تعمل الحكومة المغربية على إلغاء مجانية عدد من الخدمات الاجتماعية بنهاية 2022، التي كان يستفيد منها مئات الآلاف من الأسر المغربية. وسيتم تعويض هذه الخدمات الاجتماعية، بورش الحماية الاجتماعية، التي أعلن عنها الملك محمد السادس.
وسيتم إلغاء برامج نظام المساعدة الطبية “راميد”، وبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وبرامج دعم دراسة الأطفال “تيسير”، و”برنامج دعم الأرامل”.
وسيتم تعويض “راميد” بـ”تأمين إجباري عن المرض”، و”تسيير” و”دعم الأرامل” سيتم تعويضهما ببرنامج واحد يتعلق بالتعويضات العائلية.
وسيكون تمويل هذه المشاريع الاجتماعية تشاركياً، فحوالي 50% سيتم تمويلها من الاشتراكات، والـ50% المتبقية عن طريق ميزانية الدولة.
الورش الاجتماعي الجديد
تقول الحكومة أنها وضعت هدفاً لها هو “تعميم التغطية الصحية الاجبارية بحلول نهاية عام 2022، حيث سيستفيد 22 مليون شخص إضافي من التأمين الإجباري للمرض، الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء”.
وتم اعتماد ورش الحماية الاجتماعية الجديدة عام 2021 من قِبل الملك محمد السادس، وتعمل على توسيع نطاق الحماية الطبية، وتعميم التقاعد والتعويضات العائلية، وأيضاً تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان العمل.
وشرع المغرب في اعتماد نظام “راميد” في عام 2011، بهدف تمكين المواطنين ذوي الحاجة وغير القادرين على تحمل مصاريف العلاج من الحصول على تغطية صحية أساسية، والاستفادة من مجانية خدمات المستشفيات العامة.
وستنطلق الإجراءات الجديدة نهاية 2022، التزاماً بالجدولة الزمنية التي حددها خطاب العرش، وذلك من خلال تمكين الفئات المهمشة والفقيرة، الخاضعة حالياً لنظام “راميد”، من الحصول على تأمين على المرض، يمكنهم من الولوج إلى القطاعين العام والخاص، وبنفس سلة علاجات العاملين بالقطاع الخاص.
وبالعودة إلى نظام التأمين الإجباري لعاملي القطاع الخاص، فهو قائم على ثنائية الاشتراك والمساهمة، ويُدفع الاشتراك بشكل شهري للاستفادة من التأمين الإجباري على المرض.
وتنقسم المساهمات إلى جزئين، الأول يُسمى الاشتراك في نظام التأمين الإجباري على المرض، بنسبة 1.85% من الأجر يؤديه المُشَغّل، والثاني يسمى التأمين على المرض بنسبة 4.52%، يؤدَّى بشكل مشترك بين العامل والمشغل، بنسبة 2.26% لكل طرف منهما، لتصل النسبة إلى 6.37% من الأجر.
هذه النسبة بالنظر للحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، الذي لا يتجاوز 3 آلاف درهم، يكون مبلغ الاقتطاعات حوالي 200 درهم شهرياً.
واستفاد من برنامج “راميد” حوالي 8 ملايين مغربي، ووزير الميزانية قال إن كل اثنين من ثلاثة في المغرب يعانيان الهشاشة، وهي فئات في غالبها لا تعمل ولا تملك دخلاً ثابتاً، ولا وجود لها في خطط الحكومة.
وكشفت مصادر حكومية أن وزارة الاقتصاد والمالية تعكف على إعداد مرسوم جديد، يوضح موقع المستفيدين السابقين من نظام المساعدة الطبية “راميد”، وأن الحكومة تعمل على التطبيق التدريجي لقانون الحماية الاجتماعية، وأنها تعمل على إخراج تشريعات جديدة لصالح تعميم الحماية الاجتماعية على المغاربة، في إطار تنفيذ رؤيتها للدولة الاجتماعية.
ورش الحماية الاجتماعية
خلال الندوة الأسبوعية لمجلس الحكومة، التي عُقدت الخميس 26 ماي الماضي، خرج الوزير المنتدب لدى وزارة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، ليهاجم ما اعتبره “مزايدات سياسية” حول تطبيق قانون الحماية الاجتماعية.
وذهب لقجع في معرض رده إلى أن مشتركي “راميد” ستتكفل الدولة بهم، وستجد الآلية لدفع اشتراكاتهم التي تصل إلى 9 مليارات درهم، حتى يتمكنوا من الإستفادة كباقي المغاربة.
وقال ما يلزم هذا المشروع هو انخراط الجميع فيه، من أحزاب سياسية في المعارضة والأغلبية، وفرقاء، وشركاء اجتماعيين، والمجتمع المدني، حتى تنتقل بلادنا إلى مصافّ الدول الصاعدة، فأزمة “كوفيد” أثبتت أن ثلثي المغاربة، رغم وجود مائة برنامج اجتماعي، يعيشون في حاجة.
الرد على لقجع جاء من رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الله بووانو، الذي نشر السبت 28 ماي المنصرم، تدوينة على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والتي استغرب فيها أسلوب تفاعل الوزير المنتدب، ولجوءه غير المبرر إلى العنف اللفظي “وهو يعلم جيداً أننا في العدالة والتنمية لطالما أعلنّا دعمنا ومساندتنا لهذه الثورة الاجتماعية، سواء قبل الخطاب الملكي حول هذه الورش المجتمعية الكبيرة، أو بعدها، أو قبل اعتماد القانون الإطار للحماية الاجتماعية، أو بعده، لكن دعمنا ومساندتنا لا يعنيان عدم التنبيه على الاختلالات المحتملة، وطرح الأسئلة المشروعة حول مقاربة تنزيل هذه الورش”.
وأضاف أن قرار إلغاء البرامج الثلاثة دفعة واحدة، دون تضمين ذلك في قرار رسمي يحدد دواعي وأسباب الإلغاء، والبدائل المقترحة لتحصين المكتسبات المحققة من تطبيقها، يؤكد ارتباك الحكومة في تطبيق ورش الحماية الاجتماعية، خاصة أن الإلغاء تم في غياب أي مقاربة تشاركية، كما دعا إلى ذلك الملك في خطاب العرش الأخير.