براءة سعيد بوتفليقة يثير استنكارا كبيرا في الشارع الجزائري
أصدرت وبكل هدوء محكمة الجنايات بمجلس القضاء الجزائري حكماً يقضي ببراءة “السعيد بوتفليقة”، شقيق الرئيس الراحل “عبد العزيز بوتفليقة”، من التهم المثيرة التي كانت موجهة ضده في عهد قائد الجيش الراحل “أحمد القايد صالح”، إلى جانب رجل الأعمال “علي حداد”، المسؤول عن إدارة أملاك و أموال و ثروة أسرة “بوتفليقة”، و المتهم في قضايا فساد ورشاوى والتأثير على القضاء والحياة السياسية بالبلاد، والمشاركة في أعمال ومؤامرات ضد قائد الجيش، بينما انشغل الجميع في الجزائر بالنقاش حول بوادر الفشل في تنظيم الأولمبياد المتوسطية.
وأثارت هذه الأحكام نقاشا كبيرا بين المدونين والنشطاء والمعارضين، واعتبروا توقيت صدورها غير بريء، وأنها محاولة من النظام الجزائري لاستغلال الجدل الدائر بشأن ما يجري من فضائح في تنظيم الألعاب المتوسطية لتمرير الأحكام وإنقاذ حكام الجزائر الحاليين من تهديدات “السعيد بوتفليقة”، الذي سرب أنه في حالة إدانته فإنه سيكشف كل شي، وأن له وثائق وأوراق ستجر كبار الدولة الجزائرية عن بكرتهم و دون استثناء للمسائلة أمام الشعب، وأن تلك الحقائق قد تؤدي إلى ثورة لن تبقي و لن تذر…
يرجح العارفون أن تلك الوثائق مرتبطة بما تحصل عليه “السعيد بوتفليقة”، حين كان يحكم من وراء الستار و أمر بفصل جهاز DRS عن الجيش الجزائري و إلحاقه بمؤسسة القصر الرئاسي، و أنه تمكن خلال تلك الفترة من الحصول على ملفات كاملة عن الفساد المستشري في البلاد، بدءا من الصفقات العسكرية الفاسدة، إلى عمليات شراء لوبيات داخل الدول الأوروبية و أمريكا بملايير الدولارات، وأيضا توجيه أموال ضخمة من خزينة البلاد وتحويلها لاستثمارات خيالية بيد رجال أعمال جزائريين و قادة عسكريين في دول أوروبا، بالإضافة إلى اختلاسات بملايير الدولارات لميزانيات التسيير بالمدن والبلديات والمجالس والتدخل في شؤون دول إفريقية وتمويل حركات داخلها.
وصمت أسرة “بوتفليقة” عن الفساد الذي ينطلق من المؤسسة العسكرية إلى باقي مؤسسات البلاد لقي ترحيبا لدى “السعيد شنقريحة” الذي كافأه بإطلاق سراحه وتوجيه تعليماته للقضاء لمنحه البراءة الكاملة، وكذا تمكين “علي حداد”، مدبر الثروة “البوتفليقية” من البراءة والسماح له بالانتقال للعيش في فرنسا، في صفقة براءة غير معرفة التفاصيل…
كل هذا يطرح عديد التساؤلات عن التوقيت الذي يتزامن مع استعداد اللجنة الأولمبية المتوسطية كي تصدر حكمها على الجزائر بالفشل في تنظيم الأولمبياد المتوسطي، ويربط الجزائريون بين هذا الفشل وميراث عقدين من التدبير والتسيير المرتجل لأسرة “بوتفليقة” ومن حكم في فلكهم مدن وقرى الجزائر، ومروا بها من مرحلة البحبوحة التي لا تتكرر اليوم، دون التمكن من توفير بنية تحتية متكاملة يمكن الاعتماد عليها لتنظيم ألعاب ناجحة.
البراءة التي تحصل عليها “السعيد بوتفليقة” و “علي حداد”، يرى فيها الجزائريون إجراما بحق الرأي العام الجزائري وبحق الحراك الشعبي، الذي خرج في مسيرات لشهور طويلة متحديا الحرارة والصيام والوباء والغاز المسيل للدموع وهراوات الشرطة و السجون القاسية والاختطافات والمعاملة الحاطة من الكرامة…، و يضيف النشطاء عبر حساباتهم بمواقع التواصل الإجتماعي بأن المشاكل التي صادفها المنظمون في الألعاب تكفي لإعادة “سعيد بوتفليقة” و”علي حداد” إلى السجن لأعوام طويلة، بتهم إهمال البلاد والتلاعب بمصيره وتدمير بنيته التحتية التي تركتها فرنسا على أفضل حال، لأن ما يجري من فضائح في الألعاب المتوسطية يدعو إلى مراجعة السياسة العمومية في الجزائر وفتح ملفات الصفقات العمومية والتلاعبات بدفاتر التحملات،و….
