ينعقد في هذه الأيام المعرض الدولي للنشر والكتاب بعاصمة الأنوار، ومما يشد انتباه الزائرين، رواق اتحاد كتاب المغرب، الخالي من كل روح، فما الذي أوصله لهذا الحال؟ هل غابت الطاقات المثقفة، وصارت غير قادرة على إيجاد حل لهذه المعضلة التي يعيشها الاتحاد؟ أي مصير ينتظره، وهو الذي يعيش في أزمة منذ أكثر من عقد؟
تتشابه أزمات اتحادات الكتاب في كل المنطقة العربية، حتى صارت كيانات سياسية أكثر من ثقافية، حيث الصراع على الزعامة وتقلد المناصب والكراسي والبحث عن تقاسم المكاسب، مما أدى إلى انسحاب العديد من الكتاب والمثقفين الملتزمين والمحترمين للأهداف والمبادئ التي أنشأت من أجلها. فصارت الاتحادات عبارة عن هياكل وتنظيمات فارغة، يسودها الصراع والتنافس من أجل المناصب.
واتحاد كتاب المغرب لم يستثنى من القاعدة، فهو يعاني اليوم أزمة كبيرة على مستوى التنظيم وعلى مستوى الهدف الذي أنشأ من أجله منذ ستون سنة، فبعد عقود من العطاء والفكر البناء والملتزم، ها هو اليوم يدخل نفقا مظلما من الصراع وعشر سنوات عجاف، لم يشهد مثلها الاتحاد مند تأسيسه. الاتحاد الذي عاش سنوات الريادة الفكرية بقيادة مثقفين من طينة الكبار، متشبعين بالفكر النقدي الحداثي وآفاق قومية ووطنية، اليوم ومنذ 2009 اتحاد كتاب المغرب يعيش وربما آخر أيامه، وهل يحق لنا الحديث عن بداية نهاية قصته أو كما يذهب الكثيرون بالقول بأن إكرام الميت دفنه.
توالت الانتقادات الموجهة للاتحاد وانسحاب العديد من الكتاب نظرا لما سموه بالحرب الدائرة على المناصب، حيث عرف الاتحاد تحديات عصيبة لم تخدم بشكل جيد رسالته الثقافية المجتمعية، وجُمِدت العديد من الأنشطة من داخل هيئة الاتحاد احتجاجا على الطريقة التي يشتغل بها، وانتقادا لما وصفوه بالوضع المزري والذي لا يطاق داخل الاتحاد.
بعد إقالة عبد الحميد عقار سنة 2009 من طرف المكتب التنفيذي وبغالبية أعضائه، في الوقت نفسه عبر العديد من أعضاء الاتحاد عن استيائهم من القرار الذي اعتبروه قرارا غير مبرر، إذ تولى رئاسة الاتحاد عبدالرحيم العلام في وقت عصيب يعيشه الاتحاد. وفي سنة 2012 أثناء انعقاد المؤتمر الثامن عشر بالرباط عبر الرئيس عبدالرحيم العلام عن نيته في الترشح لولاية أخرى، الأمر الذي لم يستسغه الكثيرون فتوالت الانسحابات حيث انسحب سنة 2015 خمسة عشر عضوا.
وتحت شعار “اتحاد كتاب المغرب: نحو أفق تنظيمي وثقافي جديد” عقد المؤتمر التاسع عشر بطنجة سنة 2018 الذي عرف تطاحنا كبيرا بين أعضائه أدى إلى توقف أشغال المؤتمر، بعد أن رفض البعض إلقاء عبدالرحيم العلام كلمة المؤتمر باعتباره رئيس غير شرعي، إلا أنه أصر على إلقائها بمناصرة بعض مؤيديه. الأمر الذي أذى إلى إنهاء أشغال المؤتمر وتكليف المكتب التنفيذي وبعض أعضاء الاتحاد للتحضير لمؤتمر استثنائي في المستقبل القريب.
وفي شهر شتنبر من سنة 2020 صدر بلاغ من المكتب التنفيذي للاتحاد يعلن تمسكه بمبدأ الشرعية القانونية وتوصيات مؤتمر طنجة، وان الاتحاد عازم على تنظيم المؤتمر الاستثنائي وفق مقتضيات الفصل السادس والسابع من القانون الأساسي للاتحاد، البلاغ الذي اعتبره البعض بأنه بلاغ عبدالرحيم العلام ورفاقه، ولا يعبر قطعا عن آراء وتطلعات كل الأعضاء، الأمر الذي أزم الوضع داخل الاتحاد أكثر فأكثر.
ومن خلال الاستماع للعديد من الكتاب والمثقفين سواء المنسحبين أو الذين لا زالوا داخل أجهزة الاتحاد، يتضح أن أزمة الاتحاد بدأت منذ مدة طويلة، ويرجع الكثيرون أسباب ذلك لغياب الفعل الديمقراطي داخل الاتحاد وغياب فعل صحيح لتصريف الصراعات بين أعضائه وحل كل الخلافات العالقة. كما يعاني الاتحاد أيضا من التحالفات، والنزعة الفردانية في تدبير الشؤون الداخلية.