باحثون.. مدونة الأسرة تجاوزها دستور المملكة وتغييرها واجب
تدارس باحثون ووزراء سابقون وبرلمانيون مساء اليوم (الخميس 16يونيو)، قضايا الأسرة في ظل المدونة التي حققت مكاسب مهمة للأسرة المغربية منذ الإقرار بها في العام 2004، إلا أنها تبقى تعاني من نقائص وثقوب في نصوصها القانونية بالشكل المطلوب وبالنظر إلى ما نص عليه دستور المملكة المحدث في العام 2011، وأيضا بالنظر إلى حاجة المجتمع المغربي إلى التفاعل مع التطور الذي يشهده في الوقت المعاصر، وما تفرضه مستجدات الحياة وفق المنظومة الحقوقية والقانونية الدولية التي تفرض المواكبة وتحيين القوانين المنظمة للحياة العامة للناس.
وشكلت محاور زواج القاصر والارث والاغتصاب والخيانة الزوجية وتحيين القوانين المنظمة لمدونة الأسرة، صلب نقاش صريح وواقعي مثبت بوقائع وأحداث تداولته الندوة الموسومة ب”مدونة الأسرة بعد 18 سنة من التطبيق مابين النص والواقع، هل حان وقت المراجعة؟ نظمتها المؤسسة الإعلامية “المصدر ميديا” التي تديرها الإعلامية “حجيبة ماء العينين”. وأدار هذه الندوة الإعلامي والمنتج التلفزيوني “عادل أقلعي”.
وفي كلمة لمديرة الجريدة الالكترونية “المصدر”، أبرزت من خلالها إستراتيجية المؤسسة الإعلامية التي تتغيا أن تكون صانعة للحدث، وليس فقط ناقله، ومساهمة أيضا في تنشيط الفضاء الفكري من خلال تنظيمها للعديد من الندوات في مختلف جهات المملكة، إيمانا من المؤسسة بقانون القرب الذي يستهدف بالأساس توسيع دائرة النقاش حول قضايا راهنية تقض مضجع المغاربة.
وفي نفس السياق، اعتبرت “نبيلة منيب”، الأستاذة الجامعية والامينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد أن النقاش حول تحيين مدونة الأسرة والمطالبة بالتغيير ليس ترفا، سواء تعلق بتغيير قانون الأسرة أوالقانون الجنائي المتعلق بقضايا الأسرة.
ولبلوغ هذه الأهداف، طالبت “منيب”بتعبئة المجتمع المدني، قائلة” زواج القاصرات عار على جبين الدولة المغربية في ظل دستور متقدم وفي ظل مستجدات القرن الواحد والعشرين”. وطالبت ببناء مغرب “المواطنة” ومغرب “المعرفة”.مشيرة إلى أنه وجب التعامل مع الخيانة الزوجية بأسلوب حضاري.
ودعا البرلماني عبد النبي عيدودي إلى مراجعة النصوص القانونية المؤطرة لمدونة الأسرة، وذلك بعد فتح حوار معمق وجدي ينخرط في الجميع، متوقفا عند الثغرات القانونية الكامنة في المدونة والمتعلقة مثلا بالحضانة والإرث والملكية المشتركة وتعدد الزوجات وتزويج القاصرات.
وأكد موقف الحركة الشعبية المنتمي إليها عيدودي فيما يتعلق بالمدونة التي يرى أنه وجب التفكير في كل قضايا الأسرة بناء على تفكير تجريبي وليس تفكير غيبي، مستدلا في ذلك بما حملته السنة النبوية والصحابة من أمثلة دالة في حياة المجتمع الاسلامي في عهد الرسول الأكرم .
واعتبرت الوزير الأسبق شرفات أفيلال وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاستراكية، أنه لم يعد مقبولا، أن لانساير التقدم الذي جاء به دستور 2011، متسائلة، هل مدونة الأسرة مدونة دستورية؟.
وشددت شرفات على أن المسعى لتحقيق مدونة مدنية هو مطلب النضال السياسي والمجتمعي وهو المبتغى للمغاربة التواقين إلى مدونة تستجيب لكل مطالبهم في الحياة والحرية، بدل الإبقاء على مدونة ذي دلالة فقهية صرفة، لاترتقي إلى مدونة للأسرة المعاصرة، المفروض فيها أن تتماشى والقوانين الدولية .
واعترفت بأن إحداث مدونة الأسرة سنة 2004، شكلت نقلة نوعية في الأسرة المغربية، لكن الآن شروط المجتمع الذي تطور بشكل كبير وتطورت معه حاجاته تفرض التغيير في صلب هذه المدونة. واعتبرت أن زواج القاصرات أصبح مخجلا في مغربنا الحديث وفي عصرنا الحالي ، مشيرة إلى أن زواج القاصرات لم يعد يقتصر على الأرياف، وإنما حتى في الحواضر الكبرى، واستدلت بالدار البيضاء كبرى حواضر المملكة والتي أكدت الوزيرة الأسبق “شرفات” أنه يتم فيها زواج القاصرات بشكل مخيف، عكس ما يحدث في القرى المغربية.
وطالبت شرفات في نفس السياق بالمتابعه القضائية لكل من تزوج قبل السن القانوني، معتبرة أن هناك مفاهيم تمييزية، وأن الولاية الشرعية فيها حيف كبير، لانه يعطي الحق للرجل عكس المرأة.
واستحضرت المحامية مريم الادريسي، العديد من الأمثلة الدالة على الحيف الذي تعيشه المرأة المغربية في ظل النصوص القانونية المنظمة لمدونة الأسرة الحالية، مطالبة بالتغيير وفق ما تشرطه النصوص والقيم الكونية بناء على القانون الدولي المنظم للأسرة، وفق ما وافق عليه المغرب داخل المنظومة القانونية الدولية فيما يتعلق بالأسرة، مطالبة بتوحيد العمل القضائي على مستوى التوزيع الترابي لمحاكم المملكة.
واستعرضت مريم الادريسي كثيرا من الأحداث والوقائع التي عايشتها بحكم ممارستها لمهنة القضاء الواقف ودفاعها عن العديد من الضحايا النسوية جراء الجهل والأمية، وأيضا ضحية شراسة وظلم الرجل بقوة القانون الذي يفترض تغيير نصوصه المنظمة لقضايا الأسرة المغربية.