“الذهب الأزرق” يحترم البيئة ويفتح شهية الشركات العالمية
يتوفر المغرب على احتياطات كبيرة من معدن الكوبالت الخام “الذهب الأزرق”، الذي يدخل في إنتاج البطاريات الخاصة بالسيارات الكهربائية.
وتتصارع الشركات العالمية العاملة في هذا القطاع في البحث عن مصادر التزود بهذا المعدن الاستراتيجي، حيث أعلنت مؤخرا مجموعة رونو الفرنسية لصناعة السيارات، عن إبرامها اتفاقا مع مجموعة مناجم المغربية، لشراء مادة كبريتات الكوبالت الموجه لإنتاج السيارات الكهربائية، عبر تزويد رونو بخمسة آلاف طن سنويا من هذه المادة على مدى سبعة أعوام ابتداء من عام 2025.
وستنتج “مناجم” المغربية بموجب هذه الشراكة مادة كبريتات الكوبالت بالاستعانة بتقنيات منخفضة الكربون، خاصة مع استخدام الطاقة الريحية التي من المرتقب أن تؤمن 20 في المائة من الطاقة اللازمة، وبذلك ستضمن مجموعة رونو إمدادات هامة من هذا المعدن، تمثل طاقة سنوية لإنتاج البطاريات تصل إلى 15 غيغاوات/ساعة.
المغرب من كبار منتجي الكوبالت عالي النقاوة في العالم
وبدأ نشاط إنتاج الكوبالت في المغرب في عام 1928 انطلاقا من منجم “بوازار” التاريخي ضواحي مدينة ورزارات، ويساهم بنسبة 36 في المائة من معاملات الفاعل الأساسي في المعادن بالمغرب، وفق بيانات مجموعة “مناجم” للتعدين والتي تعتبر من بين أكبر خمسة منتجين لكوبالت الكاثود عالي النقاوة في العالم.
وتنتج المملكة سنويا أكثر من ألفي طن، حسب البيانات الرسمية، مما يجعل المغرب يحتل المركز الـ 11 عالميا من الإحتياط العالمي من معدن الكوبالت بـ 17 ألف و600 طن.
ويعتبر الكوبالت من المعادن الأساسية والاستراتيجية في الانتقال الطاقي، وفي مجال النقل المستدام حيث يدخل في صناعة البطاريات القابلة للشحن.
وينتج المغرب الكوبالت بنقاوة عالية مقارنة بباقي الدول المصدرة لهذه المادة ومن بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تمتلك أكبر احتياطي على المستوى العالمي، ويعتبر منجم “بوزار” ضواحي مدينة ورزازات المنجم الوحيد في العالم الذي يستخرج منه الكوبالت كمعدن أساسي.
ويلعب المغرب دورا مهما في سلاسل توريد الكوبالت على المستوى الدولي، وتعتمد مجموعة “مناجم” على تنويع شراكاتها في هذا المجال، من خلال الاتفاقيات التي تبرمها مع الشركات العالمية والتي كان آخرها مع مجموعة “رونو” من أجل تزويدها بحاجياتها من الكوبالت لتحقيق هدف الانتقال نحو صناعة السيارات الكهربائية.
وتربط المجموعة المغربية “مناجم” أيضا شراكة مهمة في هذا المجال مع شركة جلينكور الأنجلو-سويسرية لإنتاج الكوبالت الأولي/المعاد تدويره، في إطار ما يطلق عليه الإقتصاد الدائري.
وتبحث اليوم الشركات العالمية عن عقد شركات مع مجموعات تتمتع بالمسؤولية المجتمعية وتحترم البيئة، وهو الشرط الذي تستوفيه “مناجم”.
وكشف المسؤول المغربي أنه وفي إطار الشراكة التي تجمع بين المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن ومجموعة “مناجم” للتعدين يجرى البحث عن احتياطات إضافية من الكوبالت في منطقة سيروا، بجبال الأطلس الأوسط.
فرص واعدة في إنتاج الكوبالت
وسبق وأعلنت مجموعة “مناجم” المغربية للتعدين عن توقيع اتفاق مع شركة “جلينكور” الأنجلو-سويسرية بهدف افتتاح مصنع لإعادة تدوير الكوبالت في ضواحي مدينة مراكش، حيث يسعى المغرب لاستغلال جميع إمكاناته في هذا المجال من أجل المساهمة في سلسلة صناعة البطاريات القابلة للشحن سواء للسيارات الكهربائية، أو مختلف الأجهزة الإلكترونية والهواتف.
ويتوفر المغرب على إمكانات مهمة وواعدة في مجال إنتاج مادة الكوبالت. ويتزايد الطلب العالمي يوما بعد يوم على هذا المعدن الأساسي في تصنيع البطاريات القابلة للشحن يتزايد، مع تزايد الإقبال على تصنيع السيارات الكهربائية. كما أن الخبرات التي راكمها المغرب قبل أعوام في هذا المجال، إضافة إلى موقعه الجغرافي بين القارتين الإفريقية والأوروبية وقربه من أسواق السيارات العالمية، عاملان يساعدانه على الاستفادة من الفرص الواعدة التي يتيحها هذا القطاع.
المغرب رائد في إنتاج الكوبالت بإفريقيا
يسعى المغرب مع تزايد الطلب العالمي على معدن الكوبالت بالموازاة مع ارتفاع الإقبال على إنتاج البطاريات القابلة لإعادة الشحن، إلى توظيف إمكاناته الهامة في هذا المجال من أجل حجز مراتب متقدمة ضمن قائمة الموردين العالمين.
ويصنف المغرب ضمن الدول الرائدة في مجال إنتاج مادة الكوبالت داخل القارة الإفريقية، وتشكل هذه الصناعة جزء من المشروع الطموح الذي أطلقته المملكة للانتقال نحو الطاقات البديلة.
ويعمل المغرب على مواكبة التوجه العالمي الحالي نحو سوق السيارات الكهربائية الخالية من الانبعاثات، حاملا معه الخبرة المهمة التي اكتسبها في مجال صناعة السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري.
ويدخل تطوير هذا القطاع في إطار الصناعات المستقبلية، الذي من شأنه أن يفتح آفاق اقتصادية عديدة للمغرب الذي سيستفيد من القرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية، مما يساهم في خفض كلفة شبكة الربط.
ويستجيب المغرب لمجموعة من الشروط التي تطلبها الدخول في شراكات مع مجموعات عالمية تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في مجال صناعة السيارات.