أخبارثقافة و فن

الداهي.. مسرور لعالمية الشيخ زايد وأتخوف من تراجع البحث العلمي

من أبو ظبي: محمد طمطم

حضور مميز للمبدعين والكتاب والمفكرين المغاربة في منصة التتويج لجائزة الشيخ زايد للكتاب منذ العام 2013، بمناسبة معرض أبو ظبي الدولي للكتاب، حيث نجد عادل حدجامي عن فرع جائزة الشيخ زايد للمؤلف الشاب بكتاب (فلسفة جبل دولوز عن الوجود والاختلاف)، وفي سنة 2016 فاز بجائزة الشيخ زايد للفنون والدراسات النقدية سعيد يقطين، عن كتابه( الفكر الادبي العربي البنيات والانساق)، وفي سنة 2017 بجائزة الشخصية العام الثقافية، عبد الله العروي، وفي سنة 2018 جائزة الشيخ زايد للفنون والدراسات محمد مشبال عن كتاب ( في بلاغة الحجاج: نحو مقاربة بلاغية حجاجية لتحليل الخطاب)، وفي سنة 2019  فاز بجائزة الشيخ زايد للأدآب بنسالم حميش، عن كتابه في السيرة الذاتية (الذات بين الوجود والايجاد)، وفي سنة 2022 حصد الدكتور محمد الداهي، الفوز بجائزة الشيخ زايد فرع الفنون والدراسات النقدية عن (السارد وتوأم الروح من التمثيل الى الاصطناع).

وبمناسبة تنظيم معرض أبو ظبي الدولي للكتاب في دورته 31 سنة2022 التقت “الحدث الافريقي” بالدكتور: محمد الداهي الحائز على جائزة الشيخ زايد للكتاب في الدورة السادسة عشرة 2022، فرع الفنون والدراسات النقدية، عن مؤلفه (السارد وتوأم الروح…من التمثيل الى الاصطناع)، فكان الحوار التالي:

1 ـ ماهو شعوركم، وانتم تحصدون جائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب لسنة2022 في ختام هذا المعرض الدولي للكتاب؟

أنا مسرور بنيل الجائزة  لقيمتها الرمزية ونزاهة تدبيرها التي تستغرق سنة تقريبا، وبحضوري للمرة الثانية في المعرض الدولي للكتاب في أبوظبي البهي تصميما وتنظيما. ما يسعدني أيضا هو حضور الكتاب واستعادة عافيته بعد سنتين من البوار والكساد بسبب جائحة كورونا.

2 ـ للنقد المغربي اليوم مكانة في الساحة النقدية وخاصة على مستوى الخريطة العامة للدراسات النقدية المغربية المعاصرة، نريد منكم قراءة لهاته المكانة؟

يتبوأ النقد المغربي مكانة محترمة في المشهد الثقافي العربي بحكم تفاعله إيجابا مع المكاسب النقدية العربية والغربية، وحرصه على استنبات أدوات ومفاهيم جديدة لتحليل النصوص، وسعيه إلى توسيع مجال الأدب بإعادة الاعتبار إلى نصوص طالها التهميش والنسيان والإقصاء لبواعث عديدة. ولا بد في هذا السياق من استحضار الدور الذي أدته الجامعة المغربية في تكوين جيل من النقاد. والفضل يعود إلى ثلة من الأستاذة نذروا أنفسهم لخدمة العلم؛ ومن ضمنهم أذكر – فيما يتعلق بتخصصي- محمد برادة، وحسن المنيعي، وأحمد اليبوري، ومحمد مفتاح، ومحمد البكري، وعبد الفتاح كليطو، وسعيد يقطين، وسعيد بنكراد ومحمد الوالي ومحمد العمري، وغيرهم.

 ما يعيشه النقد المغربي شبيه إلى حد ما لما عاشه النقد المصري أيام طه حسين ومحمد مندور بالنظر أولا إلى الانفتاح على النقد الغربي، وثانيا إلى السياق المعرفي والثقافي الذي كان يتسم بالصراع المحتدم بين ذوي الاتجاه الليبرالي وذوي النزوع السلفي، وثالثا إلى مردودية التحاليل والتطبيقات النقدية التي تتأرجح بين الفرض والقحْم من جهة وبين استلهام الروح واستجلاب الوهج من جهة ثانية. 

