بيانات تطرح إشكالية المساواة بين الجنسين في التنمية الرقمية والنقل والمياه
انخفض معدل وفيات الأمهات وشهد معدل التحاق الفتيات بالمدارس الثانوية ارتفاعاً كبيراً، على مدار العِقد الماضي. لكن العديد من القوانين التمييزية في 178 بلداً تضم 2.4 مليار امرأة في سن العمل تحول دون مشاركتهن الكاملة في الأنشطة الاقتصادية.
وكانت في العامين الماضيين، ونتيجة لجائحة كورونا، نسبة الفتيات الأوغنديات اللاتي عدن إلى الدراسة بعد الإغلاق بسبب الجائحة أقل بكثير من نسبة الأولاد، وذكرت غالبية الفتيات في بنغلاديش أنهن يقضين وقتاً أقل في التعليم.
وأصبح الجميع على علم بكل هذا وأيضاً بالعديد من الإنجازات والإخفاقات الأخرى في حياة النساء والفتيات، لأن لديهم بيانات بشأن النوع الاجتماعي توفر هذه الرؤى بالغة الأهمية. وتُعد هذه البيانات شكلاً من أشكال تمكين النساء والفتيات، ويمكن لمعرفة كيفية تفسيرها والعمل بناءً عليها أن يزيد وتيرة تحقيق المساواة بين الجنسين. ولهذا السبب، فإنه من المهم تقديم بيانات النوع الاجتماعي في شكل يسهل الوصول إليه وقابل للتنفيذ ويحقق الفائدة لمختلف الأطراف المعنية، من واضعي السياسات ودعاة المساواة بين الجنسين إلى الباحثين والصحفيين.
وأعادت مجموعة البنك الدولي تصميم بوابة بيانات النوع الاجتماعي مع مراعاة الأشخاص والجهات المستهدفة من خلال تقديم أكثر من 900 مؤشر للنوع الاجتماعي بتنسيقات مختلفة، تتراوح من البيانات الأولية إلى العروض المرئية والقصص الجذابة.
وستكون نتيجة تيسير عمليات تحليل هذه البيانات وتفسيرها وعرضها في شكل مرئي إلى التركيز على قضايا النوع الاجتماعي التي غالباً ما تكون خارج دائرة الاهتمام، بما في ذلك موضوعات مثل التنمية الرقمية والنقل والمياه. ويسلط الضوء أيضاً على الفجوات القائمة بين الجنسين والفجوات في مدى توافر بيانات النوع الاجتماعي.
لا تزال هناك فجوات كبيرة في بيانات النوع الاجتماعي المتاحة، على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين الإحصاءات المرتبطة بنوع الجنس.
وعملت مجموعة البنك الدولي على توسيع نطاق الالتزامات والشراكات بغية تحسين عملية جمع البيانات المصنّفة حسب نوع الجنس والوصول إليها ومشاركتها واستخدامها على مدار الأعوام العديدة الماضية. ويستثمر إضافة إلى ذلك، في العديد من العمليات الإحصائية لزيادة توافر بيانات النوع الاجتماعي وسد الأنواع المختلفة من الفجوات في البيانات.
ويهدف مشروع تدعيم إحصاءات النوع الاجتماعي إلى سد الفجوات في بيانات النوع الاجتماعي في النظم الإحصائية الوطنية من خلال شراكات مباشرة مع 12 جهازاً إحصائيا وطنياً على مدار العامين المقبلين بهدف زيادة توافر هذه البيانات المتعلقة بما يحققه الرجال والنساء من نتائج اقتصادية، وتحسين جودتها وجدواها.
تستفيد هذه المبادرة من الجهود التي بذلها البنك في الآونة الأخيرة، مثل دراسة قياس مستويات المعيشة – مبادرة بلس والشراكة من أجل عمل المرأة وتوظيفها، التي تهدف إلى تحسين توافر البيانات المسحية المصنّفة حسب الفرد عن النواتج الاقتصادية وجودتها، بما في ذلك ملكية الأصول والتحكم فيها، والعمل، وريادة الأعمال.
