بقلم : ذ.سليمة فراجي
لما ينضاف الاختناق الى هواجس الوحدة والشعور بالغربة، وينطفئ وهج الأمل و نسلم بظلم من أصبحوا بقدرة قادر أقوياء زمنهم ، أنذاك نستسلم لوجع من نوع خاص ،
ترجع بنا الذكرى الى الأيام الخوالي ،
يوم كنا نبحث عن شيء جميل في أعين الاطفال البريئة ، في وديان القرى البعيدة ، في شواطئ البحيرات الهادئة ، في منحنيات الهضاب والجبال الشامخة ، في صمت المقابر المحتضنة لرفات من لن يجود الزمان بأمثالهم ،
في مملكة الثلوج والظلال الشاحبة ،
يوم كنا نحلم وبكل سذاجة بعالم المُثُل والمدينة الفاضلة .
لا ولن نتنكر للحاضر ونعظم شأن الماضي ،ونزدري المستقبل ،فكما قال D’Ormesson دورمسون ، تمر سنوات وأشهر وأيام لا تتميز بحدوث اي شيء وهناك بعض الدقائق والثواني التي تحتوي العالم بأكمله ،
ومع ذلك نحن الى الحنين والى نوسطالجيا الزمن الجميل ، رغم كون التقدم في العمر و اقتراب النهاية يشعرنا بالمساواة وعدالة المصير المشترك ، وفي ذلك عزاء كبير ،
وكلما اجتاز طائر الحزن واليأس سماء مساراتنا واختطف مخلوقات أحببناها او بشرنا بأيام نحِسات، الا وقلنا عنه انه مجرد طائر صغير وليس صقرا مخيفا كما عبر عن ذلك الفيلسوف نيتشه ، وان ارادتنا القوية ستتغلب على جميع الصعاب ، لكن يمر الزمن و قد لا نعرف تلك اللحظات الاستثنائية ، ونقترب من مملكة الثلوج وندرك اننا كنا ضيوفا على قدم الرحيل ولا نقيم ، وأننا ضيعنا في وسط الزحام تلك اللحظات الاستثنائية او ربما لم ندرك مرورها بيقظة الإحساس
ندرك ان العمر يمضي بلا جدوى ، والأماكن عادت مقفرة بدون نبل الخلان ، وان الحنين الى الماضي يمنح بعض السلوان ، والمعزوفات الغنائية الخالدة تدفع بالذكرى الى الهيجان ، توحد الشكوى وتستحضر النوى وتنوح نواحا تهتز له أوتار الوجدان ، روكييم موزارت requiem de Mozart يشفي الغليل في لحظات احتضار الأمل ، وموسيقى وأغاني المرحوم عبد الوهاب تسافر بك الى عالم الخيال ، لوحات رافاييل وميكيل انج قRaphaël et Michel Ange تذهلنا وتشعرنا وتنبهنا الى رحيل الأجيال وبصمات الكبار ، من خلد الإبداع ذكراهم و حال بينهم وبين النسيان !