيعها واستيرادها وتصديرها وتنظيم مجالات استعمالاتها المشروعة.
في نفس الإطار اعتمدت بلادنا من خلال اللجنة الوطنية للمخدرات المنعقدة في 11/02/2020 توصيات منظمة الصحة العالمية، لا سيما تلك المتعلقة بإزالة القنب الهندي من الجدول الرابع للمواد المخدرة ذات الخصائص الشديدة الخطورة”.
وزاد المتحدث ذاته قائلا: “قبل ذلك كانت المملكة المغربية، وفي إرهاصات لتقنين نبتة القنب الهندي الكيف بمقتضى ظهير 02/12/1922 الذي سمح باستعمال نبتة القنب الهندي في المجال الطبي وذلك قبل صدور ظهير 24/04/1954 الذي حصر استعمال النبتة فقط في مجال البحث والتكوين لأغراض علمية وبترخيص من وزارة الصحة.
في نفس الإطار فإن هذا القانون سبق خروجه إلى التنفيذ إعداد عدة دراسات حول جدوى تطوير القنب الهندي وطنيا لأغراض طبية وتجميلية وصناعية”، مضيفا أن ” أن بلادنا تمتلك فرصا حقيقة وواعدة لتطوير القنب الطبي والصيدلاني والصناعي.
وذلك بالنظر للمزايا التي تتوفر عليها المملكة والمتمثلة أساسا في نظام بيئي ملاءم يتميز بجودة التربة وملاءمة الظروف المناخية وكذا موقع المملكة الاستراتيجي فضلا عن الدراية العملية للمزارعين التقليديين”.
اليرتاوي، تحدث أيضا عن الفرص الاقتصادية التي يتيحها هذا القانون هناك أهداف اجتماعية تتمثل في:
تحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات”.
*خلق فرص واعدة وقارة للتشغيل ومدرة للدخل.
*الحد من الانعكاسات السلبية التي تفرزها انتشار الزراعات غير المشروعة على الصحة العامة.
*التقليل من الآثار التخريبية على المحيط البيئي.
وأشار إلى أن هذا “سيساهم التفعيل الأمثل، والتنزيل السليم للقانون رقم 13.21 في تغيير نظرة خصوم المملكة المغربية الذين كانوا يتخذون من ملف المخدرات قضية أساسية ومحورية في جميع المنابر الإعلامية المأجورة، ويحاولون من خلالها الإساءة لمسار بلدنا بالرغم من جميع الجهود المضنية التي تبدلها السلطات العمومية ومعها الأجهزة الأمنية من أمن وطني، ودرك ملكي في التصدي للتهريب الدولي شمالا وجنوبا وتعمل جاهدة من أجل محاربة والقضاء على كل العصابات المنظمة والمدفوعة من طرف أعداء الوطن، والذين لا يترددونباستعمالهم بشتى الوسائل في تبخيس جهود المملكة المغربية الحثيثة للقضاء على تهريب المخدرات وما يتم ضبطه من كميات هائلة من المخدرات سواء بالموانئ أو بالمراكز الحدودية لهو خير مثال على ذلك، وهي تعبئة تحظى فعلا بالتنويه والاشادة، وتبقى مشهودة من طرف أصدقاء بلدنا الأوربيين إلى جانب المنظمات الدولية التي تشتغل على ملف المخدرات، والذين ما فتئوا يشيدون بجهود المغرب في محاربة التهريب الدولي للمخدرات ومحاصرته، وفق إرادة سياسية قوية يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وبخطى ثابتة وواضحة لا رجعة فيها.
كما أن الدراسة التي قامت بها وزارة الداخلية أثناء إعداد هذا القانون تحدد وبشكل ملحوظ حجم الاستغلال البشع الذي يتعرض له المزارع الفقير مقارنة معالأرباح الهائلة التي تجنيها عصابات التهريب الدولي للمخدرات، وأن الدراسة أكدت أيضا على أن النشاط غير المشروع سيتقلص إلى حوالي 80%، بعدما سيتم استعماله في مجال الصيدلة والطب والصناعة التجميلية، كما توقعت الدراسة تصدير ما يفوق 2.4 مليار دولار من القنب الهندي.
إن من شأن استعمال القنب الهندي في الميادين المذكورة الرفع من الناتج الداخلي الخام بالمغرب، وإعطاء دينامية للاقتصاد الوطني وجعله يحتل مكانة متميزة ضمن البلدان الرائدة عالميا في هذا المجال”.
وفيما يخص الهندسة القانونية لهذا القانون، أكد على أنها “جاءت موزعة على أبواب يمكن إيجاز أهم مضامينها على النحو التالي:
ينص الباب الأول على أحكام عامة توضح بمقتضاها مختلف المفاهيم ذات الصلة بمجال تطبيق هذا القانون، كما تسن نظاما للترخيص كشرط لازم لممارسة مختلف الأنشطة المندرجة في إطار الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
وبغرض التأطير المجالي والنوعي لزراعة القنب الهندي تطرق الباب الثاني إلى تحديد المجال الترابي لممارسة الأنشطة المذكورة، كما تم في نفس السياق تقييد الترخيص لزراعة وإنتاج القنب الهندي في حدود الكميات الضرورية لتلبية الحاجيات لأغراض طبية وصناعية وصيدلية.
كما تم تحديد الشروط الواجب توفرها للحصول على الرخصة اللازمة لذلك، أخذا بعين الاعتبار لمبدأ الأفضلية الوطنية.
