توسع البنوك المغربية في غرب إفريقيا
ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن حملة من قبل البنوك المغربية الكبرى للتوسع في غرب إفريقيا في العقد الماضي، ساعدت المقرضين في تلك البلاد على تعزيز أرباحهم في ظل جائحة “كورونا”، وجعلهم يربحون أكثر من خلال الاستخدام المتزايد لنقل الأموال عبر الهاتف المحمول.
ونشرت الصحيفة في تقرير لمراسلها أليكسيس أكواغريام أن اثنين من أكبر عشرة بنوك في أفريقيا -وفقا لمقياس قوة رأس المال- مغربيان.
وتقوم هذه البنوك كلها بدور في تمويل الدفع الاستثماري المنسق للمغرب في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء.
وذكر التقرير نقلا عن المديرة الإدارية لأبحاث الأسهم في بنك الاستثمار “إي إف جي هيرميس”، الذي يركز على الأسواق الناشئة، إيلينا سانشيز كابيزودو، قولها أن “توسع البنوك المغربية في القارة السمراء كان له تأثير كبير للغاية من حيث تنويع قاعدة إيراداتها وقاعدة أصولها وصافي الدخل”.
وأوضحت أن “السوق المصرفية في المغرب سوق منخفض النمو نسبيا؛ لذلك كان التوجه إلى إفريقيا هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله، حيث التطلع إلى مجال النمو التالي، وشراء البنوك في البلدان ذات الإختراق المصرفي المنخفض”.
وكان خلال العقد الماضي توسع البنوك المغربية في المقام الأول تجاه الغرب الناطق بالفرنسية وإفريقيا الوسطى.
وتقدمت مجموعة “التجاري وفا”، وهي أكبر بنك في المغرب، للمرة الأولى للحصول على ترخيص مصرفي للعمل في السنغال عام 2005. وتتواجد المجموعة الآن في 25 دولة، معظمها في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ويشمل ذلك كوت ديفوار ومالي والكابون والكاميرون.
وصرح المدير العام لـ”التجاري وفا”، إسماعيل الدويري “منطقة إفريقيا جنوب الصحراء كانت بشكل عام أقل تأثرا بالجائحة وعواقبها مقارنة ببقية مناطقنا، ومن المرجح أن تعود إلى الوضع الطبيعي على نحو أسرع”.
ويظن الخبير الاقتصادي العالمي في “فيتش سوليوشينز”، جون أشبورن، أن سياسة البنك المتمثلة في التنويع في أسواق أخرى في القارة ساعدته خلال الوباء، وأضاف “وفقا لتصنيفات وكالة فيتش، للنصف الأول من عام 2020، كان عائد (التجاري وفا) على الأصول في المغرب سلبيا في الواقع، لكن تحقيق عائدات أقوى من الأعمال بإفريقيا دعم الرقم الرئيسي للبنك، لذلك ساعد التنويع الإقليمي بالتأكيد على تخفيف الضربة العام الماضي”.
وتتواجد العديد من البنوك المغربية في منطقة غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية، بسبب الروابط اللغوية، وحقيقة أن عملة واحدة، “فرنك غرب إفريقيا”، تستخدم من قبل 8 بلدان في المنطقة ومربوطة باليورو.
وأضاف أشبورن أن “القطاعات المصرفية في دول غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية توسعت بسرعة في الأعوام الأخيرة من خلال جذب المزيد من الأشخاص إلى النظام المالي الرسمي”، ويعتقد أن المنطقة مهيأة للتعافي القوي بعد الجائحة.
ويُتوقع بحسب التقرير على نطاق واسع أن يتخطى النمو الاقتصادي في غرب إفريقيا ما شهده المغرب، الواقع في شمال أفريقيا.
وقال صندوق النقد الدولي في أكتوبر المنصرم أنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للمغرب بنسبة 3.1% عام 2022، وهو معدل تجاوزته أكبر الاقتصادات في غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية. وأضاف الصندوق، أنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لساحل العاج بنسبة 6.5% هذا العام (2022)، فيما تحقق السنغال، الاقتصاد الرائد الآخر في المنطقة، نموا بنسبة 5.5%.
