المغرب والسعودية ومصر أبرز اللاعبين عربيا في إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون
أصبح الهيدروجين منخفض الكربون عنصرًا مهمًا في خطة دول العالم لدعم إزالة الكربون وتنويع مصادر الطاقة، خاصة بعدما أثارت الحرب الروسية الأوكرانية المخاوف بشأن الإمدادات.
ووفق تقرير حديث صادر عن مجلس الطاقة العالمي، فإن الطلب على الهيدروجين منخفض الكربون قد يتجاوز الاستهلاك الحالي للهيدروجين القائم على الوقود الأحفوري بحلول عام 2040، مع النشر المبكر للتقنيات.
وفضلًا عن الاستخدامات الحالية للهيدروجين القائم على الوقود الأحفوري، وتحديدًا الغاز الطبيعي، يمهّد الهيدروجين النظيف الطريق لاستخدامات أخرى في نطاق إزالة الكربون من القطاعات كثيفة الانبعاثات، مثل النقل والبتروكيماويات والصلب، إلى جانب إمكان استغلاله سواء منفردًا أو ممزوجًا بالغاز الطبيعي في توليد الكهرباء.
يحتاج مدى الاستفادة من كامل إمكانات الهيدروجين منخفض الكربون لتطور التقنيات الرئيسة في عمليات إنتاجه، إذ ينقسم إلى الهيدروجين الأخضر المنتج من التحليل الكهربائي باستخدام الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأزرق، المعتمد على الغاز الطبيعي، مع استخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
ويعتمد مستقبل الهيدروجين فضلا عن نشر التقنيات، على التكلفة عبر سلسلة التوريد من الإنتاج، مرورًا بالنقل والتخزين حتى الاستخدام النهائي، مع توقعات تراجع تكلفة الهيدروجين المنتج من الكهرباء المتجددة عن نظيره المنتج من الوقود الأحفوري باستخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
وسيتراجع متوسط تكلفة الهيدروجين منخفض الكربون الناتج عن الكهرباء المتجددة لأقلّ من دولارين لكل كيلوغرام، بداية من عام 2040، مقارنة مع 3.5 دولارًا للكيلوغرام تقريبًا بالنسبة للنسخة المنتجة من الغاز الطبيعي مع التقاط الكربون.
ووصلت تكلفة الهيدروجين المنتج من الكهرباء المتجددة مع الإهتمام المتزايد إلى التعادل مع المنتج من الوقود الأحفوري في المناطق التي ترتفع فيها أسعار الغاز حاليًا.
ورغم توقعات أن تحقق الصين والولايات المتحدة -أكبر دولتين استهلاكًا للطاقة- الاكتفاء الذاتي من الهيدروجين، فإن هناك احتمالًا لوجود مركزي استيراد رئيسين، أحدهما يتمحور حول شمال أوروبا، والآخر حول اليابان وكوريا الجنوبية.
ومن الممكن في المقابل، أن تنقسم مناطق التصدير الرئيسة إلى دول لديها وفرة في الوقود الأحفوري الرخيص وفرص لتقنية احتجاز الكربون وتخزينه مثل أستراليا وكندا وروسيا والشرق الأوسط، وأخرى تعتمد على موارد متجددة وفيرة مثل أفريقيا وأميركا الجنوبية إلى جانب الشرق الأوسط أيضًا.
وأعلنت 21 دولة إلى جانب الاتحاد الأوروبي إستراتيجية وطنية للهيدروجين حتى أوائل مارس الماضي، إلى جانب العديد من البلدان التي تستهدف ذلك، لكن تتخذ كل منطقة مسارًا مختلفًا في خطط الهيدروجين منخفض الكربون.
الهيدروجين في إفريقيا
لدى البلدان الأفريقية إمكانات كبيرة من الطاقة المتجددة لتطوير الهيدروجين، ليكون قادرًا على معالجة فقر الطاقة والأمن الغذائي في القارّة، لكن الافتقار إلى البنية التحتية والتحديات السياسية والاقتصادية يمثّل عقبات رئيسة أمام القارّة السمراء.
وتتجلى أولويات الاستخدام النهائي للهيدروجين داخل أفريقيا في الحصول على الوقود اللازم لتوفير الكهرباء والزراعة والتصدير والصناعة.
وتتمتع دول شمال أفريقيا -مثل المغرب والجزائر ومصر- بفرص أكبر لتصدير الهيدروجين ومشتقاته، إذ يخطط المغرب والجزائر تحديدًا لاستغلال خطوط أنابيب الغاز الحالية في تصدير الهيدروجين إلى أوروبا، التي تعاني حاليًا من أزمة الطاقة جراء الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويمكن من حيث الزراعة، أن يؤدي الهيدروجين منخفض الكربون المنتج محليًا دورًا مهمًا في زيادة استخدام الأسمدة النيتروجينية، ومن ثم تحسين الأمن الغذائي، مع إمكان أن يكون المغرب المحرك الأول في تصدير الأمونيا إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ويمكن بالنظر إلى الوصول للكهرباء، ستخدام الهيدروجين في نقل وتخزين الكهرباء، خاصة بالمناطق النائية في أفريقيا.
الهيدروجين في آسيا والمحيط الهادئ
تحتوي منطقة آسيا والمحيط الهادئ على إمكانات تكنولوجية كبيرة تُسهّل تعزيز الهيدروجين منخفض الكربون، مع وجود اختلافات كبيرة في المنطقة، فيما يتعلق بالاستخدامات النهائية لهذا الوقود.