وبهدف تأطير ممارسة هذه الأنشطة تم اشتراط انخراط المزارعين المرخص لهم في تعاونيات تنشأ خصيصا لهذا الغرض، وترتبط بموجب عقود شركات تصنيع وتحويل القنب الهندي أو شركات التصدير المرخص بها من أجل بيع المحاصيل.
وفي نفس الاطار تم تخصيص الباب الثالث من هذا القانون للتنصيص على الشروط الواجبة للحصول على رخصة إنشاء مشاتل القنب الهندي واستغلالها أو رخصة تصدير أو استيراد بذوره وشتائله.
وبالنسبة للباب الرابع، والمخصص لكيفيات وشروط تحويل وتصنيع القنب الهندي ومنتجاته، تم التنصيص على استيفاء طالب الرخصة لشروط رئيسية تتمثل أساسا في ضرورة تأسيس شركة خاضعة للقانون المغربي، وبغرض تأمين جودة المنتوج، أوجب هذا القانون على الشركات المذكورة التوفر على مخازن مؤمنة ومحروسة للتخزين مع ضرورة التقيد بدفتر للتحملات.
الباب الخامس: ضم مقتضيات تسويق واستيراد وتصدير المنتجات الصيدلانية الطبية وغير الطبية لقانون الأدوية والصيدلة( القانون رقم 17-4) وظهير 1922
الباب السادس حدد بكيفيات منح الرخص وحالات رفضها، وذلك مع مراعاة المقتضيات المتعلقة بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية.
ولضمان التنزيل الأمثل لمقتضيات هذا القانون تم التنصيص في الباب السابع على إحداث جهاز للحكامة والمراقبة متمثلا في الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي في شكل مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، يعهد إليها بتنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية القيام بمجموعة من المهام يتمثل أهمها في:
منح الرخص وتجديدها وسحبها طبقا لأحكام مشروع هذا القانون، والذي تسهر على حسن تطبيقه بتنسيق مع السلطات العمومية المختصة، و
التنسيق بين القطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية بهدف مواكبة وتأطير تقديم الاستشارة للقطاع العام والمهنيين في مجال تقنيات وتثمين وتسويق القنب الهندي.
إعداد دفاتر التحملات ودلائل الممارسات الفضلى التي يجب التقيد بها من طرف الفاعلين.
تنفيذ استراتيجية الدولة لزراعة وإنتاج وتصنيع وتحويل وتسويق القنب الهندي وتصدير واستيراد منتجاته للأغراض الطبية والصيدلانية والصناعية.
هذا فيما يخص الباب الثامن ينص على آليتين رئيسيتين للمراقبة تتمثل الأولى في تتبع الوكالة لمسار القنب الهندي في جميع مراحله بدءا بالإنتاج والتحويل ووصولا إلى الاستيراد والتصدير والتسويق، وتتبع مخزون القنب الهندي، فيما تتمثل الآلية الثانية في منونة منتجات هذه المادة وتلفيفها.
كما أن قانون أوكل مهمة البحث عن المخالفات وإثباتها إلى ضباط الشرطة القضائية وأعوان الجمارك وأعوان المياه والغابات، فضلا عن أعوان محلفين تعينهم الوكالة لهذا الغرض ويمارسون مهامهم طبقا للتشريع الجاري به العمل.
وبالرغم من الضوابط التي وضعها قانون 13.21 وآليات ضمان الاستعمالات الشرعية للقنب الهندي، فإن التطبيق العملي للقانون سيفرز لا محالة مجموعة من الإشكالات نرى تحديد البعض منها فيما يلي:
إشكالات الحيازة والملكية للأراضي الفلاحية أمام غياب التحفيظ لها وما ينتج عنه من نزاعات بين الأفراد أو القبائل، ومسألة تحيين وضعيتها القانونية.
إشكالية نقل المواد وخطر استبدالها أو خلطها قبل بلوغ الوجهة المطلوبة.
عدم التنصيص على إمكانية الطعن في قرار الوكالة في حالة رفض منح الرخصة سواء إداريا أو قضائيا
إشكالية اتلاف الفائض من إنتاج القنب الهندي، وما يترتب عنه من المطالبة بالتعويضات ومن المسؤول عن ذلك.
لذا يكون من الصعب الرهان على القانون رقم 13.21 لوحده من أجل الخروج بالمنطقة من الفقر والتهميش وتحقيق التنمية المجالية والمستدامة المنشودة وتطوير المناطق المعينة بزراعة القنب الهندي، بل بات من الضروري التفكير في وضع مشاريع تنموية مندمجة ومحاربة استغلالها من طرف الأباطرة وجعل الفلاح البسيط هو المستفيد من هذه الزراعة عن طريق مايلي:
- الانكباب على التأطير والتحفيز بالنسبة للمزارعين باعتبارهم الفئة المستهدفة نظرا للمستوى التعليمي والأكاديمي المتدني والبسيط الذين يتوفرون عليه وبحكم انحدارهم من المجال القروي.
- تعزيز تبادل التجاري والخبرات.
- الاستفادة من الممارسة الفضلى في مجال تقنين القنب الهندي.
- والنتيجة هي صناعة منتوج محلي عالي الجودة، وتسجيل حضور قوي في السوق الدولي لمشتقات القنب الهندي، وخلق مشاريع مدرة للدخل وفرص الشغل.
ولن يتأتى ذلك إلا بتظافر جهود جميع المتدخلين والانخراط التام في التنزيل الأمثل، والتطبيق السليم للقانون محل المائدة المستديرة”.