احتد النقاش داخل الأوساط السياسية والحقوقية والإعلامية، منذ تشكيل حكومة أخنوش في أكتوبر المنصرم، حول “تضارب المصالح” لدى بعض الوزراء الذين يزاوجون بين مهامهم الحكومية وإدارة أعمالهم الاقتصادية، ومنها “تفويت” صفقات تتعلق بمشاريع عمومية لشركات تابعة لوزير معين، مثلما نبّه إلى ذلك حزب “العدالة والتنمية” الذي يوجد حالياً في المعارضة، بعدما قاد الحكومة لولايتين متتاليتين خلال عشرة أعوام.
وقام مصطفى إبراهيمي، عضو المجموعة النيابية للبيجيدي، بتوجيه سؤال كتابي إلى رئيس الحكومة، حول وضعية تضارب المصالح لأحد أعضاء الحكومة، باعتباره مديراً عاماً لمكتب الدراسات والاستشارة “فالينس كونسيلتينغ”، ولم يسم الوزير المعني بالسؤال، الذي يتعلق بمحسن جزولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية.
وتوجه البرلماني إلى عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، بالسؤال، مع أن هذا الأخير يبدو بمثابة “الخصم والحكم” في الوقت نفسه، لاعتبارين اثنين، أولهما أنه هو نفسه فاعل أساسي في مجال المال والأعمال، وثانيهما أن الوزير المشتكى به، محسن جزولي، استُقطِب إلى حزب “التجمع الوطني للأحرار” الذي يقوده أخنوش، عشية الإعلان عن التشكيلة الوزارية، حيث دخلها بهذه القبعة الحزبية، على غرار وزير التعليم شكيب بنموسى.
وأوضح البرلماني في سؤاله الكتابي الذي أورده الموقع الإلكتروني للحزب، أن صفقة “مخطط التنمية الجهوي لجهة الرباط سلا القنيطرة” رست على مكتب الدراسات والاستشارة “فاليانس كونسيلتينغ” بمبلغ يُقدر بـ 5.7 ملايين درهم، مشيراً إلى أن نفس المكتب سبق أن ساهم في الأعوام السابقة في عدة مخططات لقطاعات حكومية ومؤسسات عمومية منها “المغرب الأخضر” و”إليوتيس” وغيرها. وأضاف أن الرئيس المدير العام لمكتب الدراسات المذكور “أصبح عضواً في الحكومة منذ 2021، وبالتالي أصبح في وضعية غير قانونية وغير أخلاقية لتضارب المصالح مع كل ما يتعلق بالصفقات المتعلقة بمرافق الدولة والمجالس المنتخبة المحلية والمؤسسات العمومية”.
وطلب برلماني العدالة والتنمية بالكشف عن “ملابسات رسو صفقة مخطط التنمية لجهة الرباط سلا القنيطرة على مكتب الاستشارات فاليونس كونسيلتينغ”، متسائلاً عن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لمعالجة هذا الوضع غير القانوني وعدم تكافؤ الفرص مع باقي مكاتب الدراسات المنافسة، قائلا “هل ستعمدون لوضع استراتيجية لوضع حد لكل حالات تضارب المصالح سواء تعلق الأمر بأعضاء الحكومة أو المسؤولين العموميين، لما لهذه الظاهرة من أضرار اقتصادية واجتماعية وسياسية؟”.
وتعتبر “فاليونس كونسيلتينغ” شركة استشارية رائدة برأسمال مغربي، تعمل في تطوير التوجهات الاستراتيجية ودعم تنفيذها وتقديم الخدمات الاستشارية. وساهمت في إدارة وتنفيذ خطط استراتيجية رئيسية في المغرب، من قبيل: “رؤية 2020″، و”مخطط المغرب الأخضر”، و”إليوتيس”.
وحصلت المؤسسة على خبرة كبيرة في إفريقيا، كما كلفت بإجراء دراسة حول المشاريع التي أطلقت في المغرب وفي مجموعة من البلدان الإفريقية.
والوزير محسن جزولي المعروف في دوائر الأعمال في الدار البيضاء، وكذلك في الدوائر الإدارية والوزارية، اكتسب أكثر من 25 عاماً من الخبرة المتراكمة في مجال الاستشارات، وقاد العديد من المهام الاستراتيجية والتنظيمية في مختلف المجالات مثل المالية والصناعة والنقل والعقارات والسياحة أو القطاع العام، تلقى تعليمه في ثانوية تابعة للبعثة الفرنسية في الرباط، كما حصل على البكالوريا (الثانوية العامة) المغربية في علوم الرياضيات. وأكمل دراساته العليا في فرنسا، أولاً في جامعة باريس الجنوبية حيث حصل على ماجستير في أساليب تكنولوجيا المعلومات المطبقة على إدارة الأعمال عام 1986، ثم في جامعة باريس دوفين حيث حصل على درجة الماجستير في الدعم في القرار عام 1991. وبدأ محسن جزولي مسيرته المهنية في الفرع الاستشاري لشركة “إرنست ويونغ” في باريس، وفي عام 2005، أسس شركة Consulting Valyans وتكفل بإدارتها حتى عام 2018.
وإثر تعيينه في عام 2018 وزيراً منتدباً لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المسؤول عن التعاون الإفريقي، تنازل عن منصبه كرئيس تنفيذي لسعدية السلاوي بناني.
وعمل جزولي بين عامي 2012 و2018 على تطوير وتعزيز دور الاتحاد العام لمقاولات المغرب مع الشركات. وفي 2018، عين وزيراً منتدباً لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي مكلفاً بالتعاون الإفريقي في 2018، ثم وزيراً منتدباً لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قبل أن يكلف بوزارة الاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية في الحكومة الحالية.