ستسلم جنوب إفريقيا في الأسابيع المقبلة، معدات عسكرية جديدة لمرتزقة قصر المرادية “البوليساريو” التي تواجه صعوبات كبيرة بسبب تفوق قدرات القوات المسلحة الملكية.
وبدأت الجزائر منذ بداية عام 2022، مفاوضات سرية مع بريتوريا بهدف تسليم مرتزقتها أسلحة جديدة.
وكان العديد من كبار المسؤولين والدبلوماسيين في جنوب إفريقيا مترددين في البداية، مفضلين دعم “فضيحة العسكر الجزائري” عبر القنوات الدبلوماسية فقط. ولجأت الجزائر إلى بعض الأعضاء المؤثرين في اللجنة التنفيذية لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم الذي يدعم أطروحة الجزائر بالمقابل المادي الذي يُصرف لهم من خزينة مال الشعب الجزائري، قصد الموافقة على “الصفقة” القاضية بتسليح المرتزقة.
ودعم المغرب من جهة أخرى حزب المؤتمر الوطني الحاكم حاليا في جنوب إفريقيا بالمال والسلاح وتدريب جناحه المسلح في كفاحه ضد نظام الفصل العنصري (الأبارتيد). وكان الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا قد زار المغرب عام 1962، والتقى الدكتور عبد الكريم الخطيب الذي كان آنذاك وزير دولة مكلف بالشوؤون الإفريقية، وطلب منه دعمه بالمال والسلاح وتدريب جنود حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وهو ما استجاب له المغرب بدون تردد.
وغادر مانديلا السجن في 11 فبراير 1990، بعد أن قضى 28 سنة من حياته داخل الزنزانة.
وأصبح مانديلا في 27 أبريل 1994، رئيساً لجنوب افريقيا. وفي 27 أبريل 1995 وأثناء إلقائه خطابا للاحتفال بحركة المقاومة المسلحة وكفاح المؤتمر الوطني الافريقي من أجل تحرير جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصري، نوه مانديلا بالدكتور الخطيب ودوره في دعم بلاده.
وقال “هناك رجل قام برحلة طويلة ليلتحق بنا في هذه الاحتفالية، إنه أحد المناضلين الكبار وكان وزيرا في حكومة بلاده مكلفا بالشؤون الافريقية، وقد قمت بزيارة لبلده في سنة 1962 وقلت له آنذاك “أريد أن اقابل جلالة الملك”، وسألني: لماذا؟ وقلت: إننا أنشأنا جيشا، ونريد ان ندرب جنودنا ونريد اسلحة وأموالا”. وتابع مانديلا: “وقال لي إنه يتفهم جيدا مغزى ومضمون مهمتي، لأنه بكل بساطة عاش هو كذلك نفس الأوضاع مثلنا، وقال لي اذهب رفقة رجالك إلى العاصمة دار السلام، وسأرسل طائرة لنقلهم إلى بلادي، وساعمل على تدريبهم”.
وواصل مانديلا حديثه “لقد سألني عن نوع الاسلحة التي نريدها، وأين تريدون تسلمها؟، واطلعته على بعض التفاصيل وقلت له أن يرسلها إلى دار السلام. وقال لي أي مبلغ تريدون؟ وقلت له: أريد 5000 ليرة بريطانية، وكانت 1000 ليرة حينها تعادل ما يقرب المليون يومنا هذا”. واستطرد مانديلا ” قال لي: إرجع غدا، عند حدود التاسعة، ورجعت على الساعة الثامنة صباحا، وقال لي: هذا مبلغ 5000 ليرة الذي طلبته، ولست في حاجة إلى وصل يؤكد تسلمها، أريدك أن تذهب وتضعها في حسابك البنكي بلندن. وبعد ذلك سألني سؤالا آخر: ألا تزال تريد رؤية جلالة الملك؟ وقلت له: لا”.
إثر ذلك خاطب مانديلا الحضور قائلا “أقدم إليكم الدكتور الخطيب من المملكة المغربية…أريدكم ان تحيوه بحرارة مرة أخرى”.