3 ـ كل الأعمال والدراسات تبنى وفق مشاريع مستقبلية، فما هو مشروعكم المستقبلي الذي تسعون الى تقديمه بعد هذا الإنجاز التتويجي المميز؟

يصعب علي أن أتنبأ بما سيحدث في المستقبل. يعيش الأدب اليوم تحولات إيجابية بعد أفول الأدبية وظهور معالم نقدية جديدة في إطار ما يعرف بـ”كتابات التدخل” أو ” السياسيات الصغرى للأدب”. أصبح الأدب شأنا عموميا يسهم في إثارة قضايا حساسة تؤرق الإنسان المعاصر ( زنا المحارم، وضع الجنس الثالث، كراهية الأقليات العرقية والدينية، توتر الهويات في الفضاء الثالث، صحوة الذاكرة، الشطط في استعمالها ، عبادتها..) وهو ما يحتم علينا أن ننخرط إيجابا في هذا التحول الذي يؤكد مدى قدرة الأدب وحده على منحنا أشياء بعينها، واقتراح علينا بدائل وأشكال جديدة للعيش والحياة. وفي هذا الصدد أستحضر جهد جاك رانسيير وألكسندر كيفن وسوزان روبان سليمان ونيلي ولف في إثارة قضايا نقدية جديدة لتسييس الأدب في منأى عن الشكلانية والأدْلجة الفجتيْن. استفدت من توجهاتهم في كتابي ” السارد وتوأم الروح من التمثيل إلى الاصطناع” فيما يخص تقاسم المحسوس، وتقطيع الأشياء المشتركة، ودعم المواطنة الأدبية، وتعزيز السلطة المضادة بإعطاء الكلمة إلى الأصوات المهمشة والمقصية، وإبراز تداعيات عبادة الذاكرة أو الاختلالات التي شابتها وما فتئت تذر الملح في الجراح الجسدية والرمزية.

أنا اشتغل منذ ثلاثة عقود ( اعتبارا من كتابي ” شعرية السيرة الذهنية محاولة تأصيل) على السرد الشخصي (Récit personnel) الذي لا نعرف منه لحد الآن إلا السيرة الذاتية، في حين يمثل قارة مجهولة  تستوعب أزيد من أربع وعشرين نوعا بحسب فليب لوجون وجيرار جنيت. ولا يهم تنجيسها فحسب بالنظر إلى خلقتها الغريبة، وتلقيها المضاعف، بل ما تطرحه من قضايا حيوية تهم مصائر العيش، وأشكال الحياة، والتجارب الشخصية الموازية للتاريخ العام، والمفارقات التاريخية التي تعنى بالدوافع الاجتماعية والنفسية التي أدت بأشخاص أن يتصرفوا  بهذه الطريقة دون غيرها.

 وبهذه المناسبة أشتغل منذ مدة عن كتاب يرصد في الآن نفسه المسارات السيميائية والتجربة الشخصية في إطار نقد النقد أو التداخل الإنساني بلغة تزفيتان تودورف بحثا عن الوحدة في التعدد السيميائي من جهة، وعن سيرة التكون أو المسار الفكري من جهة ثانية.

4 ـ كيف تنظرون الى مجال الإنتاج النقدي المغربي من حيث الاستمرارية أو النكوص، وخاصة على مستوى المواكبة؟

يعرف النقد المغربي وثبات مطردة منذ منتصف السبعينيّات من الألفية الثانية إلى الآن بفضل الدور الذي تضطلع به الجامعة المغربية، ومساهمة الجمعيات الثقافية وفي مقدمتها اتحاد كتاب المغرب، وبيت الشعر في المغرب. ومع ذلك لم يتبلور أداء العمل الجماعي في شكل مجموعات بحث منسجمة أو في هيئات مختبرات واعدة؛ وإن كانت تُبدلُ جهودٌ في هذا المنحى محققة نتائج متفاوتة. أغلب المؤلفات أو المنجزات التي تحظى بالنجاح  والشرعية هي ثمرة جهد شخصي من قبيل ما حققه محمد برادة، ومحمد مفتاح ومحمد بنيس وأحمد اليبوري وعبد الفتاح كليطو وسعيد يقطين وسعيد بنكراد.

ما أتخوف منه في الوقت الراهن هو تراجع أداء البحث العلمي بسبب التسرع في إنجاز الأطاريح، وتكرار المواضيع، واستفحال مظاهر الغش والقرصنة على نقيض ما كنا نعاينه من قبل كان يوم المناقشة يمثل حدثا علميا وثقافيا بامتياز لمراهنة الطالب المرشح على الجدة والمغايرة واللمسة الإبداعية. مع ذلك يبقى الأمل معقودا على عينة من الشباب الذين نتوسم فيهم خيرا لرد العجُز على الصدر، والحفاظ على الريادة النقدية المغربية، والسعي إلى تجديد نُسغ الأدب والنقد.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button