السماء تمطر “نيزكا” في صحراء المغرب
عندما يسمع شخص عن سقوط نيزك بالقرب منه يشعر بالفزع والخوف، ولكن في المغرب يكون الأمر عكس ذلك تمامًا، فيشعر الناس بالسعادة عند سماع خبر سقوط نيزك في المغرب، فالأمر بمثابة اكتشاف كنز يحج إليه المئات من “صيادي النيازك” حول العالم، خاصة لاشتهار صحراء المغرب بكثرة سقوط النيازك فيها.
بحث في الصحراء عن نيزك جادت به السماء
تعد النيازك في المغرب مصدر عيش العديد من سكان جنوب المغرب، يجوبون الصحراء مشياً على الأقدام أو على متن الدراجات أو السيارات بحثاً عن بقايا حجر نيزكي نادر متوارٍ وسط الرمال الشاسعة قد يقودهم بيعه لتجاوز خط الفقر.
وينتشر صيادون النيازك وسط الصحراء، بحثاً عن أحجار نيزكية تثير اهتمام العلماء في مغامرة شبيهة بالبحث عن إبرة في كومة قش، لكنها تدر الملايين على من حالفه الحظ في العثور على قطعة من الحجر النفيس.. وصيد النيازك مهنة لا يعرف عنها الكثير، لكنها أضحت في الأعوام الأخيرة حرفة لكثيرين من سكان الجنوب.
واكتسب الصحراويين خصوصاً من الرحل مهارات في هذا الشأن، فانعدام التلوث في المنطقة يجعل سماءها صافية طوال العام، ما يسمح برؤية النجوم والأجرام السماوية بشكل واضح ومكان سقوط النيازك.
حجر نيزكي ب 15 ألف درهم
بلغ ثمن أغلى حجر نيزكي باعه أحد المغاربة المختصين في المجال ب 15 ألف درهم (حوالي 1700 دولار) للغرام، ويتعلق الأمر بحجر نيزكي نادر أصله من المريخ واسمه “بلاك بيوتي” عثر عليه في صحراء بئر أنزران.
سقط نيزك في قرية تيسينت نواحي مدينة طاطا في عام 2011، وشاع الخبر وتدفق صيادو النيازك من كل حدب وصوب على المنطقة بحثاً عن قطع من هذا الحجر النيزكي، وكان عبدالرحيم أبهي، الأستاذ الجامعي والخبير المغربي بالنيازك أول باحث يحل في صحراء طاطا، الذي يحكي أنه وجد السكان المحليين يبيعون الأحجار التي عثروا عليها بأثمنة تتراوح بين 20 و30 دولاراً، ليتبين له وهو الخبير في البراكين الحديثة أن الأمر يتعلق بحجر بركاني مصدره كوكب المريخ.
وارتفع الثمن وتنافس السماسرة للحصول على أجزاء منه، بيعت كل القطع التي تم العثور عليها، ولم يتبقَّ في المغرب إلا قطعة صغيرة، بعدما أدرك صيادو النيازك قيمة هذا الحجر النيزكي.
وشعر بالأسف، خبراء النيازك في المغرب، لأن بقايا نيزك تيسينت القادم من المريخ توجد في كبريات المتاحف ومراكز البحث في العالم (ومنها وكالة ناسا)، ولا يوجد في المغرب البلد الذي سقط فيه سوى قطعة صغيرة. فكانت فكرة إنشاء متحف للنيازك.
أول متحف في إفريقيا والعالم العربي
وخصص رئيس جامعة ابن زهر بأكادير فضاء لمتحف افتتح رسمياً أبوابه عام 2016، وهو أول متحف من نوعه في إفريقيا والعالم العربي، ويعمل منذ تأسيسه على نشر الثقافة العلمية وتشجيع البحث العلمي في مجال النيازك، والحفاظ على هذه الثروة الجيولوجية في المغرب للأجيال القادمة، إلى جانب تقديم الدعم لصائدي النيازك في المغرب من السكان المحليين من خلال تكوينهم وتطوير معلوماتهم وخبرتهم في هذا المجال.
وأضحى المتحف منذ تأسيسه وجهة موثوقة لصائدي النيازك في المغرب، يقصدونه لتحليل عينات الأحجار النيزكية التي يعثرون عليها في الصحراء لمعرفة مصدرها وبالتالي قيمتها.