ويُظهر الرسم البياني وفق الرئيس التنفيذي لمجموعة “البنك الشعبي المركزي” كمال المقداد،
أن المغرب عانى من ثاني أكبر انكماش بين الاقتصادات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن 18 دولة من بين 32 دولة يتواجد فيها البنك في جميع أنحاء العالم تقع في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وفتح البنك فروعا جديدة في الكاميرون والكونغو ومدغشقر خلال الربع الأخير من عام 2019.
ويؤكد أن “الفروع الجديدة للمجموعة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أدت إلى زيادة مساهمة الخدمات المصرفية للأفراد الدولية في صافي الدخل المصرفي للمجموعة إلى 26% نهاية عام 2020 ، مقابل 21% نهاية عام 2019”، مضيفا “ساهمت الشركات الإفريقية التابعة للمجموعة بنسبة 18% من القروض نهاية عام 2020”، وأنه “من الطبيعي أن تنمو هذه المساهمة بالنظر إلى العمل الذي نقوم به في كل من الشركات التابعة وعمليات الإستحواذ الجديدة”.
ويقول المحللون بحسب نفس التقرير، أن البنوك المغربية أحدثت اضطرابا واضحا في الأسواق الإفريقية التي لها وجود فيها.
وعلق أشبورن أن “دخول البنوك المغربية أدى إلى زعزعة الأمور في قطاع لم يكن يسكنه في السابق سوى لاعبين محليين صغار جدا وضعفاء وعدد قليل من الشركات الفرنسية متعددة الجنسيات”، وأن إطلاق خدمات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول أدى، أيضا، إلى وصول المزيد من الأشخاص في المنطقة إلى الخدمات المالية. وأشار إلى أن “معظم دول غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية لم تشهد بعد التأثيرات الكاملة لثورة المدفوعات عبر الهاتف المحمول، التي انطلقت في الأسواق الناشئة الأخرى والأسواق الحدودية. وهذه فرصة كبيرة للبنوك”.
وزاد في عام 2020 عدد حسابات الدفع عبر الهاتف المحمول المسجلة في غرب إفريقيا بنسبة 19% على أساس سنوي.
وكانت بالمقارنة معدلات النمو في وسط وشرق وشمال إفريقيا 2% و9% و16% على التوالي، وفقا لــ”الجمعية الدولية للاتصالات المتنقلة”.
وقال رئيس إستراتيجية إفريقيا في بنك “ستاندرد تشارترد” (مقره لندن)، سمير جاديو “رغم أن انتشار الخدمات المصرفية لا يزال منخفضا نسبيا، إلا أنه يبدو أعلى بكثير عند تضمين الوصول إلى الأموال عبر الهاتف المحمول”.
وأكد المتحدث باسم “الجمعية الدولية للاتصالات المتنقلة”، ليمسان بولتر، أن الزيادة الطفيفة في استخدام الأموال عبر الهاتف المحمول كانت مدفوعة بزيادة اشتراكات الهاتف المحمول والإبتعاد عن استخدام الدفع الكاش أثناء الجائحة.
وتابع بولتر “لا يقتصر الأمر على استخدام العملاء لحساباتهم بشكل متكرر، لكنهم يستخدمونها في حالات استخدام جديدة وأكثر تقدما، ويشير هذا إلى أن المزيد والمزيد من الناس يبتعدون عن الأنظمة المالية التقليدية”، ويعتقد المصرفيون والمحللون أن الاختراق المصرفي المنخفض نسبيا في غرب إفريقيا، جنبًا إلى جنب مع استخدام الأموال عبر الهاتف المحمول، يبشر بالخير للمقرضين المغاربة الذين يؤسسون موطئ قدم بالمنطقة.
واستخلص أشبورن أن “المعطيات الأساسية في المنطقة تشير إلى أنه يجب أن يكون هناك مجال كبير للنمو السريع خلال الأعوام القادمة”.