وتسعى مبادرة تدابير تعزيز المساواة بين الجنسين إضافة إلى جمع البيانات، إلى تطوير طرق مسح محسّنة لقياس قدرة الرجال والنساء على التحكم في الأصول، واستغلال الوقت، والولاية على النفس، في حين يقوم مقياس تمكين المرأة للنظم الإحصائية الوطنية بوضع مقياس وبروتوكولات العمل الميداني المرتبطة به لقياس التمكين على المستوى الفردي في المسوحات الوطنية للأسر والمزارع (بما في ذلك تلك المسوحات التي تدعمها مبادرة 50×2030:مبادرة الزراعة المعتمدة على البيانات). وستتم إضافة هذه البيانات الإضافية إلى بوابة بيانات النوع الاجتماعي حينما تصبح متاحة.
وجاء هذا المسعى في وقته تماماً نظراً لأن العالم لا يزال أمامه طريق طويل لتحقيق المساواة بين الجنسين، لا سيما في الوقت الراهن الذي تعمل فيه البلدان على تحقيق التعافي الاقتصادي. وتظهر البيانات أيضاً أن تأثير جائحة كورونا كان أشد وطأة على النساء من الرجال، وأن النساء يواجهن خطر فقدان العديد من المكاسب التي حققنها بشق الأنفس.
وأظهرت الشواهد حتى قبل الجائحة، أن فجوات الأجور بين الجنسين لا تزال قائمة وأن معدلات مشاركة الإناث في القوى العاملة أقل من 50% في ثلث جميع البلدان. ولو تمت معالجة هذه الفجوات بين الجنسين، لكان بمقدور العالم أن يحقق “عائداً للمساواة بين الجنسين” يبلغ 172 تريليون دولار، وهو ما يبلغ نحو ضعفي إجمالي الناتج المحلي السنوي على مستوى العالم.
يُعد هذا هو السبب في أن تعزيز الحصول على المزيد من بيانات النوع الاجتماعي والإحصاءات ذات الصلة والارتقاء بمستواها أمر بالغ الأهمية لتوجيه الموارد بشكل فعال نحو تصميم السياسات التي يمكن أن تحسّن مستوى حياة النساء والرجال على حد سواء.
وصممت مجموعة البنك الدولي بوابة بيانات النوع الاجتماعي بحيث تكون مفيدة لطائفة مختلفة من الجهات المستهدفة. ويتمثل هدفها الأساسي في الوصول إلى واضعي السياسات لحثهم على استخدام هذه البيانات في وضع السياسات المستندة إلى الشواهد. وأراد البنك الدولي أيضاً ضمان إتاحة بيانات النوع الاجتماعي لأصحاب المصلحة الآخرين، مثل منظمات المجتمع المدني والباحثين والمتخصصين في البيانات والصحفيين، الذين يمكنهم التعامل معها ونقلها بشكل أكبر إلى المواطنين ومجتمعاتهم المحلية بحيث تطلق المحادثات الجديدة بشأن المساواة بين الجنسين شرارة المناقشات والإصلاحات المعنية بالسياسات.
وتتطلع البلدان إلى التعافي من جائحة كورونا والمضي قدماً نحو تحقيق التعافي الاقتصادي المستدام، تُعد بيانات النوع الاجتماعي ركيزة مهمة لضمان ألا يتخلف نصف سكان العالم عن الركب. ويتطلب إحداث تغيير جوهري نحو المساواة بين الجنسين مزيداً من الاستثمارات، وإدخال تغييرات على القوانين والسياسات، وتنفيذ تدخلات لتغيير الأعراف الاجتماعية والمتعلقة بدور المرأة، والتحلي بالجرأة لتغيير علاقات القوة. ويمكن في هذا السياق، أن تكون هذه البيانات دليلاً على أنه يتعين على واضعي السياسات وضع سياسات شاملة ومراعية للفروق بين الجنسين، التي ستتيح للفتيات والنساء تحقيق كامل إمكاناتهن، من أجل تسريع وتيرة تحقيق المساواة.