وتتمثل بصفة عامة أولويات الاستخدام النهائي للهيدروجين في آسيا بالصناعة والنقل وتوليد الكهرباء على الترتيب.
وتركّز إستراتيجيات الهيدروجين في اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا على إزالة الكربون من قطاعات الصناعة المختلفة.
وتركّز سنغافورة والصين وكوريا الجنوبية واليابان في قطاع النقل، على استخدام الهيدروجين في سيارات الركّاب الخفيفة والحافلات، في حين تركّز أستراليا على استغلاله في النقل الثقيل، مثل الشاحنات.
وتعمل أستراليا بصفة خاصة بعيدًا عن الاستخدام المحلي، على تعزيز مكانها في تصدير الهيدروجين عالميًا، في حين يمكن أن تصبح بعض الدول في آسيا والمحيط الهادئ -مثل كوريا الجنوبية والصين واليابان- مصدّرة للتقنيات المتعلقة بالهيدروجين.
ويمكن أن تكون منطقة آسيا والمحيط الهادئ أحد مراكز الطلب المستقبلي على الهيدروجين منخفض الكربون، إلى جانب أوروبا.
الهيدروجين في أوروبا
تأخذ أوروبا زمام المبادرة في سباق الهيدروجين حاليًا، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وسط طموحات إزالة الكربون خاصة في قطاعي الصناعة والنقل.
ويُقدَّر الطلب على الهيدروجين منخفض الكربون في الاتحاد الأوروبي بنحو 60 مليون طن بحلول عام 2050، منها 30 مليون طن من الواردات، من شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، بحسب التقرير.
وتلجأ أوروبا إلى الاستيراد، لأنها تفتقر إلى موارد الوقود الأحفوري، كما إن قدرة الطاقة المتجددة في القارّة من المحتمل ألّا تكون كافية لإنتاج الهيدروجين.
وهناك رغم ذلك، دول أوروبية غنية بالموارد المتجددة، مثل اليونان وأيسلندا وإيطاليا والنرويج وروسيا وإسبانيا وتركيا، يمكن أن توفر الهيدروجين منخفض الكربون للمنطقة.
ويجب في الواقع تطوير إنتاج الهيدروجين محليًا في البداية؛ حتى يكون له دور في مزيج الطاقة سريعًا، لأن نقص البنية التحتية يعوق الاستيراد على المدى القريب.
الهيدروجين في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي
تركّز استخدامات الهيدروجين في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي على إزالة الكربون في قطاعي الصناعة والنقل.
وتعمل المنطقة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الهيدروجين، مع تطوير تعاون إقليمي لجذب الاستثمارات.
وتخطط منطقة أميركا الجنوبية والبحر الكاريبي لتعزيز دور الهيدروجين في إنتاج الأسمدة محليًا؛ إذ تمثّل الأمونيا سوقًا مهمةً محتملةً في المنطقة، ما يجعلها واحدة من أكبر مستهلكي الهيدروجين على المدى الطويل، فعلى سبيل المثال، تستورد البرازيل حاليًا 80% من الأمونيا المستخدمة في إنتاج الأسمدة.
وتهدف العديد من البلدان في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي إلى استكشاف إمكاناتها لتصدير الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته، بقيادة تشيلي، على المدى القصير، إلى خطط متوسطة وطويلة المدى من قبل كولومبيا وبيرو.
الهيدروجين في الشرق الأوسط والخليج
تعزز خطط الحياد الكربوني خاصة في السعودية والإمارات دور الهيدروجين منخفض الكربون في خفض انبعاثات الصناعة، لكن أولويات منطقة الشرق الأوسط والخليج تتمثل في التصدير أولًا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتمتلك المنطقة حقول النفط والغاز والموارد المتجددة إلى المساحات الشاسعة من الأراضي لبناء مشروعات الهيدروجين الضرورية لتصدير هذا الوقود النظيف إلى أوروبا وآسيا.
ويرى مجلس الطاقة العالمي أن اللاعبين الرئيسيين للهيدروجين في المنطقة يركّزون فقط على التصدير، ما يعني تجاهل فرص الطلب المحتمل من السوق المحلية.
وصدّرت السعودية والإمارات شحنات الأمونيا منخفضة الكربون إلى اليابان، مع المزيد من الشراكات مع الدول الآسيوية يجري تطويرها للتصدير من الإمارات وسلطنة عمان إلى الأسواق الآسيوية، وكذلك من السعودية إلى أوروبا.
وتسعى السعودية لتصبح مورّدًا عالميًا للهيدروجين، مع هدف الإنتاج اليومي البالغ 650 طنًا من الهيدروجين الأخضر.
وتتعاون شركة إير بروداكتس، ومقرّها الولايات المتحدة، وشركة أكوا باور السعودية، وشركة نيوم لتطوير مصنع الهيدروجين في منطقة نيوم على ساحل البحر الأحمر.
الهيدروجين في أميركا الشمالية
ستقود كندا وعدّة ولايات أميركية في منطقة أميركا الشمالية، زخم الهيدروجين منخفض الكربون في أنظمة الطاقة على مدى العقود المقبلة.
وتتوسع الدول في استخدام الهيدروجين لإزالة الكربون من الصناعة والنقل، مع التكنولوجيا المتقدمة، والسياسات الحكومية.
وتقود الولايات المتحدة وكندا إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري، باستخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، بأكثر من 80% من القدرة الإنتاجية العالمية.
ولم يكتسب الهيدروجين منخفض الكربون في المكسيك الزخم نفسه، وسط العديد من التحديات، لكن آفاق الطلب كبيرة في البلاد، لا سيما في القطاع الصناعي.