كرة القدم والسباحة تتسبب في إذلال الجزائر
وأعلنت مصر هي الأخرى بعد إسبانيا و إيطاليا الانسحاب من منافسات كرة القدم والسباحة، بعد أن أبلغ الوفد المصري الذي زار الجزائر بأن البنية التحتية المتوفرة في الألعاب لا تسمح للأبطال المصريين بالمشاركة الناجحة، وهذا فيه إذلال وتنقيص من سمعة الجزائر، وقدراتها التنظيمية الكبيرة، رغم أن قصر المرادية أعلن في وقت سابق رصده أزيد من 800 مليون دولار من أجل إنجاح هذه الألعاب و منح الدورة الإشعاع الرياضي الكامل.
فضيحة “طواف الجزائر” للدراجات
زاد من تأزيم سمعة الجزائر رياضيا والإضرار بقدراتها على تنظيم هذه الألعاب، أنه خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، كانت وهران على موعد مع سباق الدراجات، “طواف الجزائر”، والذي شهد أحداثا غريبة، حيث خرج العديد من الدارجين عن المسار، وتاه بعضهم بين الأزقة، وتعرض البعض الآخر لحوادث سير بسبب تداخل الطواف مع حركة المرور وسط المدن الجزائرية التي عبرها المتسابقون، وانتشرت على مواقع التواصل عدة مقاطع لدارجين من دول أوروبية يتوسلون قنينات الماء من المنازل والدكاكين بسبب عدم توفير المنظمين لنقاط الأرصفة الخاصة بتزويد الدارجين بالماء والثلج، وهذا يدخل ضمن تفاصيل التنظيم المسلم بها، مما أثر سخط المتسابقين وانسحب جلهم قبل إكمال الطواف.
إهانة الجزائر بغياب الصرف الصحي ورعاية الأحصنة
تسببت الألعاب الأولمبية المتوسطية في إهانة الإسبان والإيطاليون دولة الحليف الجزائري، حينما أرسلوا وفودهم للإطلاع على مضامير السباق التي تخص الفروسية، وكشفت بعض المنابر الجزائرية عن وثيقة تضم مراسلة من الإتحاد الإسباني يسأل فيه السلطات الجزائرية عن الميناء المجهز لاستقبال الأحصنة المشاركة في الألعاب، ليفاجئ الإسبان بالرد الجزائري الذي يسأل عن القصد من الميناء المجهز لاستقبال الأحصنة، مما جعل الإتحاد الإسباني يستشير الخبير الدولي “فريديريك كوتشييه”، الذي انتقل إلى الجزائر بطلب من الاتحادات الفرنسية والإيطالية والإسبانية لمراقبة جودة المضامير، وظروف رعاية الأحصنة المشاركة، والذي أبلغ المنظمين في الجزائر بأن المضامير لا تستجيب للمعايير وأنها تشكل خطرا على صحة الأحصنة التي ستشارك و التي تتجاوز قيمة الحصان الواحد منها 5 ملايين أورو.
ورفضت الدولة الجزائرية هذا الرأي الذي قدمه الخبير الدولي وخرج “عبد العزيز درواز”، الناطق باسم الألعاب في الجزائر، يعتبر ما قاله “كوتشييه”، اتهامات كبيرة وخطيرة وأنها تدخل في إطار التآمر على الجزائر، إلا أن “سليمة سواكري”، التي عينها قصر المرادية ضمن لجنة التنظيم، قسمت ظهر النخوة الجزائرية وهي تعلن في ندوة صحفية بأن قرية الألعاب لم تربط بعد بقنوات الصرف الصحي، رغم أن الحدث كان حينها قد أوشك على الانطلاق والمنافسات ستبدأ بعد أيام قليلة وقتها، وأن الوفود بدأت في الوصول إلى مطارات الجزائر…، وردا على هذا التصريح أطلق النشطاء وسما يطالبون من خلاله بإيقاف المهزلة أو بتأجيل موعد الألعاب…، تجنبا لفضيحة أكبر من تلك التي حدثت خلال مراسيم القرعة حينما اختلط اسم إسبانيا بدولة صربيا.